الجزائر ترد على إسبانيا بالتراخي في التصدي للهجرة غير الشرعية

الجزائر- حولت الجزائر ظاهرة الهجرة السرية نحو إسبانيا إلى ورقة ضغط على مدريد، في إطار الصراع القائم بين البلدين بسبب خلافات دبلوماسية، وذلك بالتراخي عن مراجعة مراقبة ومحاربة قوافل المهاجرين السريين الذين يقصدون السواحل الإسبانية انطلاقا من سواحل الجزائر سواء كانوا من مواطنيها أو من جنسيات أفريقية.
واتهم مركز دراسات إسباني الجزائر بوقف التعاون مع بلاده في مجال الهجرة السرية منذ اندلاع الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، على خلفية دعم مدريد لمقاربة الحكم الذاتي المغربية كأرضية للحل في قضية الصحراء.
ودعا مركز “ريال إيلكانو”، المختص في تقديم الاستشارات للحكومة ولمختلف المؤسسات الرسمية في إسبانيا، إلى “ضرورة لجوء مدريد إلى معالجة ملف الهجرة السرية مع الجزائر في إطار الاتحاد الأوروبي وليس بشكل ثنائي، بعدما باتت الأزمة القائمة تشكل عائقا كبيرا، كما أن الاتحاد الأوروبي يشكل ثقلا كبيرا للضغط على الجزائر”.
لجوء إسبانيا إلى معالجة ملف الهجرة السرية مع الجزائر في إطار الاتحاد الأوروبي الذي يشكل ثقلا كبيرا للضغط عليها
وذكر في الوثيقة التي حملت عنوان “الأزمة بين إسبانيا والجزائر وتأثيرها في علاقات الهجرة ” أن “الجزائر فاعل رئيسي في السياسة الإسبانية لإدارة تدفقات الهجرة من أفريقيا، حيث ظل التعاون بين البلدين موجودا منذ سنوات عديدة، مما أدى إلى انخفاض الهجرة غير النظامية من الجزائر إلى إسبانيا”، لكن هذا التعاون توقف بعد تغيير موقف الحكومة الإسبانية من قضية الصحراء.
ويدفع الإسبان باتجاه توسيع ملف الهجرة ونقله إلى الاتحاد الأوروبي، في ظل غياب فرص التشاور بين الحكومتين، ولاعتقادهم أن ثقل الاتحاد هو الملاذ الوحيد من أجل الضغط على الجزائر للإبقاء على الالتزامات السابقة في هذا الشأن، خاصة وأن الطرفين يرتبطان باتفاق شراكة أبرم في عام 2005.
وتصاعد تدفق المهاجرين السريين القادمين من الجزائر نحو إسبانيا، وأغلب هؤلاء يعتبرون مدريد نقطة عبور قبل التوجه إلى فرنسا للاستقرار فيها بسبب الظروف الاجتماعية والتاريخية التي تجمع البلدين.
وعزا المركز تغاضي الجزائر عن محاربة الهجرة السرية محاربة حقيقية -خاصة منها القادمة من أفريقيا- إلى “رغبتها في عدم إزعاج الدول الأفريقية باتفاقيات إعادة المهاجرين، فضلا عن أن المتضرر من الهجرة الأفريقية هو المغرب، لأن الجزائر تبقى نقطة عبور فقط”.
ويبدو أن الجزائر التي أطلقت حزمة إجراءات دبلوماسية واقتصادية تجاه إسبانيا، مصرة على الذهاب بعيدا في الضغط على الإسبان، بسبب موقف حكومتهم الذي أيد الطرح المغربي في حل نزاع الصحراء، ولذلك يتم التغاضي عن ظاهرة الهجرة السرية خلال الأشهر الأخيرة، الأمر الذي يشكل عبئا إضافيا على مدريد التي تنوي رفع انشغالاتها المقلقة مع الجزائر إلى الاتحاد الأوروبي.

وكانت إسبانيا قد طرحت في قمة الحلف الأطلسي في مدريد منذ أسبوعين، ضرورة معالجة الهجرة وفق منظور أمني رادع، لوقف قوافل المهاجرين السريين الوافدة إلى سواحلها ومنها إلى عموم أوروبا.
كما ذكر تقرير إسباني أن وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس سيتوجه إلى بروكسل لبحث الأزمة الدبلوماسية مع الجزائر مع نائب رئيس المفوضية الأوروبية للتجارة والاقتصاد فالديس دومبروفسكيس، وهو ما يعكس الرغبة الجامحة لمدريد في نقل الأزمة الثنائية إلى أزمة إقليمية بين الجزائر والاتحاد الأوروبي.
وكانت الجزائر قد أعلنت عن تعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون، وتجميد المعاملات التجارية، واتهمت الحكومة الإسبانية بتبني موقف يتنافى مع حيادها التاريخي في ملف الصحراء.
وأكدت الحكومة الجزائرية التزامها بالاتفاقيات المبرمة بين الطرفين في مجال الطاقة، وعبر الرئيس عبدالمجيد تبون، ومختلف المسؤولين عن احترام بلادهم لذلك، غير أن شركة سوناطراك باشرت عملية مراجعة لأسعار الغاز مع عدد من الزبائن على غرار فرنسا وإسبانيا.
وذكرت تقارير دولية أن تدفقات الغاز الجزائري نحو إسبانيا سجلت تراجعا في الآونة الأخيرة، مما جعلها تتراجع إلى الممون الثالث في سلم الممونين بعد الولايات المتحدة وروسيا، في حين لم يصدر أيّ توضيح من الجزائر بشأن التراجع المذكور، إذا كان أمرا عارضا أم هو بسبب عوائق التموين بعد غلق الأنبوب المار عبر المغرب، أم راجع إلى تقليص متعمد.