الجزائر تسعى إلى اللحاق بموجة البنوك الرقمية

الجزائر – قررت السلطات النقدية في الجزائر السماح بنشاط البنوك الرقمية في تحول سيعزز من نشاط النظام المصرفي، بما يحقق أهداف خطط تطوير النظام المالي، وفي الوقت نفسه التعويل بشكل أكبر على التكنولوجيا في تقديم الخدمات.
وتبدو مسألة رقمنة الاقتصاد المعتمد على عوائد النفط والغاز بشكل كبير إحدى أهم الخطوات التي يفترض أن تركز عليها السلطات في الوقت الحالي لمكافحة الفساد، الذي ينشأ داخل بيئة القطاع الموازي، وبالتالي قطع الطريق أمام المتعاملين معه بشكل كامل.
ويرى المختصون أن اعتماد التكنولوجيا المالية سيتيح للسلطات معرفة تحركات الأموال، التي تدور في السوق السوداء للعملة على وجه التحديد.
وتتباين تقديرات حجم الاقتصاد غير الرسمي بشكل كبير، فالمسؤولون في الحكومات السابقة لم يعطوا أرقاما دقيقة وسط شكوك حتى من وزراء المالية في الأرقام المعلنة، لكن التقديرات تشير إلى أنها تصل إلى 40 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي.
30
في المئة من رأس المال يملكها البنك الرقمي، ويجب أن تكون الأكبر قياسا بالمساهمين
وسبق أن أكد الرئيس عبدالمجيد تبون قبل أربع سنوات أن الكتلة المالية المتداولة في السوق الموازية بكل أنواعها تعادل نحو 90 مليار دولار.
وكانت حكومة عبدالمالك سلال قد أشارت في مارس 2015 إلى أنها تبلغ قرابة 40 مليار دولار، بينما قدرتها حكومة أحمد أويحيى في سبتمبر 2017 بنحو 19 مليار دولار.
وفي السنوات الأخيرة شرعت العديد من البنوك في العالم وأيضا في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في الإمارات والسعودية والكويت ومصر والمغرب، في تطوير الخدمات المصرفية الرقمية بما في ذلك التحول إلى إنشاء بنوك رقمية.
وقامت العديد من البنوك المركزية بتشجيع هذا التوجه لعدة أسباب، من أهمها مواكبة التطورات المالية الرقمية وتطوير خدمات أكثر تلبية لاحتياجات الزبائن وزيادة معدلات الشمول المالي.
وعلاوة على ذلك، يوفر إمكانية مراقبة الأموال التي تتم من حيث الاستقبال أو التحويل داخل القطاع المصرفي بصورة لحظية.
كما أن التحول الرقمي خاصة نماذج البنوك الرقمية المدعومة بالتقنيات الحديثة، يثير معالجة قضايا الإطار التنظيمي وكيفية تنظيم هذه الخدمات.
وفي مسعى للحاق بهذه الثروة المالية التكنولوجية، نشر البنك المركزي الجزائري هذا الأسبوع ضوابط جديدة باعتماد البنوك الرقمية، وكذلك شروط ترخيص واعتماد البنوك والمؤسسات المالية، وذلك في إطار تطبيق إجراءات القانون النقدي والمصرفي 2023.
وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أن محافظ المركزي صلاح الدين طالب وقّع على قرارين يتعلق الأول بشروط ترخيص إنشاء واعتماد بنك ومؤسسة مالية، والثاني يتعلق بالشروط الخاصة بإنشاء واعتماد ونشاط بنك رقمي.
وفي ما يخص البنوك الرقمية، فإن الجهة التي تريد إطلاق مؤسسة تعتمد على التكنولوجيا المالية، فهي مطالبة بتوجيه طلب ترخيص إنشاء هذا النوع من البنوك إلى رئاسة المجلس النقدي والمصرفي مرفوقا بملف من نسختين واحدة منهما نسخة رقمية.
تأسيس البنوك الرقمية سيكون بنفس الشروط الخاصة بإنشاء البنوك التقليدية، وليس في شكل فرع لبنك أجنبي
كما يجب أن يتضمن الملف العديد من الوثائق منها عرض توضيحي للمشروع يتكون من عرض عن الرؤية والأهداف الإستراتيجية وإبراز أهم الدوافع بموجب مشروع القوانين الأساسية والدراسة التقنية والاقتصادية المتعلقة بالمشروع المأمول.
وإلى جانب ذلك، يجب على الجهة المعنية تقديم وصف وجيز للتدابير المحددة المنصوص عليها في القانون الجاري به العمل، وآلية المراقبة الداخلية وتسيير الأخطار وآلية الوقاية ومكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل.
ومن المقرر أن يحصل المستثمر المحتمل لإنشاء بنك رقمي على رخصة في غضون عام ابتداء من تاريخ الإشعار بترخيص الإنشاء ليودع لدى البنك المركزي طلب الاعتماد من أجل السماح للبنك الرقمي ببدء النشاط.
وتطبق على البنوك الرقمية نفس الشروط الخاصة بتأسيس البنوك والمؤسسات المالية، لكن يمنع تأسيسها في شكل فرع لبنك أجنبي حسب هذا النظام. كما يجب أن يكون ضمن مساهمي البنك الرقمي بنك خاضع للقانون الجزائري يتمتع بخبرة في مجال الخدمات البنكية عبر الإنترنت.
وبموجب القوانين التي صدرت في نوفمبر الماضي، يجب أن يملك البنك الرقمي ما لا يقل عن 30 في المئة من رأس المال، دون أن تبلغ الحصة الفردية لكل مساهم من المساهمين الآخرين وأطرافهم المرتبطة هذه النسبة.
ولا يزال البلد العضو في منظمة أوبك مثل العديد من الدول العربية، كالعراق وليبيا وموريتانيا ولبنان والسودان واليمن، يواجه صعوبات وتحديات لاعتماد التكنولوجيا المالية وتوسيعها بسبب ضعف البنية التحتية للاتصالات وقلة الاستثمارات. ويصنف الاتحاد الدولي للاتصالات الجزائر في المركز الـ88 من بين 169 دولة على مؤشر تنمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لعام 2023.