الجزائر تعزز حضورها في ليبيا من بوابة الاقتصاد

الجزائر – ضاعفت الجزائر من وتيرة اتصالاتها وتحركاتها مؤخرا لتعزيز حضورها في الجارة ليبيا، خاصة على المستوى الاقتصادي، بعد تراجع ملحوظ شاب العلاقات الاقتصادية بين البلدين خلال السنوات الماضية.
وتحتضن الجزائر حتى الاثنين أعمال المنتدى الاقتصادي الليبي الذي ينظم بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، وبحث فرص الشراكات الثنائية المتاحة، ويشارك فيه زهاء 150 مستثمرا ليبيا و250 جزائريا.
ويتزامن المنتدى الاقتصادي مع زيارة لرئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة إلى الجزائر، هي الأولى منذ تسلمه مهامه في 16 مارس الماضي، لقيادة ليبيا إلى انتخابات عامة أواخر العام الجاري.
وفي أول نتائج المنتدى، اتفق الجانبان على إنشاء منطقة تجارية حرة بين ليبيا والجزائر وفتح المعبر الحدودي دبداب - غدامس الذي يربط بين البلدين، وإبرام اتفاق بين البنك المركزي الليبي والبنك المركزي الجزائري لتسهيل الإجراءات البنكية لصالح الطرفين، قصد تشجيع المبادلات التجارية والتعاون الاقتصادي الثنائي.
وتراهن الجزائر على الاستقرار في ليبيا لإنعاش اقتصادها المتدهور، وتعتبر السوق الليبية اليوم سوقا استراتيجية واعدة للجزائر، خاصة بعد التقدم الذي شهده المسار السياسي الليبي.
وتتوقع السلطات الجزائرية أن تصل المبادلات التجارية مع ليبيا إلى 3 مليارات دولار مقابل 65 مليون دولار حاليا.
وكان وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم أكد أن المنتدى الاقتصادي شكل آخر لا يقل أهمية عن الدعم السياسي والأمني الذي تقدمه الجزائر إلى ليبيا، مشيرا إلى أن طموح بلاده في الشراكة المنشودة مع ليبيا أكبر من أن يقتصر على الرفع من قيمة المبادلات التجارية، وإنما يتخطى إلى تشجيع تدفق الاستثمارات المباشرة المتبادلة والاشتراك في رأس مال المؤسسات، وغير ذلك من الآليات الكفيلة للاستغلال الأمثل لفرص التبادل بين بلدينا.
وبلغت المبادلات التجارية مع ليبيا 59 مليون دولار خلال 2020، وهو رقم يبقى ضئيلا مقارنة بالإمكانيات المتاحة للبلدين، وفي المقابل، لا يوجد ما يؤشر على أن ليبيا استفادت من علاقاتها التجارية مع الجزائر في ظل تركيزها الكامل على قطاع الطاقة.
واقتصر تواجد المنتجات الجزائرية في ليبيا خلال السنوات الماضية على بعض الكميات المحدودة من المواد الغذائية، فيما شهدت بقية المنتجات تراجعا كبيرا مرده تذبذب الوضع الأمني في ليبيا.
وتشهد الجزائر أزمة اقتصادية بفعل تراجع إيرادات النفط والغاز والتجاذبات السياسية، التي عاشتها البلاد والتي أججت احتجاجات شعبية، ورفعت في سقف المطالب الاجتماعية قبل إجراء أول انتخابات بعد الإطاحة بنظام عبدالعزيز بوتفليقة، وأفضت إلى فوز عبدالمجيد تبون بالرئاسة.
وتصاعدت وتيرة الاحتجاجات الاجتماعية في عدد من المدن الجزائرية خلال الأشهر الماضية، بشكل يبرز حجم الأعباء التي تثقل كاهل الحكومة وعجزها عن تلبية الاحتياجات المتنامية للمجتمع، مما يجعل تلك الاحتجاجات بؤرا مغذية للأزمة السياسية التي تتخبط فيها منذ أكثر من عامين.
وخلال الشهر الحالي رسم صندوق النقد الدولي صورة قاتمة عن الاقتصاد الجزائري، وتوقّع أن يبلغ إجمالي الدين العام مقابل الناتج المحلي الخام في الجزائر خلال العام الجاري أكثر من 63 في المئة، فيما سيقدر إجمالي الدين العمومي الصافي بحوالي 60.5 في المئة هذا العام.
وتدفع هذه المؤشرات والأوضاع الحرجة الجزائر إلى البحث عن أسواق خارجية، خصوصا في محيطها المغاربي، تمكنها من تعزيز التعاون في مجالات مختلفة، من بينها الطاقة والمنتجات الفلاحية والمواد الغذائية والآلات الصناعية والفلاحية والصحة والمنتجات الصيدلانية والسياحة ومكاتب الدراسات والخدمات وغيرها.
وقبل أسابيع بحث مسؤولون نفطيون جزائريون وليبيون، إمكانية استئناف نشاط شركة النفط الجزائرية "سوناطراك" في ليبيا، التي تراجعت صادراتها بنسبة 41 في المئة خلال العام 2020.
وكانت الشركة الجزائرية علقت نشاطها في ليبيا أول مرة في 2011، وعادت إلى النشاط في 2012، قبل أن تتوقف ثانية في 2015 بسبب تدهور الوضع الأمني في البلاد تحت تداعيات "القوة القاهرة".