الجزائر: الحراك يتحفّظ على مشروع تعديل الدستور

الناشط والحقوقي مصطفى بوشاشي: هذا الدستور يكرس استمرار النظام غير الديمقراطي في البلاد.
الخميس 2020/09/10
خطوة نحو السيطرة

الجزائر- صادق المجلس الشعبي الجزائري (الغرفة الأولى للبرلمان)، الخميس، بإجماع النواب الحاضرين على مشروع تعديل الدستور الذي أعلنت عنه الرئاسة الاثنين الماضي تمهيدا لإجراء استفتاء شعبي حوله في 1نوفمبر القادم.

ويلقى مشروع التعديل الدستوري الذي أعلنت عنه الرئاسة الجزائرية تحفظات من نشطاء الحراك، اذ كشف المحامي مصطفى بوشاشي، وهو ناشط جزائري بارز ضمن حراك التغيير، عن عدة تحفظات من حيث الشكل والمضمون على المشروع الجديد.

وأعرب بوشاشي عن أسفه “الشديد” من تصرفات الرئيس عبدالمجيد تبون ورموز النظام، والتي اعتبرها مناقضة لتصريحاتهم، معتبرا أن “مسودة الدستور المقدمة لبرلمان غير شرعي تؤكد ذلك، وبالتالي فإن الطبقة السياسية والحراك لديهما تحفظ على هذا الدستور (المزمع تعديله)”.

وجاء المشروع في ديباجة وسبعة أبواب، ومن أهم ما جاء فيها إسقاط مقترح استحداث منصب نائب رئيس كما ورد في مسودته الأولى.

وأقر رفع الحظر الحالي عن مشاركة الجيش في عمليات خارج الحدود لأول مرة، وإلزام الرئيس بتعيين رئيس الحكومة من أغلبية البرلمان، ومنع الترشح لرئاسة الجمهورية لأكثر من فترتين، 5سنوات لكل واحدة، سواء متتاليتين أو منفصلتين.

وتعول السلطة على الوثيقة الدستورية من أجل استقطاب الشارع وكسب تفاعل الرأي العام، بهدف تحويل الأنظار عن الحراك الشعبي الذي من المنتظر أن يعود إثر انتهاء الحالة الصحية الاستثنائية في البلاد جراء تفشي فايروس كورونا المستجدّ.

ويوضح بوشاشي تحفّظهم على مشروع الدستور لأسباب عدة، “أولا من ناحية الشكل كنا نتمنى أن يكون دستورا يؤسس لجزائر جديدة ويوضع بطريقة توافقية، لكن مع الأسف الشديد فالرئيس هو من قام بتعيين اللجنة لصياغة هذا الدستور”، مشيرا إلى أن “هذه اللجنة لم تستشر الطبقة السياسية والمجتمع المدني في وضع المسودة. وبالتالي فهذا دستور الرئيس أو دستور النظام السياسي”.

ويتابع، “ثانيا بعد وضع هذه الوثيقة استغل النظام جائحة كورونا والحجر الصحي بوقف الاجتماعات واللقاءات ولم يكن هناك نقاش مجتمعي”، وكشف أنّ “مشاركة الناس كانت عبارة عن مقترحات تقدم لهذه اللجنة دون أن يكون لمقدمي الاقتراحات ضمانات بأنها ستؤخذ بعين الاعتبار”.

احتكار رئاسي للسلطة

اعتراف إيجابي
اعتراف إيجابي

أما من ناحية المضمون، فيرى المحامي أن “هذا الدستور في نهاية المطاف يكرس نظاما غير ديمقراطي حيث يعطي صلاحيات كبيرة لرئيس الجمهورية”، فهو يتدخل في السلطة القضائية بتعيين القضاة ورئاسة المجلس الأعلى للقضاء، ويعين في المناصب المدنية والعسكرية دون استشارة أية جهة”.

وأوضح بوشاشي أنه “بالنسبة للسلطة التشريعية فلها حق الاعتراض على القوانين التي تمر على البرلمان، ويمكن أن يطلب قراءة ثانية للقوانين ويجب أن تكون أغلبية موصوفة لتمرير القانون”.

وينتظر أن يلعب البرلمان دورا محوريا في هذا المسار التجديدي، بإسهامه في توجيه خيار الجزائريين في الاستفتاء الشعبي، من خلال ما ستسفر عنه مرحلة مناقشة وإثراء هذا المشروع.

أما بالنسبة لمجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان)، “فالرئيس يعين ثلث أعضائه وأي قانون يمر على البرلمان يحتاج إلى ثلاثة أرباع أعضاء الهيئة للمرور”.

وتابع “بالتالي الرئيس له حق الفيتو (النقض) حتى على السلطة التشريعية التي لا يمكنها تمرير قانون دون موافقته”، حسب قوله.

وأشار أنه “إلى جانب هذا، فمؤسسات الرقابة سواء مراقبة التشريع أو صرف المال العام يسيطر عليها الرئيس من خلال التعيينات”.

وخلص بوشاشي إلى أنه “لا يمكن الحديث عن أن هذه المسودة أو هذا التعديل الدستوري سيذهب بنا إلى جزائر جديدة ولكن يكرس استمرار النظام غير الديمقراطي في البلاد”.

دسترة الحراك إيجابية لكن

احتكار للسلطات
احتكار للسلطات

وبشان رأيه في دسترة حراك 22 فبراير 2019 في ديباجة الدستور، قال بوشاشي إن “اعتراف النظام السياسي بهذه الثورة السلمية المباركة شيء إيجابي”.

واستدرك: “لكن في نفس الوقت لا يجب أن نتوقف عند الشعارات، ونرفض كل مطالب الحراك السلمي الذي يصبو إلى الحرية والديمقراطية”.

ويرى المحامي أن هذا الدستور “محاولة فرض خارطة طريق للنظام القائم رغم ثورة يشهد العالم على سلميتها وعلى صبر الجزائريين كل هذه الفترة”.

وقال: “كنا نتمنى أن يستجيب الإخوة في النظام إلى مطالب الشعب الذي لا يطلب سوى الذهاب إلى نظام ديمقراطي، لكن يبدو أن هناك تعنتا وإصرارا على تغييب الشعب”.

وختم المحامي بوشاشي بالقول إن “النظام لا يأخذ بعين الاعتبار أن هناك وعيا مجتمعيا وشبابا تواقون إلى الحرية والديمقراطية” .

وفي 24 أغسطس، أعلنت الرئاسة أن الأول من نوفمبر المقبل، وهو الذكرى الـ66 للثورة التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي عام 1954، موعدا لتنظيم استفتاء شعبي حول مشروع تعديل الدستور.

ويرى مراقبون أن المسودة لن تشكل دستورا لتكريس الديمقراطية، بل ستحافظ على نفس النظام الأحادي الشمولي الذي لا يؤمن بحق المواطنين بالمشاركة في بناء جزائر جديدة.