الجزائر تجدد مساعيها لرأب الصدع مع دول الساحل

إطلاق زخم دبلوماسي لتفعيل علاقات العمق الأفريقي.
السبت 2024/12/14
اهتمام جزائري بعمق أفريقيا

جددت السلطات الجزائرية استعدادها لمساعدة بوركينا فاسو من أجل تحقيق الأمن والاستقرار، في خطوة عكست حسب المراقبين مساعي لإطلاق زخم دبلوماسي وتفعيل العلاقات مع دول الساحل الأفريقي.

الجزائر - أعربت كاتبة الدولة لدى وزير الخارجية الجزائري المكلفة بالشؤون الأفريقية سلمى بختة منصوري، عن استعداد بلادها لمساعدة بوركينا فاسو من أجل تحقيق الأمن والاستقرار، وهي رسالة أولى منذ دخول واغادوغو في تحالف لحكومات الساحل يناهض الجزائر، ويعكس رغبة الأخيرة في رأب الصدع مع دول المنطقة، خاصة في ظل الأخطار المتصاعدة التي تضعها في خانة المناطق المعرضة للانفجار.

وصرحت كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية المكلفة بالشؤون الأفريقية، بأنّ “الجزائر وبوركينا فاسو تبليان حسنا في التعاون الثنائي” وذلك على هامش تسليمها رسالة من الرئيس عبدالمجيد تبون إلى نظيره البوركينابي إبراهيم تراوري.

وفيما لم يكشف عن محتوى الرسالة النادرة خلال السنوات الأخيرة، رغم عضوية بوركينا فاسو في تحالف دول الساحل المنسحب من منظمة “ايكواس” والمنقلب على علاقاته التاريخية مع الجزائر، فإن نية كتابة الدولة للشؤون الأفريقية التي استحدثت في التعديل الحكومي الأخير، تبرز رغبة الجزائر في إيلاء علاقاتها القارية أهمية وزخما جديدين.

وقالت سلمى بختة منصوري، في تصريحها، “يجب على البلدين أن يعملا على تعزيز التعاون أكثر”، وإنه تم التطرق خلال لقائها مع الرئيس إبراهيم تراوري “إلى سبل تعزيز التعاون في مختلف القطاعات، مثل التعاون الأكاديمي وتنمية القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والقضايا الإنسانية.”

وأضافت “ندرك الوضع العام، ليس فقط في بوركينا فاسو، وإنما أيضا في منطقة الساحل، وأن الجزائر مستعدة لدعم جهود بوركينا فاسو في إطار مكافحة الإرهاب، والحفاظ على الاستقرار الوطني والإقليمي.”

الدبلوماسية الجزائرية أبرزت اهتماما لافتا بتفعيل علاقاتها الأفريقية، من خلال زيارات وزير خارجيتها إلى بعض العواصم

وتابعت “شعرت منذ اليوم الأول وكأنني في وطني، وأردت أن أنقل ذلك أيضا لرئيس الدولة، بأن شعب بوركينا فاسو يمتلك خصوصية مميزة، لقد أعجبت بقيم الكرامة والحرية والصمود والكفاح المستمر لتأكيد سيادته.”

ورغم مواقف حكومات المنطقة المناهضة لما وصفته بـ”الوجود الجزائري في المنطقة”، فإن الرئيس الجزائري عبّر في تصريح لوسائل إعلام محلية بأن “بلاده تحترم إرادة الماليين في المقاربة السياسية التي يريدونها لحل أزمة بلادهم، بما فيها التخلي عن اتفاق المصالحة الوطنية الذي ترعاه منذ العام 2015.”

وأبرزت الدبلوماسية الجزائرية في الآونة الأخيرة اهتماما لافتا بتفعيل علاقاتها الأفريقية، حيث قاد وزير الخارجية أحمد عطاف جولة إلى بعض العواصم حاملا معه رسائل من الرئيس تبون إلى بعض الرؤساء الأفارقة على غرار أوغندا وبورندي.

وقالت الوزارة إن “الوزير أحمد عطاف أبلغ الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني تحيات رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون، حيث أكد له تطلعه إلى مواصلة جهودهما المشتركة الرامية إلى الارتقاء بالعلاقات الجزائرية – الأوغندية إلى أسمى المراتب المتاحة.”

وأضافت “اللقاء شكل فرصة لاستعراض النتائج الإيجابية التي تم إحرازها في إطار تنفيذ القرارات التي اتخذها قائدا البلدين، بمناسبة زيارة الدولة التي قام بها رئيس أوغندا إلى الجزائر شهر مارس 2023.”

الجزائر رحبت بإعلان الصومال وإثيوبيا عن عزمهما على العمل على إيجاد حلول مشتركة لتجاوز الخلافات

وتطرق الطرفان إلى أهم المسائل المدرجة على أجندة الاتحاد الأفريقي، ومناقشة القضايا الراهنة على الصعيدين القاري والدولي، على غرار تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة، ومسار القضية الصحراوية، فضلا عن التحضير لعقد الدورة الثانية للجنة الحكومية المشتركة الجزائرية -الأوغندية، والتعاون في مجالات الدفاع والاقتصاد والطاقة والتجارة البينية والتعليم العالي.

وعلى صعيد آخر استقبل الرئيس تبون، في العاصمة الموريتانية نواكشوط نظيره الرواندي بول كاغامي، على هامش لقاء “التعليم وتشغيل الشباب” الأفريقي الذي احتضنته موريتانيا مؤخرا، حيث اتفق البلدان على تنشيط آفاق التعاون بين البلدين.

وفي لقاء بين وزيري الخارجية أحمد عطاف وفانسنت بيروتا، تم الاتفاق على جملة من الخطوات العملية التي من شأنها الحفاظ على هذه الحركية ومدّها بمقومات الاستدامة، سواء ما تعلق بتنشيط آليات التعاون الثنائي وعلى رأسها اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي، أو بتوسيع علاقات التعاون والتبادل لتشمل مجالات جديدة كالطاقة والصناعة الصيدلانية.

وخلال زيارة قادت أحمد عطاف إلى بورندي، صرح بأن بلاده “الجزائر ستظل شريكا فاعلا لبوروندي في تحقيق طموحاتها التنموية وتعزيز الاستقرار في المنطقة.”

وأكد للصحافة عقب استقباله من قبل رئيس جمهورية بوروندي إيفاريست نداييشيمي، على وجود إرادة سياسية مشتركة لتعزيز العلاقات الثنائية وإعطائها ديناميكية جديدة.

ولفت إلى أن الرئيسين تبون ونداييشيمي، يتشاركان طموح التحول إلى دول ناشئة ثم إلى دول متقدمة، وأنّ اللقاء تناول التحديات الدولية التي تواجه البلدين والقارة الأفريقية بشكل عام.

وأشاد المتحدث برؤية بوروندي التنموية “أجندة 2040″، التي أطلقها رئيسها، وأعرب عن استعداد الجزائر لدعم هذه الرؤية، نظرا للأهمية التي يكتسيها التعاون لتحقيق التنمية المشتركة.

وفي خطوة لتعزيز الزخم الأفريقي، رحبت الجزائر بإعلان جمهورية الصومال الفيدرالية وجمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية، عن عزمهما على العمل على إيجاد حلول مشتركة لتجاوز الخلافات العالقة بينهما من خلال المفاوضات.

وعبّرت عن أملها في أن تسهم هذه الخطوة، التي تتماشى مع مقاربتها لحل النزاعات عبر الحوار والطرق السلمية، في تقريب وجهات النظر بين البلدين وتحقيق الأمن المستدام، مما يتيح توجيه الجهود نحو التنمية والازدهار في المنطقة.

4