الجزائر ترفض طلبا فرنسيا لزيارة الكاتب بوعلام صنصال

باريس - أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الثلاثاء أن الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال، المعتقل في الجزائر، خرج من المستشفى وعاد إلى السجن.
وأفاد الوزير جان-نويل بارو في مقابلة أجرتها معه إذاعة "سود راديو" بأن "بوعلام صنصال غادر المستشفى قبل أيام وعاد إلى السجن حيث كان معتقلا قرب الجزائر" العاصمة، مشيرا إلى أن باريس تلقت المعلومات من زوجة الكاتب وأن السلطات الجزائرية رفضت الطلب الفرنسي بالقيام بزيارة قنصلية.
وأعرب بارو عن "قلقه البالغ إزاء صحة" الكاتب لأنّه "مريض". وقال "إنّه على اتصال بزوجته التي تزوره مرة في الأسبوع، زوجته التي نحن على اتصال معها، وأيضا مع محاميه. وبهذه الطريقة، نحصل على أخبار عنه".
وعندما سئل عن اقتراحه بالذهاب إلى الجزائر لمناقشة الأمر مع السلطات الجزائرية الذي قدمه قبل أيام قليلة، أجاب بارو "لقد قلت إنّني مستعد عندما يحين الوقت لمناقشة كافة المواضيع وأبعاد علاقتنا التي أتمنّى أن تهدأ لأنّها الطريقة الوحيدة لخدمة الشعب الجزائري والشعب الفرنسي".
وأعرب جان-نويل بارو عن أمله أيضا في أن "يتمكّن القضاء الجزائري من اتخاذ قرار في أسرع وقت ممكن" بشأن الكاتب.
وبوعلام صنصال، البالغ 75 عاما، مسجون في الجزائر منذ منتصف نوفمبر ويحاكم بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات التي تعاقب على "كل عمل يستهدف أمن الدولة أو وحدتها أو استقرارها أو حسن سير عمل المؤسسات، على أنه عمل إرهابي أو تخريبي".
وأفادت صحيفة "لوموند" الفرنسية اليومية بأن السلطات الجزائرية استاءت من تصريحات صنصال لوسيلة "فرونتيير" الإعلامية الفرنسية المؤيدة لليمين المتطرف والتي تبنى فيها موقف المغرب القائل إن مساحة البلاد اقتُطع منها في حقبة الاستعمار الفرنسي لصالح الجزائر.
ويقول محامي صنصال الفرنسي، فرانسوا زيمراي – بحسب صحف فرنسية – إن اتهامات الجزائر "خطيرة جداً"، وقد تؤدي إلى عقوبات مشددة في حق موكله.
ولا يزال صنصال رهن الاحتجاز، ولم تُعلن السلطات الجزائرية عن موعد لمحاكمته أو تفاصيل إضافية حول قضيته.
وأثار توقيف صنصال ردود فعل محلية ودولية واسعة، وانتقدت عدة منظمات حقوقية اعتقاله، مطالبة السلطات الجزائرية بالإفراج الفوري عنه.
وأدى توقيف صنصال إلى أزمة سياسية جديدة بين الجزائر وفرنسا التي تشهد علاقتهما توترات بالأساس، ففي حين صعّدت فرنسا من حدة انتقادها للسلطات الجزائرية على خلفية اعتقال صنصال، اتهم الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الكاتب الجزائري الفرنسي بـ"المحتال والمبعوث من فرنسا".
وقضية صنصال ليست هي من فاقمت توتر العلاقات بين باريس والجزائر، بل هي ملف من الملفات الأخرى والتراكمات بين البلدين، ومن بينها الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء وهو ما أغضب السلطات الجزائرية بشدة.
وسحبت الجزائر سفيرها من باريس في يوليو بعد تبني الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المقترح المغربي بمنح حكم ذاتي للصحراء المغربية المتنازع عليها تحت سيادة المملكة.
وتقوم السلطات الجزائرية، باستخدام ملف الذاكرة مع فرنسا بين الحين والآخر، إذ تقول السلطات الجزائرية أنها تسعى لحل القضايا العالقة مع فرنسا، لكنها في الحقيقة تستخدم هذا الملف من أجل أجندة سياسية لمصالح خاصة بالسلطة على.
وفي ظل تلك العلاقات المعقدة بين الجزائر وفرنسا، يقول محامي صنصال، فرانسوا زيمراي إن "العلاقات السيئة بين الجزائر وفرنسا تزيد من تعقيد القضية، حيث أصبح صنصال كبش فداء لهذا النزاع الدبلوماسي".
لكن الانتقادات للجزائر لم تنحصر في قضية صنصال فقط مؤخرا، ففي ديسمبر الماضي، أثار توقيف عدد من النشطاء في الجزائر من بينهم مانيش راضي وعبدالوكيل بلاّم بسبب منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ردود فعل واسعة، فيما تشهد الجزائر تراجعا كبيرا على مستوى حريات الرأي والتعبير في البلاد.
وقال رئيس حزب جيل جديد سفيان جيلالاي في مقابلة مع قناة "بي بي سي" إنه منذ حراك عام 2019 شهدت الجزائر تضييقاً كبيراً في حرية التعبير والصحافة، بسبب "المناخ الذي ساد بعد ذلك الحراك الذي تخللته بعض المحاولات لزعزعة استقرار الدولة"، مؤكداً أن هذا "التضييق والتشديد على مراقبة عمل الصحف والإعلام والأحزاب مبالغ فيه".