الجامعة العربية شريك في المبادرة الأممية لحل أزمة ليبيا

مبعوث الأمين العام للجامعة العربية إلى ليبيا صلاح الدين الجمالي يؤكد على أن التضامن العربي مفتاح اقتلاع المنطقة من أزماتها.
السبت 2019/03/30
الملف الليبي من أولويات القمة

تونس – يتطلع الليبيون إلى أن تمنح القمة العربية دفعة إيجابية لدعم حل سياسي ينهي صراعا على الشرعية والسلطة منذ فبراير 2011، وهو أمر تتطلع إليه الجارة تونس، أيضا، التي ترى نفسها من أكثر دول الجوار المتضررة مما يجري في ليبيا، على مختلف الأصعدة.

وستحرص تونس خلال أعمال القمة على وضع ملف ليبيا ضمن أولويات المواضيع التي ستناقش. وأوضح صلاح الدين الجمالي، مبعوث الأمين العام للجامعة العربية إلى ليبيا، في لقاء مع “العرب” إلى أن القمة العربية تولي أهمية قصوى للملف الليبي وستخصص جلسة لنقاش مستجدات الأوضاع في ليبيا، خصوصا إثر خارطة الطريق التي قدمتها الأمم المتحدة لوضع حد للفوضى في البلاد والتي تنصّ على إجراء انتخابات.

ويشير الجمالي إلى أن “الجامعة العربية تدعم جميع خطوات إنهاء الأزمة الليبية وخاصة المبادرة الأممية التي أسهمت فيها الجامعة”، وأكد أن الجامعة العربية قراراتها واضحة بخصوص ليبيا وهي تشدد على رفض تدخل الدول الأجنبية وإنهاء الأزمة بطرق سلمية والحفاظ على وحدة ليبيا شعبا وترابا مع ضرورة إشراك كامل الطيف الليبي في تسيير ليبيا المستقبل.

ويبيّن الجمالي أن الجامعة دعمت ليبيا من خلال رفع الحظر على أموال ليبية وتجهيز قوات الأمن والجيش بالأسلحة حتى تستطيع أن تؤمن البلاد، وهي قرارات سبق أن اتخذت لكن ستؤكد عليها قمة تونس مرة أخرى.

وجدد مبعوث الأمين العام إلى ليبيا موقف تونس الداعم لليبيا والشعب الليبي ودعواتها إلى حل الأزمة بالحوار والمصالحة، مذكرا بأن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي صاحب المبادرة الثلاثية بين دول الجوار (تونس والجزائر ومصر). ويرى أن تونس المعنية الأولى بالأزمة الليبية، فهي جارة تونس وتربطها علاقات وثيقة وقوية واستقرارها من استقرارها.

ويتابع أن “ما يهم تونس هو أن تنتهي هذه الأزمة وأن تسترجع ليبيا استقرارها”، مشيرا إلى أن “تونس التي تدعم المبادرة الأممية وكل تحرك لتنفيذها لا تؤمن بتشتت المبادرات وكثرتها وترى أن المبادرة الأممية كافية”.

المصالحة الليبية

دعم عربي للمساعي الأممية
دعم عربي للمساعي الأممية

ينتظر الليبيون ما ستسفر عنه مباحثات المؤتمر الليبي الجامع الذي دعت إليه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على لسان رئيسها غسان سلامة ومن المقرر تنظيم المؤتمر في الفترة من 14 إلى 16 أبريل القادم في مدينة غدامس الليبية (600 كيلومتر جنوب غرب طرابلس).

وبحسب البعثة، سيشارك نحو 150 ليبيا في المؤتمر لبحث سبل إيجاد حل للأزمة السياسية في ليبيا وإمكانية إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية واستفتاء عام على مشروع الدستور الليبي الدائم. والمؤتمر الجامع هدفه إنهاء المرحلة الانتقالية في ليبيا المستمرة منذ 8 سنوات، وذلك من خلال انتخابات متزامنة أو على مراحل. وهو فرصة للتحاور والتصالح بين الليبيين.

وأعرب الجمالي عن تفاؤله بنجاح المصالحة الليبية، مؤكدا دعم الجامعة العربية للم شمل الفرقاء الليبيين، وأردف بقوله “المصالحة هي المستقبل في ليبيا”.

لكن، يصطدم طريق المصالحة في ليبيا بحالة الانقسام السياسي وانعدام الأمن مع نفوذ قوي للميليشيات، وهو ما لا ينفيه الجمالي فـ”الأزمة الليبية عميقة”. ويرى أن ما يعيق تقدم الحل في ليبيا هو وجود حساسيات بين بعض القيادات الليبية، غير أن “الشعب الليبي هو شعب واع ولا يرضى بالخلافات سواء على مستوى الأفراد أو القبائل”.

ويضيف أن “تطلعات الزعامة بين بعض القيادات تعرقل جهود الاستقرار”. ويثمّن تفكير الليبيين في مصلحة ليبيا وعدم الانجراف وراء المصالح الخاصة. أما بخصوص الفرقاء السياسيين فيعتقد الجمالي أن عليهم التنازل لبعضهم البعض للخروج من الأزمة وأيضا العمل معا على النهوض بليبيا مجددا وعودتها إلى مصاف متميز.

ويقول “كل اتصالاتي مع الليبيين تؤكد أنهم في مستوى رفيع من المسؤولية حيث يسعون لحل سلمي وتفاوضي، وهناك تطور في الموقف السياسي الليبي لشعورهم بأن المواجهة لن تنفع والأهم من ذلك هو التوافق والاجتماع على طاولة واحدة لحل مشاكل ليبيا”.

ورغم ما أبداه الجمالي من تفاؤل إلا أنه حذر من أن استمرار الخلافات سيعمق الأزمة، ويؤكد أن مخرج الأزمة بالتفاوض والحل السلمي. مشيرا إلى أن الرغبة في الزعامة وغياب الثقة بين الليبيين والخوف من المستقبل وراء تعثر الاستقرار.

ويبين أن هناك بعض الأطياف في ليبيا تخشى المستقبل وربما هو خوف من فقدانها بعض المزايا أو تعرضها لمحاولات التشفي والانتقام. ويستدرك الجمالي بقوله “على هؤلاء أن يثقوا أن ليبيا ديمقراطية تسع الجميع وأن هناك رغبة في طي صفحة الماضي وإعلان العفو العام وقطع الطريق أمام من يريد أن يعكر الاستقرار بتصفية الحسابات”. ويلفت بقوله “كل من يفكر طرف في تصفية حساباته إلا والأزمة تطل من جديد”.

ويؤكد الجمالي أن “ليبيا يجب أن تبنى بالتسامح والعفو العام، يجب أن يشعر الليبيون بالتفاؤل بالمستقبل وليس بالخوف لبناء ليبيا الجديدة حتى لو اختلفت المواقف”. ولاستعادة الثقة والأمل في ليبيا جديدة يدعو الجمالي الليبيين إلى نظرة جديدة إلى بلدهم، لافتا إلى أن ما سيختاره الليبيون عبر الانتخابات الحرة سيقبل به المجتمع الدولي وسيحترمه.

تحديات القمة

صلاح الدين الجمالي: لن نستطيع أن نكون قوة إلا بالتضامن والاندماج الاقتصادي
صلاح الدين الجمالي: لن نستطيع أن نكون قوة إلا بالتضامن والاندماج الاقتصادي

تلتئم القمة العربية العادية الثلاثون بتونس، الأحد، وسط ملفات عاجلة على طاولة مناقشاتها، بينها تداعيات الإعلان الأميركي بشأن الجولان السوري، والأزمة المالية الفلسطينية، وأيضا الملف الليبي. ويقر الجمالي بحجم التحديات العربية التي لطالما تعرضت لها. ويصف القرار الأميركي الذي يقضي بسيادة إسرائيل على الجولان بالتحدي الصارخ. ويقول إن “إعلان ترامب مناف للأعراف الدولية فهو يبيع أرض الغير وهذا غير مقبول وموقف غير شرعي وهذه الوثيقة تلزمه فقط”.

 ويضيف أن “ترامب في وضع سياسي غير مريح، لذلك أراد أن يخدم الجالية اليهودية في أميركا وإسرائيل ويخدم مصلحة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الانتخابية، لكنه يؤكد أنه “يفتقد إلى تجربة سياسية وموقفه حول الجولان غير أخلاقي ولا قيمة قانونية له”.

ويشير إلى أن مواجهة هذه الضغوط لن تنجح دون تضامن عربي. ويؤكد أن “ما جعل الدول العربية مستباحة هو التشتت والتشرذم والتناحر العربي للأسف”.

ويستشهد بالأوضاع غير المريحة بالعراق وسوريا. لكن ما يبعث بالتفاؤل بالنسبة إليه هو إعلان الجيش الجزائري شغور منصب رئيس الجمهورية لسحب البساط ممن يسعون لإثارة الفتنة في البلد، وقدم بذلك فرصة للجزائريين لانتخاب رئيس جديد وقيادات جديدة دون الدخول في الصراعات.

ويتابع بقوله “لن نستطيع أن نكون قوة إلا بالتضامن والتكامل والاندماج الاقتصادي الذي ما زال قيد الاتفاقيات دون أمل في تطبيقها على أرض الواقع″. ويخلص مبعوث الأمين العام للجامعة العربية إلى ليبيا مؤكدا أن “التضامن العربي يبقى المفتاح الوحيد لاقلاع المنطقة من تخلفها”.

7