الجزائر تطرق أبواب الشراكة في الطاقة النظيفة مع أفريقيا

محاولات للحاق بركب المغرب في ترسيخ دعائم المشاريع المستدامة.
الجمعة 2022/05/27
صحيح أنها مزرعة شمسية شاسعة لكنها لا تكفي

بدأت الجزائر بعد سنوات من التلكؤ في طرق أبواب الشراكة مع دول أفريقيا لاستكشاف الفرص الواعدة في قطاع الطاقة النظيفة ضمن طموحاتها التي بدأت تظهر قبل عامين في مسعى لاستنساخ تجارب دول المنطقة التي فهمت مبكرا مدى أهمية الاستثمار في هذا المجال وتطويره.

الجزائر - كشفت الجزائر عن نواياها للدخول في شراكات مع دول أفريقيا في مجال الطاقة المستدامة وكل ما يرتبط بها أملا في اللحاق بركب دول شمال أفريقيا، باستثناء ليبيا وموريتانيا، والتي سبقتها بأشواط في هذا المجال من خلال التعاون مع دول القارة.

وأدرك المسؤولون متأخرا أن السير في هذا الطريق سيجنب البلد الذي مر بسلسلة أزمات اقتصادية ومالية خلال السنوات الماضية من الوقوع في فخ معضلة توفير الكهرباء مرة أخرى خاصة وأن الاتجاه العالمي يستدعي اتخاذ إجراءات تشجع على الاستثمار فيه.

وساهم نموذج كل من المغرب ثم مصر والمتعلق بترسيخ دعائم الطاقة النظيفة في تثبيت ركائز التجارب الأفريقية بالقطاع خاصة وأن استراتيجيتهما تعتمدان على التوسع للتأقلم مع التحول العالمي نحو اعتماد أسس للاستهلاك الصديق للبيئة.

محمد بلحسين: ثمة فرص لإقامة شراكات في القطاع منها التدريب

وفي خطوة تعطي لمحة عن مساعي الجزائر الرامية إلى القطع مع الماضي في إدارة هذا الملف، بحث وزير الانتقال الطاقي والطاقات المتجددة بن عتو زيان خلال اجتماع مؤخرا مع مفوض التعليم والعلوم والتكنولوجيا والابتكار لدى الاتحاد الأفريقي، محمد بلحسين، إمكانيات التعاون بين الطرفين في هذا المضمار.

ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية عن الوزارة قولها في بيان إن زيان “قدم الخطوط العريضة لبرنامج قطاعه”، وتطرق إلى “سياسة التنمية الجديدة التي تريد الجزائر اتباعها تجاه دول القارة، ومدى رغبتها في العمل لضمان أمن الطاقة والغذاء والماء”.

واعتبر بلحسين أن زيارته إلى الجزائر شكلت فرصة لاستكشاف إمكانية التعاون مع الجزائر لإقامة شراكات في العديد من المجالات المرتبطة بقطاع الطاقة البديلة منها التدريب والتأهيل.

ولم يكشف المسؤول الأفريقي تفاصيل إضافية حول إمكانية إقامة مشاريع مشتركة سواء في الجزائر أو دول في القارة لإنتاج الكهرباء من المصادر النظيفة.

وتعتبر الجزائر من أغنى الدول بمصادر الطاقة البديلة، حيث يتراوح معدل الإشعاع الشمسي بأراضيها ما بين ألفين إلى 3900 ساعة سنويا، وما يعادلها بين 5.1 كيلوواط في الساعة إلى 6.6 كيلوواط في الساعة، بحسب التقديرات الحكومية.

ويمتلك البلد النفطي أحد أكبر الحقول الشمسية في العالم بما يكافئ 60 مرة استهلاك الاتحاد الأوروبي للكهرباء سنويا، علاوة على طاقة الريح في الجنوب، بحيث يمكن إقامة منشآت وربطها بشبكة الشمال لتحقيق إنتاج إجمالي من واحد إلى اثنين جيغاواط.

وخلال السنوات الأخيرة بدأت السلطات في تنفيذ البعض من المشاريع ذات القدرات الإنتاجية المحدودة والمتوسطة، وبطاقة اقتربت بنهاية العام الماضي من 1450 ميغاواط.

ومن بين الطاقات المستهدفة 13.5 ألف ميغاواط من الطاقة الشمسية الكهروضوئية، أي أكثر من نصف الطاقات الإضافية المقررة.

وتتطلع الحكومة إلى إنتاج 15 ألف ميغاواط بحلول عام 2035، لتكون بديلا للمصادر التقليدية التي رهنت اقتصاد البلاد، لاسيما في ظل البيانات المحفزة التي تضعها في صدارة الأحواض العالمية المنتجة للطاقة الشمسية.

لكن الخبراء يقولون إن الخطوات بطيئة جدا مقارنة بالمغرب، إذ لا زالت الجزائر تعتمد بشكل مفرط على الوقود الأحفوري في تلبية احتياجات القطاعات الاقتصادية من الطاقة.

15 ألف ميغاواط تستهدف الجزائر إنتاجها من المصادر النظيفة بحلول العام 2035

وتظهر الأرقام الحكومية أن النفط والغاز الطبيعي ساهما بما نسبته 98.7 في المئة من إجمالي الاستهلاك في عام 2019.

ورغم التجارب الرائدة التي حققتها عدة دول في مجال الطاقة المتجددة، فإن الحكومات الجزائرية المتعاقبة لم تحقق تطورا ملحوظا في هذا المجال، بسبب غياب الهندسة التقنية.

ويتمثل التحدي الرئيسي بالنسبة إلى الحكومة الحالية في أن الطلب المحلي على الكهرباء آخذ في الارتفاع، في ظل النمو الديموغرافي لبلد يضم أكثر من 40 مليون نسمة.

وبحسب دراسة لمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، والذي يتخذ من أبوظبي مقرا له، تهدف الجزائر إلى إنتاج ما لا يقل عن 22 ألف ميغاواط من الكهرباء عبر المصادر المستدامة بنهاية العقد الحالي.

ومن أبرز مشاريع إنتاج الطاقة الشمسية التي تعكف الحكومة على تنفيذها مشروع “تافوك1″، الذي سيتألف من عدة محطات بقدرات إجمالية تبلغ حوالي 4 جيغاواط.

وقبل عدة أعوام كانت بيئة الاستثمار غير ناضجة إلى حد بعيد، على نحو أدى إلى إحجام الشركات عن الاستثمار بالبلاد، رغم توقيع الحكومات السابقة عدة اتفاقات استثمارية مع شركات كبرى مثل توتال الفرنسية وإيني الإيطالية وغيرها.

وكانت البيروقراطية والفساد سببا رئيسيا في تعطل إقامة مشاريع للطاقة المستدامة، وهو الأمر ذاته الذي وقف حجر عثرة أمام تطوير العديد من القطاعات الأخرى.

ولكن منذ التحول الذي شهدته البلاد، اندفعت السلطات في 2019 لإنشاء مكتب للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة يسمى “المحافظة للطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية”، يتولى مسؤولية اعتماد استراتيجية لتطوير الطاقة المتجددة محليا مع وضع سياسات لإنجاحها.

وفي العام نفسه أطلقت الجزائر أطلسا مكونا من ستين خارطة تحدد مواقع إمكانات الطاقة المتجددة، بما في ذلك الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الحرارية الأرضية وطاقة الكتلة الحيوية.

10