الجاسوسية قاعدة الحرب الإعلامية المتصاعدة بين موسكو ولندن

شنت الخارجية الروسية هجوما لاذعا على الصحافة البريطانية إثر تقرير يتناول البعثة الدائمة الروسية لدى الأمم المتحدة، متهما إياها بالترويج للأكاذيب والمعلومات المغلوطة، وأن السبب الرئيسي في نشر هذه التقارير هو قضية تسميم الجاسوس الروسي سيرجي سكريبال.
موسكو - طالبت السفارة الروسية في لندن الأحد صحيفة “ذا ميل أون صاندي” بالاعتذار على نشرها معلومات كاذبة عن سفير موسكو لدى لندن ألكسندر ياكوفينكو.
وقالت الصحيفة أن ياكوفينكو، الذي عمل في وقت سابق في البعثة الدائمة الروسية لدى الأمم المتحدة، “طرد من الولايات المتحدة التي كشفت تجسسه عليها، وأن الوسام الحكومي الروسي الذي يحمله، كان تكريما له على أنشطته التجسسية”.
ووصفت السفارة هذه المعلومات بأنها “كذبة فادحة”، مؤكدة أن ياكوفينكو أنهى عام 1996 عمله في البعثة الروسية لدى الأمم المتحدة، بسبب انتهاء فترة إيفاده، وأضافت “السفير ينتظر اعتذاركم”، وفقا لما نقلته وكالة سبوتنيك الروسية.
كما نفت السفارة الروسية ما أشيع عن منح ياكوفينكو “جائزة الدولة لأنشطة التجسس”، موضحة أن السفير نال “وسام الاستحقاق الوطني” من الدرجة الثانية تكريما له على دوره في مفاوضات دولية استغرقت خمس سنوات حول إطلاق محطة الفضاء الدولية، وهو مشروع مشترك بين روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا واليابان، بتمويل غربي وتصميم روسي.
وهاجمت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا وسائل الإعلام والصحافيين البريطانيين بطريقة لاذعة، وكتبت على فيسبوك، أن ترويج مثل هذه الأكاذيب “يثبت مرة أخرى المستوى المتدنّي لتعليم وأدب الصحافيين البريطانيين”.
واعتبرت زاخاروفا أن “الأخبار الكاذبة تصدر في بريطانيا بأمر موحّد، للتهرب من السؤال الأساسي، وهو: ماذا حدث في سالزبوري في 4 مارس 2018؟”، في إشارة إلى حادث تسميم العميل البريطاني السابق سيرجي سكريبال وابنته يوليا بمادة مشلة للأعصاب في سالزبوري.
واتهمت لندن روسيا بالضلوع في تسميم سكريبال، بينما رفضت موسكو هذا الاتهام واعتبرته استفزازا.
وأضافت زاخاروفا “صحف التابلويد البريطانية احتفلت بالذكرى السنوية لحادث سالزبوري، الصحافيون يكسبون هناك بالفعل، لقد حددوا الجاسوس السوفياتي الروسي الرئيسي، واتضح أنه ألكسندر ياكوفينكو، لقد حصلنا على دليل جديد أن العديد من الصحافيين البريطانيين هم من ذوي التعليم الضعيف والذين نشأوا بشكل سيء، وإلا لما كانوا سيصبحون ناشرين للأخبار المغلوطة”.
وانتقدت زاخاروفا ما يسمى التحقيق في أنشطة التجسس لياكوفينكو، وقالت إنه “غادر نيويورك كما هو مقرر عندما انتهت مدة عمله لمدة خمس سنوات، وإن منافذ الإعلام في المملكة المتحدة ارتكبت خطأ لا يغتفر”.
وكانت صحيفة “فاينانشيال تايمز” ذكرت الخميس، قبل بضعة أيام من الذكرى الأولى لهجوم التسمم على العميل الروسي السابق المزدوج سيرجي سكريبال في مدينة ساليزبوري البريطانية – أن وسائل الإعلام الروسية كانت تضلل الجمهور بنشر 138 قصة متناقضة عن الحادث.
وفي 4 مارس، 2018، تم العثور على سكريبال وابنته يوليا فاقدين للوعي على مقعد في مركز للتسوق في سالزبوري، وقالت لندن إنها تشتبه في أن المواطنين الروسيين ألكسندر بتروف وروسلان بوشهيروف هما من نفذا الهجوم ويعملان لصالح المخابرات الروسية.
وتواجه وسائل الإعلام الروسية المدعومة من الكرملين، مثل شبكة روسيا اليوم ووكالة سبوتنيك، التقارير الغربية بالاستنكار والرفض أحيانا وغالبا بالسخرية من اتهامها بالتضليل ونشر الدعاية، كما حدث مؤخرا عندما نشرت “سبوتنيك” تقريرا
قالت فيه إن اثنين من مراسلي التلفزيون الروسي أثارا حالة من الفزع في الوسطين العسكري والإعلامي في بريطانيا، أثناء إعداد تقرير تلفزيوني “عادي”، وأن السبب في هذه الحالة معرفة أنهما من روسيا.
وأضافت أن تيمور سيرازييف، كبير مراسلي القناة الأولى الروسية في بريطانيا، واجه برفقة زميله المصور إنذارا أمنيا حساسا للغاية، وهو تحذير أمني بالخطر وزع على جميع القواعد العسكرية في جميع أنحاء المملكة المتحدة. وأشارت الوكالة إلى أن جريمة سيرازييف كانت تصوير تقرير خارج منشأة للجيش البريطاني.
في المقابل، نشرت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، التي فجرت القصة، صورة من التنبيه السري، التي أوضحت أن سيرازييف ومصوره شوهدا خارج ثكنات اللواء 77 في هيرميتاج، بيركشاير، على بعد حوالي 50 كم غرب لندن في 21 نوفمبر. يصوران تقريرا حول برنامج الحرب النفسية في الجيش البريطاني.