الجزائري عثمان مرسالي يعرض "أضواء من الضفتين"

المعرض حالة من "النوستالجيا" التي يشعر بها الفنان حيال اندثار الكثير من المظاهر اليومية من حياة الجزائريين.
الجمعة 2023/04/21
أمكنة وأزمنة خالدة في قلوب الجزائريين

وهران (الجزائر) - نظم الفنان التشكيلي الجزائري عثمان مرسالي معرضا فرديا بعنوان "أضواء من الضفتين"، يستمر حتى الحادي عشر من مايو المقبل بالمعهد الفرنسي بوهران. ويضم المعرض لوحات فنية عبارة عن فسحة في أزقة المدن الجزائرية والفرنسية على حد سواء، مع الضوء كقاسم مشترك كبصمة فنية خاصة بالفنان مرسالي، منذ ولوجه عالم الرسم.

عثمان مرسالي من مواليد سنة 1952 بمستغانم حيث باشر تكوينه قبل الانتقال إلى مدرسة الفنون الجميلة بوهران والمدرسة العليا للفنون الجميلة بالجزائر العاصمة، وواصل دراسته الجامعية بجامعة باريس 8. عاد إلى وهران كأستاذ في مدرسة الفنون الجميلة وشارك في العديد من المعارض داخل الجزائر وخارجها.

ويشكل هذا الفنان حلقة ربط ضمن سلسلة طويلة من التشكيليين، إذ يقع في المنطقة الوسطى بين الآباء المؤسّسين، وثلة من الشباب الذين جاؤوا إلى المشهد بعده. ولم تكن ظروف التنشئة الأولى تشي بأنّ مرسالي سيتّجه إلى الريشات والألوان، فوالده كان إمام مسجد، كما أنّ الجزائر في خمسينات القرن الماضي وستيناته، كانت تحاول أن تتلمّس طريقها إلى النور بعد ليل استعماري طويل.

◙ فسحة في أزقة المدن الجزائرية والفرنسية على حد سواء
◙ فسحة في أزقة المدن الجزائرية والفرنسية على حد سواء

غادر نحو فرنسا في عز الأزمة الأمنية التي شهدتها الجزائر سنة 1994 متأثرا باغتيال مدير المدرسة العليا للفنون الجميلة عسلة وابنه، وكذلك المسرحي عبدالقادر علولة الذي خلد روحه بلوحة فنية بتقنية "اللصق" من خلال استعمال أجزاء من معلقات مسرحياته. برع الفنان في إنجاز معلقات وملصقات فنية للعديد من المهرجانات الفنية والدورات الرياضية والمسرحية وتحصل على جوائز على هذه الأعمال.

كان له شرف عرض لوحاته خلال أول افتتاح لمنزل الفنان كلود موني فنان التيار الانطباعي، بعد تحويله إلى متحف بمدينة أرجونتاي بفرنسا. أنجز العديد من الأعمال لتخليد أرواح أصدقائه، من بينها لوحة للفنان والموسيقي محمد دحان.

لا يُحمّل مرسالي تشكيلة الألوان التي يستعملها في أعماله أيّ دلالات أو قراءات، وإنّما يعتبرها مجرد ترجمة لحالات نفسية وشعورية يمرّ بها، ناهيك عن كونها استجابة لما يتطلّبه العمل الفني المراد تجسيده.

ومن المواضيع الأثيرة لدى مرسالي، تصوير المرأة الجزائرية وهي ترتدي "الحايك"، وهو لباس تقليديّ من القماش الأبيض ترتديه النساء عند الخروج من البيت لقضاء حوائجهن. وعادة ما يعشق تشكيل مظاهر النساء وهنّ يتجوّلن في أحياء القصبة العتيقة والأسواق الشعبية المعروفة في العاصمة، حيث يستعمل مجموعة من الألوان مثل الأبيض والأزرق والأحمر والأسود والأصفر، مع تعمُّده إضفاء حيوية على أعماله من خلال الحركات واللّمسات الفنيّة التي يمكن للمشاهد أن يراها على وجوه أبطال اللوحة، وحتى في حركاتهم وسكناتهم، إلى درجة توشك أن تجعل منهم كائنات ناطقة ومتحركة.

وتأتي أعماله أشبه بحالة من "النوستالجيا" التي يشعر بها حيال اندثار الكثير من المظاهر اليومية من حياة الجزائريين، وقد يكون ذلك مرتبطا بشعوره بالاغتراب، ويمثل هذا التوجه رسالة إلى الأجيال الجديدة، تحث على التمسّك بتراث الأجداد الذي تلتهمه المدنية قطعة وراء قطعة.

14