الثقافة في زمن ضياع الهوية

الخميس 2014/12/18
معرض الرياض الدولي للكتاب يستقطب جميع فئات المجتمع السعودي

عن إنجازات الثقافة العربية والانتظارات، تقول المضحي: “يحدث أن أتساءل. هل ستنجو الثقافة العربية في زمن الضياع، ضياع الهوية والتاريخ والأوطان والمدن والأحلام؟ مازلنا في مرحلة مبكرة من المراجعات، والتي نحن في أمسّ الحاجة إليها لنستوعب ما حدث ويحدث، ونعيد تسمية الأحداث والأشخاص بأسمائهم الحقيقية، لا التي اخترعوها لنا. يبدو أن الثقافة العربية لم تفهم الإنسان العربي جيدا، أو لم تعبر عنه جيدا وخصوصا في اللحظات المفصلية والتي تهدد وجوده وكيانه ككل. لم نعرف بعد أين يكمن الخطأ”.

وعن أبرز الظواهر الثقافية التي غزت الساحة العربية في العام الجاري، وشكلت استجابات لأسئلة او تحديات أو أفكار شاغلة، نقول: “مؤخرا برزت بعض الظواهر الأدبية، وزادت الجوائز فقط، زادت كتب الأكثر مبيعا، والروايات الأكثر مبيعا أيضا، وزاد الاهتمام بها، لا كما ينبغي الاهتمام بالكتب الأكثر قيمة. تحوّل بعض الكتاب إلى نجوم، ولا دهشة في ذلك، فما الذي سيتحفنا به زمن الخيبات هذا”.

وتضيف: “ازدادت كتب السياسة ومقالات السياسة وأصبح الكل يحلل. ازداد المثقفون انقساما وشتاتا وضياعا، والجمهور أيضا. صاروا يحتكمون للنزاعات القبلية والعصبية والطائفية. لا أحد يعرف إلى أين نحن ذاهبون؟ وإلى أين يجب أن نقف؟ هل نكون مع قناعتنا ومبادئنا وأحلامنا؟ أم نكون مع أوطاننا وحكوماتنا العربية التي تراوح مكانها وخطابها إلى المواطن العربي، لم ولن يتغير: أبقى صامتة”.

مع الربيع العربي شهدت ثقافة الشارع قفزة نوعية، هل يمكن الحديث عن جديد حملته ثقافة الشارع إلى الثقافة العربية في مواجهتها للتحديات التي فرضتها التحولات العاصفة هل حملت جديدا يتصادم مثلا مع العناصر التقليدية الكهلة للثقافة العربية؟ تجيب المضحي: “خيبات هذا الربيع والذي يقولون عنه عربي، وأقول عنه وبوعي كبير، بأنه ربيع أعدائنا لا ربيعنا نحن”.

كل شيء يراوح مكانه، ما عدا الخوف هو الوحيد الذي يلعب بمصائرنا وأحلامنا وكتاباتنا وأوراقنا وأقلامنا

وتتابع قولها: “هذا الربيع في زمن الخيبة هذا، زمن الفوضى والسوشيل ميديا حوّل المواطن العربي من مشاهد، إلى صانع خبر، وصانع حدث.

يرسل صورة مرفقة بخبر عبر مواقع التواصل الاجتماعي تبعا لسياسة الأهواء والدوافع الشخصية فيصنع خبرا يتلقاه مفبركو الأحداث والأخبار، ومضخمو الأحداث وبعض القنوات التي تقتات على التزوير والأكاذيب، توجهها لمن لا يفكر ولا يقرأ. وبرغم الإيجابية في كسر احتكار الإعلام الرسمي للأخبار، إلا أن زمن الصورة والخبر غير المنظم، زمن الدعاية والإعلام زاد الطن بلة. ليفرح جوزيف غوبلز وزير الدعاية في حكومة هتلر والذي قال: “اكذب، اكذب، ثم اكذب حتى يصدقك الناس”. سيصدق الناس الذين كفروا بالإعلام الرسمي العربي والمحطات المسيّسة”.

وعن حصة الأدب النسوي من المنجز الثقافي العربي في العام الجاري، تقول: ” أسجل تحفظي على تسمية الأدب النسوي. والمرأة تقيس إنجازاتها الأدبية والحقوقية بالسياسية وأسأل: ماذا أعطت سنوات الخيبة للمرأة؟ لا شيء سوى الخوف. الخوف من الآتي والخوف على الهوية وعلى الذاكرة والتاريخ والوجود. كل شيء يراوح مكانه، ما عدا الخوف هو الوحيد الذي يلعب بمصائرنا وأحلامنا وكتاباتنا وأوراقنا وأقلامنا. الحال كما هو، والمرأة كما هي لم تكسب شيئا. لا شيء يتغير أو تغيّر. وحده الزمن القادر على إحداث التغيير. عندما يسبقنا الزمن، عندها سنلتفت لأنفسنا متأخرين، وعندها قد نتغير. في العشر سنوات الأخيرة خمسة أنظمة عربية سقطت ولم يتغير شيء إلى الأحسن”.

وحده الزمن القادر على إحداث التغيير. عندما يسبقنا الزمن، عندها سنلتفت لأنفسنا متأخرين وعندها قد نتغير

عن أفضل الكتب التي قرأتها خلال العام في الشعر والرواية والفكر والحقول الأخرى التي تهتمّ بها، تقول أميرة المضحي: “في هذه السنة قرأت عددا من الكتب، أفضلها كتاب “أنا” للأديب عباس العقاد، ورواية “ظل الأفعى” ليوسف زيدان، ورواية “طشاري” لإنعام كجه جي، كتاب “سوبرمان عربي” للشاعرة جمانة حداد، ورواية “مريم الحكايا” لعلوية صبح، “هذا الإنسان” لنيتشه، “الأولة باريس” لشيرين عادل، وأعدت قراءة بعض دواوين الشاعر محمود درويش، وأقرأ حاليا كتاب “أحاديث مع والدي أدونيس” لنينار إسبر”.

في هذا السياق هل يمكن مثلا تسمية أفضل خمس روايات عربية صدرت في العام الجاري، على اعتبار أن الرواية يمكن أن تكون أقدر من غيرها من فنون الكتابة على التعبير عن التحولات الاجتماعية؟ تجيب المضحي قائلة: “في عام 2014 صدر عدد من الروايات لكني لم أقرأ الكثير بعد. قرأت “نازك خانم” للينا هويان الحسن، ورواية “زمبوه” لحبيب محمود، ورواية “مقهى سليني” لأسماء الشيخ، وعلى لائحة الانتظار “سيرة المنتهى” لواسيني الأعرج، و”الطابق 99” لجنى الحسن، ورواية ”1919” لأحمد مراد”.

لطالما كان المسرح تعبيرا عن أصوات المجتمع، هل يمكن الحديث عن مسرح عربي خلال العام 2014 عبّر عن أصوات المجتمع؟ تقول: “كل الفنون السبعة حاضرة اليوم ويغيب المسرح. أين هو؟ ومن يقف على خشبته، أنا لا أرى مسرحا اليوم، أرى “هبل”. هناك تجارب جيدة في لبنان، حيث مازال الجيل الثاني من الرحابنة يؤمنون بالمسرح ويحلمون بمسرح يسافر إلى كل مكان حاملا إرث الإنسانية إلى الناس الذين يريدون مشاهدة أنفسهم”.

15