الجزائريون يتطلعون إلى محتوى خطاب الأمة أكثر من التقليد الجديد

الخطاب سيكون فرصة لعرض تبون لنفسه كرئيس قادم للبلاد بعد شهر ديسمبر القادم.
الخميس 2023/12/21
تبون يريد عرض نفسه من جديد كرئيس قادم للجزائر

الجزائر - أوردت وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية أن الرئيس عبدالمجيد تبون أسس لتقليد سياسي جديد في تسيير شؤون الدولة باستحداث خطاب السنة الموجه للأمة، في حضور أعضاء البرلمان بغرفتيه ويتضمن حصيلة العمل السنوية، لكن اقتران الحدث الذي تأجل موعده بحسب التسريبات، مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي القادم والوضع السائد في الداخل والخارج، جعل الأنظار تتطلع إلى محتوى الخطاب وليس إلى التقليد السياسي.

وأكد بيان للرئاسة الجزائرية بأن ” الرئيس تبون سيلقي خطابا للأمة نهاية العام الجاري، امتثالا لمقتضيات دستور البلاد، في حضور ممثلي الشعب في غرفتي البرلمان، وهما المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، وأن الخطاب سيكون سابقة سياسية بتضمينه حصيلة سنوية من عمل المؤسسة”.

ولم يحدد البيان موعدا محددا للخطاب الموجه للأمة، رغم تضارب التسريبات التي تحدثت في بداية الأمر عن يوم الثلاثاء، كونه يصادف الذكرى السنوية لأدائه اليمين الدستورية بمناسبة انتخابه رئيسا للبلاد العام 2019، ثم أعلنت عن تأجيله إلى الخامس والعشرين من الشهر الجاري، لكن الثابت أنه سيكون في غضون الأيام القليلة القادمة.

وكان نواب في البرلمان قد تلقوا دعوات الحضور عبر رسائل نصية من طرف إدارة البرلمان، على أن يكون الخطاب في المركز الدولي للمؤتمرات بضاحية الصنوبر البحري بالعاصمة، قبل أن يتأجل لأسباب غير معلومة.

خطاب السلطة لا يزال يعمد إلى حشد صفوف المؤيدين لإنجازات المرحلة، بينما يرفض خطاب النقد السياسي والإعلامي

وركز بيان الرئاسة، ومعه برقية وكالة الأنباء الرسمية، على الطابع الشكلي للموعد، بوصفه امتثالا لمقتضيات الدستور المستفتى عليه في شهر نوفمبر العام 2020، غير أنه لم يدخل حيز التنفيذ إلا نهاية العام الجاري، لكنه لم يركز على محتوى الخطاب الذي يتزامن مع أوضاع داخلية وإقليمية معقدة، فضلا عن أنه يأتي عاما قبل الانتخابات الرئاسية المنتظرة، والتي يريد الرئيس تبون التتويج بها بكل أريحية سياسية وشعبية.

ودأب رؤساء الجزائر السابقون على مخاطبة الأمة بعيدا عن المواعيد أو النصوص الدستورية، وإنما حسب طبيعة الأحداث والمواقف التي تستدعي ظهور الرجل الأول للدولة أمام الرأي العام، لكن الطبعة الجديدة للسلطة ارتأت دسترة خطاب الأمة لتقديم حصيلتها السنوية، وقدمت الأذرع الإعلامية الموالية للسلطة الخطوة في ثوب الإنجاز في حد ذاته، رغم أن الرقابة الشعبية والمؤسساتية على الأجهزة الرسمية، بما فيها رئاسة الجمهورية والحكومة، تبقى دون تطلعات قطاع عريض من الطبقة السياسية والشارع الجزائري. 

وذكرت برقية الوكالة الرسمية بأنه “من دون أدنى شك، شكلت فترة رئاسة عبدالمجيد تبون للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، طابعا استثنائيا. أربع سنوات كانت فريدة من نوعها، ومختلفة تماما عن فترات الرؤساء السابقين. باختصار، لقد فرض الرئيس تبون أسلوبه الخاص في إدارة شؤون البلاد”.

وأضافت “لا يختلف اثنان على الطريقة الاستثنائية للاتصال التي تبناها رئيس الجمهورية في التواصل مع الجزائريين والجزائريات، متخذا في ذلك نمطا يتركز على عفويته المعهودة وطبيعته العادية، كسب من خلالها إعجاب ملايين المواطنين وتأثرهم به، وهم الذين التفوا حول مشروع بناء الجزائر الجديدة، لاسيما وأن الرئيس تبون نجح في كسر كل الحواجز بينه وبين شعبه، معتمدا على شخصيته التي تجمع الأخلاق والنزاهة والبساطة والصرامة والعزم، والأهم حسن القيادة”.

الطبعة الجديدة للسلطة ارتأت دسترة خطاب الأمة لتقديم حصيلتها السنوية، وقدمت الأذرع الإعلامية الموالية للسلطة الخطوة في ثوب الإنجاز في حد ذاته

ولا زال خطاب السلطة يعمد إلى حشد صفوف المؤيدين لإنجازات المرحلة، بينما يرفض خطاب النقد السياسي والإعلامي، ولذلك لا يستبعد أن يكون الخطاب خلاصة لحصيلة سنوية وحتى مرحلية لا تحظى بالإجماع لدى الجزائريين، لكنه سيكون فرصة لعرض تبون لنفسه كرئيس قادم للبلاد بعد شهر ديسمبر القادم، مستندا إلى حصيلة يعتقد أو قدمت له على أنها غير مسبوقة، وتحتاج لاستمراره في قصر المرادية من أجل استكمال مراحلها.

ورغم الأمر الواقع لإخفاقات كثيرة على الصعيدين الداخلي والخارجي، إلا أن الخطاب الرسمي يصمم على عدم الاعتراف بها، لكن رغم ذلك هناك من الجزائريين من يعلق آمالا على التفات حقيقي من طرف الرئيس تبون للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ومباشرة تدابير تهدئة وانفتاح سياسي على مختلف أطياف المجتمع، فضلا عن تصويب العديد من الخيارات الخارجية المتصلة بالوضع الإقليمي والدولي بما يخدم مصالح الدولة.

ولفتت الوكالة الرسمية إلى أن ” الرئيس عبدالمجيد تبون المتمكن من إدارة المواقف، قرر التأسيس لخطاب سنوي موجه للأمة أمام غرفتي البرلمان مجتمعتين، وبداية من نهاية السنة الجارية 2023، سيمتثل رئيس الجمهورية لهذا النشاط الدستوري المسمّى ‘خطاب للأمة’، وسيشكل فرصة للرئيس لمخاطبة ممثلي الشعب، من أجل تقييم إنجازات السنة الجارية”.

وذكرت بأن “هذا الخطاب السنوي سيشكل بالنسبة إلى الرئيس مناسبة أيضا لتقييم الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكذلك السياسة الخارجية للبلاد، دون إغفال تحديد آفاق السنة الموالية، وبصورة استثنائية، سيكون الخطاب الموجه للأمة، ذا طابع خاص، لأنه سيشمل تقييما كاملا للأربع سنوات الماضية “.

واللافت أن السقف المرفوع من طرف الأذرع الإعلامية، حول خطاب الأمة الدستوري، سيشكل عبئا زائدا على الرجل الأول في الدولة، قياسا بالانتظارات المتراكمة للجزائريين بمختلف توجهاتهم السياسية والأيديولوجية من السلطة، خاصة أولئك الذين ينتظرون انفتاحا سياسيا وإعلاميا وحماية للحقوق والحريات.

 

اقرأ أيضا:

       • مهمة الإذاعة الجزائرية الجديدة: الدعاية للرئيس ومحاربة المنتقدين

4