الجزائر تبحث عن محفزات لتوسيع الدفع الإلكتروني

جهود حثيثة لتسريع رقمنة التعاملات التجارية والوصول إلى تحقيق الشمول المالي.
السبت 2024/09/14
هل لديك بطاقة بنكية لدفع المشتريات؟

ينظر الخبراء إلى جهود صناع القرار المالي والنقدي في الجزائر بشأن ترسيخ تجربة الدفع الإلكتروني بأنها أحد الدوافع المهمة لتوسيع نطاق الشمول المالي ودعم التجارة بلا نقود، ولكنهم يعيبون على المسؤولين بطأهم في مواكبة التحولات العالمية.

الجزائر - تدفع التحولات التكنولوجية في إدارة الأنشطة الاقتصادية الجزائر إلى ركوب هذه الموجة التي تخلفت عنها قياسا بدول عربية أخرى نظرا لما تحمله من محفزات للرفع من كفاءة التعاملات وشفافيتها وكونها أداة تعول عليها السلطات لتنمية التسوق الرقمي.

وتبحث السلطات منذ أشهر عن الأدوات الكفيلة لدمج استخدام التكنولوجيا بشكل أكبر في التعاملات المالية بالسوق المحلية، في محاولة قد تساعدها على تضييق دائرة اقتصاد الظل، وفي الوقت ذاته إثبات أنها تترجم تطلعاتها للتحول الرقمي المنشود.

ويصنف الاتحاد الدولي للاتصالات البلد النفطي في المركز 88 من بين 169 دولة على مؤشر تنمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لعام 2023.

ورغم أن الجزائر تقدمت في المؤشر قياسا بالعام 2022، إلا أن الحكومة أمامها الكثير لتفعله من أجل نشر الرقمنة بشكل أكبر في كافة مناحي الحياة والمجالات الاقتصادية الرئيسية، وأهما النظام المالي.

وترأس وزير المالية لعزيز فايد الخميس الماضي اجتماعا تنسيقيا بمشاركة وزير البريد كرين تريكي ومحافظ البنك المركزي صلاح الدين طالب تمت خلاله دراسة مجموعة من التدابير التحفيزية المقترحة بهدف تطوير وسائل الدفع الإلكتروني في البلاد.

وتركز الاجتماع على محورين رئيسيين يتعلقان “بدراسة مقترحات التدابير التحفيزية ومتابعة مدى تنفيذ خارطة الطريق المؤسسية لتطوير الدفع الإلكتروني” حسب ما ورد في بيان لوزارة المالية.

ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية عن فايد قوله إن “المعالجة السريعة والفعالة لهذا الموضوع تكتسي أهمية خاصة في ضوء الأولويات الوطنية التي حددها رئيس الجمهورية”. وشدد في الوقت نفسه على ضرورة تعزيز التعاون بين جميع الأطراف المعنية من أجل تحقيق الأهداف.

وخلال المناقشات شدد المشاركون على أهمية الدمج بين توفر وسائل الدفع الإلكتروني واستخدامها الفعال، حيث أكدوا أن هذا التوازن ضروري لتحقيق هدف الشمول المالي على نطاق واسع وضمان تمكين كافة المواطنين من الوصول إلى هذه الخدمات الحديثة والآمنة.

لعزيز فايد: المعالجة الفعالة لهذا الملف مهمة كونها من الأولويات
لعزيز فايد: المعالجة الفعالة لهذا الملف مهمة كونها من الأولويات

ويعرف الشمول المالي على أنه إمكانية وصول الأفراد والمؤسسات إلى منتجات وخدمات مالية بشكل سهل وبأسعار معقولة، بشكل يلبي احتياجاتهم خاصة التعاملات والمدفوعات ومنتجات الادخار والقروض وخدمات تأمين، وبشكل مستدام.

ولا يزال البلد العضو في أوبك مثل العديد من البلدان العربية كالعراق وليبيا وموريتانيا ولبنان يواجه صعوبات وتحديات لاعتماد التكنولوجيا المالية وتوسيعها بسبب ضعف البنية التحتية للاتصالات وقلة الاستثمارات.

ويتضح من خلال الخطاب الإعلامي والفعاليات التي تنظمها الجهات المعنية أن البنوك تسعى إلى اعتماد التقنيات المالية المبتكرة في أنظمة الدفع والإقراض وحتى الاستثمار، ولكن باقة الخدمات والمنتجات المالية التي تُقدم لا تزال محدودة.

وحالت البيروقراطية ونقص الاستثمارات، خاصة من قبل الشركات الأجنبية، دون أن تتمكن الجزائر في السابق من تطوير قطاعاتها غير النفطية رغم الوعود الكثيرة التي لم تجد طريقا لتنفيذها واقعيا.

ومن خلال العمل مع تجمع النقد الآلي وشركة النقد الآلي والمعاملات التلقائية بين البنوك (ساتيم) سيتم إطلاق بطاقات الدفع المؤجل التي تسمح للمتعامل باقتطاع كل عمليات الدفع التي يقوم بها في موعد ثابت مما سيشجع على التجارة الإلكترونية.

وفي أبريل الماضي، كشف المفوض العام للجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية رشيد بلعيد أن العمل جار لتعميم الدفع الآني والدفع المؤجل بين البنوك والمؤسسات المالية من أجل تشجيع التجار على اعتماد الدفع الإلكتروني.

وأوضح بلعيد أمام لجنة المالية والميزانية بالبرلمان حينها، أن “ثمة مشروعا في طور الإنجاز يتعلق بالدفع الآني والذي يسمح بوصول الدفع في آنه من حساب الزبون إلى حساب التاجر”.

وتزامن هذا الحديث الذي أوردته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية مع عقد البنك المركزي اجتماعا مع مركز المقاصة المسبقة المصرفية بمشاركة البنوك والمؤسسات المالية لإنهاء العمليات الخاصة بالدفع الآني تمهيدا لتعميمه.

وبالنسبة إلى بدء التشغيل البيني للدفع عبر الهواتف المحمولة وهي الصيغة التي تسمح بالقيام بمعاملات انطلاقا من الهواتف الذكية، فقد بدأت عمليا في نهاية النصف الأول من هذا العام.

وللإشارة فإن حلول الدفع عبر الهواتف المحمولة مطبقة حاليا فقط بين زبائن نفس البنك أو المؤسسة المالية، لكن مع إطلاق التشغيل البيني فإنه يمكن إجراء معاملات حتى وإن كان بنك صاحب الدفع مختلفا عن بنك المستفيد. وسيسمح هذا الأمر بسداد قيمة المشتريات أو التحويلات عبر رمز الاستجابة السريعة وإجراء تحويلات من حساب إلى حساب آخر.

أرقام عن رقمنة التعاملات المالية

  • 500 تاجر إلكتروني في أنحاء البلاد
  • 54 ألف جهاز للدفع الإلكتروني
  • 16 مليون بطاقة إلكترونية

وعلاوة على ذلك، يخطط صناع القرار النقدي تعميم الدفع بالبطاقة الائتمانية الذكية، حيث أشار بلعيد إلى أن البنوك والمؤسسات المالية تنتظر استلام هذا النوع من البطاقات من طرف مؤسسة بريد الجزائر.

وتتيح هذه الوسيلة بسداد المشتريات بشكل سريع لدى التجار المجهزين بمحطة دفع إلكتروني دون إدخال البطاقة في محطة الدفع الإلكتروني ودون تشكيل الرمز السري، إذ يقتضي الأمر فقط تقريب البطاقة من المحطة.

وتشير بيانات الجمعية المهنية للبنوك أن هناك نحو 54 ألف جهاز للدفع الإلكتروني منتشرة في أنحاء البلاد مع تسجيل أكثر من 500 تاجر إلكتروني، في ما فاق عدد البطاقات الإلكترونية المتداولة 16 مليونا صادرة عن البنوك وبريد الجزائر.

وتعمل في السوق الجزائرية 29 مؤسسة مصرفية، منها سبعة بنوك حكومية، وأكثر من 20 بنكا أجنبيا من دول الخليج وأخرى فرنسية وواحدة بريطانية.

ويوظف القطاع المصرفي أكثر من 30 ألف شخص من خلال المقرات الرسمية للبنوك، وأغلبها في العاصمة الجزائر، وأكثر من 1800 فرع منتشر في ولايات (محافظات) البلاد.

ورصدت الجمعية أن البنوك موّلت نهاية العام الماضي استثمارات بنحو 74.3 مليار دولار من بينها 3.4 مليار دولار تمويل في إطار الصيرفة الإسلامية “تشمل مشاريع استثمارية كبيرة".

ويقول رئيس لجنة الصيرفة الإسلامية بالجمعية سفيان مزاري إنه تم إحصاء منذ انطلاق هذا النشاط فتح 800 وكالة مصرفية تقدم خدمات الصيرفة الإسلامية مع فتح 630 ألف حساب بحجم ودائع يفوق 750 مليار دينار (5.6 مليار دولار).

11