الجزائر تجدد تمسكها باعتراف فرنسا بجرائمها في الحقبة الاستعمارية

الجزائر - جددت الجزائر تمسكها بمطلب اعتراف فرنسا بالجرائم المرتكبة خلال استعمارها الجزائر الذي استمرّ 132 عاما، بمناسبة إحياء "اليوم الوطني للذاكرة" للمرة الأولى في البلاد.
وقال وزير الاتصال الجزائري والناطق الرسمي باسم الحكومة عمار بلحيمر في رسالة نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية إن "الجزائر تظل متمسكة بالتسوية الشاملة لملف الذاكرة"، القائمة على "اعتراف فرنسا النهائي والشامل بجرائمها وتقديم الاعتذار والتعويضات العادلة عنها".
وتحيي الجزائر السبت للمرة الأولى "اليوم الوطني للذاكرة" المصادف للذكرى السادسة والسبعين لمجازر الثامن من مايو 1945 عندما قمعت القوات الفرنسية الاستعمارية تظاهرة مطالبة باستقلال الجزائر، ما أسفر عن الآلاف من القتلى في شرق البلاد.
وتجري المراسم الرسمية تحت شعار "الذاكرة تأبى النسيان" في مدينة سطيف (300 كيلومتر شرق الجزائر العاصمة) التي شهدت القمع آنذاك.
وأضاف بلحيمر أن التسوية تشمل أيضا "التكفل بمخلفات التفجيرات النووية بما فيها الكشف عن خرائط مواقع النفايات الناتجة عن هذه التفجيرات".
وملف التجارب النووية هو أحد خلافات الذاكرة الرئيسية بين الجزائر وباريس.
وأجرت فرنسا التي استعمرت الجزائر بين العامين 1830 و1962، ما مجموعه 17 تجربة نووية في الصحراء الجزائرية بين 1960 و1966، منها 11 تجربة أجريت تحت الأرض بعد توقيع اتفاقيات إيفيان في العام 1962، والتي حصلت بموجبها الجزائر على الاستقلال.
إلا أن هذه الاتفاقيات تضمّنت بندا يسمح لفرنسا باستخدام مواقع في الصحراء لغاية العام 1967.
ورغم أن الخلاف لا يزال كبيرا، توقف الوزير عند "المكاسب المتواضعة" التي حققتها الجزائر، غير أنها "ذات قيمة معنوية معتبرة".
في هذا الصدد، أشار خصوصا إلى استعادة الجزائر في يوليو جماجم 24 مقاتلا قوميا قُتلوا في بداية حقبة الاستعمار، واعتراف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مارس بمسؤولية الجيش الفرنسي عن مقتل القيادي الوطني الجزائري علي بومنجل العام 1957.
وأطلق ماكرون في الأشهر الأخيرة سلسلة "إجراءات رمزية" في محاولة "لمصالحة الذاكرة" بين ضفتي البحر المتوسط، مع اقتراب الاحتفال بالذكرى الستين لاستقلال الجزائر.
لكن تقرير المؤرخ الفرنسي المتخصص في حرب الجزائر بنجامان ستورا، الذي يستند إليه ماكرون في سياسته في ملف الذاكرة، لا يدعو لا إلى اعتذارات ولا إلى اعترافات وتعرّض لانتقادات شديدة في الجزائر.
وتبقى مسألة الذاكرة من أهم الملفات في العلاقات بين المستعمر السابق والجزائر.
وتعرضت هذه العلاقات لضربة جديدة بعد أن ألغت الجزائر الزيارة التي كانت مقررة في أبريل لرئيس الوزراء الفرنسي جون كاستكس، في آخر لحظة.
وفي الأيام التي تلت إلغاء الزيارة وصف وزير العمل الجزائري الهاشمي جعبوب فرنسا بأنها "العدو التقليدي والأبدي للجزائر".
واعتبر ماكرون، تعليقا على هذا التصريح أن إرادة المصالحة بين الفرنسيين والجزائريين "مشتركة بشكل واسع" رغم وجود "بعض المقاومة" في الجزائر.
وفي فبراير 2017 عندما كان مرشحا لرئاسة فرنسا، زار ماكرون الجزائر ووصف في تصريح للصحافة احتلال الجزائر بأنه "جريمة ضد الإنسانية" و"بربرية حقيقية" ما تسبب له في انتقادات واسعة من اليمين الفرنسي.