الجزائر: أحلام "بريكس" تصطدم بضعف التنمية

الانضمام إلى التكتل يتطلب الانتقال إلى مستويات أعلى في التصدير لرفع الناتج الداخلي الخام ما فوق 200 مليار دولار.
الخميس 2022/12/29
قفزة في العائدات مدفوعة بارتفاع أسعار النفط والغاز

الجزائر - رغم تأكيد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون انضمام بلاده نهاية 2023 لمنظمة “بريكس“ بقيادة روسيا والصين، إلا أنه أقرّ بأن ذلك يتطلب تحقيق جملة من الشروط، ما يدعو إلى التساؤل حول ما إذا كانت الجزائر تتوفر فيها هذه الشروط أو قادرة على تحقيقها في غضون نهاية العام المقبل.

و”بريكس” تكتل سياسي واقتصادي عالمي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. وهناك من يعتبره بمثابة منظمة موازية لمجموعة السبعة الكبار، التي تقودها الولايات المتحدة وعضوية فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وكندا واليابان. ويمثل “بريكس“ 41 في المئة من سكان العالم، و40 في المئة من مساحته و24 في المئة من الاقتصاد العالمي و16 في المئة من التجارة العالمية.

فالصين والهند أكبر بلدين من حيث عدد السكان وثاني وثالث أكبر اقتصادين في العالم على التوالي، وروسيا تملك أكبر مساحة في العالم والمصدر الأول للطاقة عالميا، بينما البرازيل أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية، وجنوب أفريقيا أكثر دول القارة السمراء تقدما رغم أن اقتصادها الثالث أفريقيا. وتسعى دول بريكس لزيادة نصيبها من التجارة العالمية ومن إجمالي الناتج الداخلي الخام، وذلك من خلال ضم دول لها ثقلها الاقتصادي والتجاري والبشري وأيضا من حيث المساحة.

163

مليار دولار ناتج الدخل الخام للجزائر بينما يبلغ الناتج الخام لجنوب أفريقيا أصغر اقتصاد في بريكس 419 مليار دولار

والجزائر تمتلك بعض المقومات التي تمثل إضافة لبريكس، فهي أكبر بلد أفريقي وعربي من حيث المساحة وأكبر مُصدر للغاز الطبيعي في أفريقيا.

إلا أن الانضمام إلى التكتل يتطلب الانتقال إلى مستويات أعلى في التصدير لرفع الناتج الداخلي الخام ما فوق 200 مليار دولار.

ومن المتوقع أن تصل صادرات الجزائر 56.5 مليار دولار مع نهاية 2022، منها 49.5 مليار دولار صادرات النفط والغاز، ونحو 7 مليارات دولار صادرات خارج قطاع المحروقات، بحسب السياسة العامة للحكومة.

ورغم أن هذه الأرقام تمثل قفزة في الصادرات مقارنة بعام 2021، زيادة بنحو 17 مليار دولار، مدفوعة بارتفاع أسعار النفط والغاز وزياد الكمية المصدرة من الغاز ومن السلع خارج المحروقات، إلا أنها تمثل أقل من نصف صادرات جنوب أفريقيا التي بلغت في 2021 أكثر من 121 مليار دولار.

وهذا ما يفسر دعوة الرئيس الجزائري لمضاعفة إنتاج الغاز خلال عام 2023. بينما وضعت الحكومة هدفا للوصول إلى 10 مليارات دولار صادرات خارج المحروقات في نفس العام، و15 مليار دولار في الأعوام المقبلة.

وتنتج الجزائر نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي بمعدل سنوي، صدرت منه رقما قياسيا في 2022، بلغ 56 مليار متر مكعب، بينما استهلكت نحو 50 مليار متر مكعب، وتعيد ضخ نحو 30 مليار متر مكعب في الآبار للحفاظ على نشاطها.

وللوصول إلى هذا الهدف كثفت الجزائر من استثماراتها في قطاع المحروقات وخصصت لها نحو 40 مليار دولار، ودخلت في شراكات مع شركات متعددة الجنسيات على غرار إيني الإيطالية وتوتال الفرنسية وأوكسدونتال الأميركية، لاستغلال حقول الغاز وزيادة الإنتاج.

الجزائر تطمح لمضاعفة إنتاجها من الطاقات المتجددة على غرار الطاقة الشمسية، والهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء

وتطمح الجزائر لمضاعفة إنتاجها من الطاقات المتجددة على غرار الطاقة الشمسية، والهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، بالشراكة مع عدة دول على غرار ألمانيا وإيطاليا، بهدف توفير كميات أكبر من الغاز للتصدير، وأيضا تصدير الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء إلى أوروبا مستقبلا.

كما تسعى البلاد لتصدير الكهرباء إلى أوروبا بالنظر إلى امتلاكها فائضا كبيرا منها قابلا للتصدير، إذ تنتج 25 ألف ميغاواط، بينما لا تستهلك في أوقات الذروة بالصيف سوى 17 ألف ميغاواط، ويتقلص هذا الرقم إلى 11 ألف ميغاواط في الشتاء.

وتراهن الحكومة الجزائرية على رفع الصادرات خارج المحروقات إلى 10 مليارات دولار في 2023، و15 مليار دولار في الأعوام المقبلة، بعدما نجحت نسبيا في رهان 5 و7 مليارات دولار في 2021 و2022 على التوالي.

ويعتمد مدى قدرة الجزائر للوصول إلى هذا الهدف من خلال وصولها إلى الأسواق الأفريقية، والتحرك لفتح معارض لمختلف السلع الجزائرية، وأيضا فروع لبنوك جزائرية في عدد من العواصم الأفريقية، وتنشيط الاستثمارات في قطاع المناجم، خاصة استخراج الفوسفات في شرق البلاد والحديد بالجنوب الغربي والذهب والأتربة النادرة بأقصى الجنوب.

ومن إحدى العقبات أمام انضمام الجزائر إلى منظمة بريكس، تواضع ناتجها الداخلي الخام الذي بلغ 163 مليار دولار في 2021، وفق بيانات البنك الدولي. بينما يبلغ الناتج الداخلي الخام لجنوب أفريقيا (أصغر اقتصاد في بريكس) 419 مليار دولار، أي مرتين ونصف ضعف الاقتصاد الجزائري.

56.5

مليار دولار صادرات الجزائر المتوقعة مع نهاية 2022 منها 49.5 مليار دولار صادرات النفط والغاز

لذلك وضعت الجزائر تجاوز 200 مليار دولار ناتج داخلي خام هدفا لدخول بريكس، وهو هدف مرتبط بمدى ارتفاع أسعار النفط والغاز بالدرجة الأولى. إذ أن الناتج الداخلي الخام للجزائر بلغ 213.8 مليار دولار في 2014، نتيجة لارتفاع أسعار النفط لتتجاوز سقف 100 دولار للبرميل، وزيادة إنتاج النفط الجزائري ليبلغ 1.5 مليون برميل يوميا.

وإنتاج الجزائر حاليا من النفط في حدود مليون برميل يوميا، والأسعار من المتوقع أن تتراوح بين 70 و100 دولار للبرميل في 2023، وفق بعض التقديرات.

لذلك تراهن الجزائر على إمكانياتها الكبيرة من الغاز الطبيعي لمضاعفة الإنتاج الذي يكثر عليه الطلب أوروبيا، لرفع ناتجها الداخلي الخام بزيادة تتجاوز 37 مليار دولار في عام واحد.

وأحد شروط انضمام الجزائر إلى البريكس ضرورة موافقة الدول الخمس، وإن كانت روسيا والصين أعلنتا موافقتهما على انضمام الجزائر عبر سفيريهما بالجزائر، فإن الرئيس تبون أكد موافقة جنوب أفريقيا أيضا.

أما بالنسبة إلى البرازيل، فإن عودة الرئيس اليساري لولا دا سيلفا إلى الحكم قد تخدم مساعي الجزائر للانضمام إلى بريكس، ولفت الرئيس تبون إلى هذا الأمر خلال لقائه مع الصحافة المحلية، قائلا “البرازيل أعتقد أنهم مع الانتخابات الجديدة (فاز بها سيلفا) موافقون“.

لكنه لم يشر إلى موقف الهند لا سلبا ولا إيجابا، ما يعني على الأقل أن المفاوضات مازالت متواصلة معها لإقناعها بالموافقة.

غير أن الرئيس أكد مشاركته في قمة بريكس المقبلة نهاية 2023، بعدما سبق له وأن شارك في قمة بكين التي جرت عبر الفيديو في الثالث والعشرين من يونيو 2022.

10