التين الشوكي في دمشق يجمع الفقراء والأغنياء على بسطة واحدة

مساحات من الأرصفة تحولت إلى دوحات خضراء لتشكل ما يشبه ملتقى لعشاق صبار التين الهندي.
الأربعاء 2021/08/11
ثمرة مفضلة

دمشق - التين الشوكي، أو صبار التين الهندي أو الصبارة بلهجة أهل دمشق، هو فاكهة لها خصوصيتها وتميزها عن باقي أصناف الفواكه الأخرى، وبالإضافة إلى وجودها في محال بيع الفواكه والخضروات التقليدية فإن لها أيضاً بائعين خاصين على “بسطات وعربات” يتجولون في أزقة وحارات محددة في فصل الصيف ويصبحون من معالم المدينة في مثل هذا الوقت من السنة.

وزائر دمشق يلاحظ أن هناك مساحات من الأرصفة في الأحياء الراقية، كأبي رمانة والمالكي، قد تحولت إلى دوحات خضراء مزينة بالورود والنباتات، وتتوزع بينها كَراسٍ فولكلورية منخفضة من القش والخشب وأحياناً من البلاستيك، لتشكل ما يشبه ملتقى لعشاق هذه الفاكهة.

التين الشوكي من أغذية الرشاقة لأن السعرات الحرارية التي تحتويها الثمرة الواحدة لا تزيد على  ثلاثين سعرة
التين الشوكي من أغذية الرشاقة لأن السعرات الحرارية التي تحتويها الثمرة الواحدة لا تزيد على ثلاثين سعرة

“صبارة باردة”، عبارة يصيح بها بائع التين الشوكي الذي يضع حبات الفاكهة أمامه مرتبة في هيئة أكوام وفوقها قطع الثلج على “بسطته” المزينة التي يضعها في مكان محدد يراه مناسبًا لجذب انتباه المارة واتخاذ قرار الشراء.

محمد جمال ناصر، أحد بائعي التين الشوكي المنتشرين بكثرة في شوارع دمشق التي تشهد حركة كثيفة، يضع حبات الصبار أمامه وبجانبه وعاء من الماء والثلج، يمسك بثمار الصبار ويقشرها ويقدمها للزبائن دون أن يصيب شوكها يده.

البائع شادي سكروجة، الذي ورث هذا العمل عن أبيه منذ 23 عاما، يذكر بدوره أن موسم الصبارة يبدأ بالإثمار في أول شهر يونيو ويتواصل إلى غاية منتصفه ويبدأ تسويقه في نهاية الشهر.

ويؤكد أن زراعتها كانت منتشرة قديماً في منطقة المزة ومن هنا جاءت تسميتها “مزاوية يا حلوة” و”حلوة يا أم الشامات”، ولكن حالياً انتقلت زراعتها إلى منطقة دير العدس ومناطق أخرى جنوب دمشق. وحسب رأيه اختلف طعمها بين المناطق بسبب نوعية المياه والتربة أما بالنسبة إلى الإنتاج فقد توسع وازداد.

ولفت المزارع علي اليازجي إلى أن نبات التين الشوكي ينمو بشكل تلقائي دون الحاجة إلى الري والرعاية والخدمة الزراعية ويلائم طبيعة ومناخ منطقة سلمية التي تمتاز بهوائها الجاف ما يجعله محصولاً زراعياً ذا قيمة إنتاجية مضافة دون أي تكاليف أو أعباء قد يتحملها المنتجون، علاوة على أن فاكهة التين الشوكي ذات طعم محبب وتحوي عناصر غذائية مهمة وصحية وتلقى طلباً في الأسواق.

وينتشر التين الشوكي بكثافة في المناطق الجافة وشبه الصحراوية حيث يعمل أصحابه على قطافه وتسويقه عبر الأسواق المحلية في منطقة سلمية من المنتج إلى المستهلك، مؤكداً أن هذه الفاكهة تحقق للكثير من الأسر مردوداً مادياً وفيرا.

وتحث المهندسة ميرفت موسى الفلاحين على التوسع في زراعة التين الشوكي لكونه من المحاصيل الصيفية المجدية زراعياً وله قدرة على التكيف مع مختلف الظروف المناخية ويقاوم الجفاف وقلة الأمطار وثماره غالية الثمن، كما أن نبات الصبار يعد علفاً مفضلاً للإبل وزراعته شائعة في أراضي سلمية ولاسيما حول الحقول والبساتين حيث يعد سياجاً حامياً لها ضد أي تعديات.

مذاق خاص
مذاق خاص

وقال بسام حداد، أحد الزبائن الدائمين لبسطات التين الشوكي، “على الرغم من تنوع فواكه الشام من تين وعنب ومشمش وكرز وتفاح وإجاص ودراق وتوت وبطيخ وشمام، إلا أن الصبارة يظل لها مذاق خاص”.

ويضيف “نحن معتادون على تناولها منذ الصغر، وقد أحبها أطفالي وكذلك زوجتي، لذا أصطحبهم في بعض الأمسيات لتناولها، وأحياناً أشتري لهم طبقاً من الثمرات وأحضره إلى المنزل”.وعن الأسعار يقول “الزبون لا يدقق في السعر المطلوب منه، ففي أكل التين متعة جميلة في أمسيات الصيف، وصبارة واحدة أفضل مئة مرة من أن تتناول البوظة، وسعر حبة الصبارة أقل بكثير من سعر البوظة، مع الفارق في الطعم والنكهة إلى جانب الفائدة الصحية”.

وأشار سكروجة إلى أن حركة البيع جيدة لكنها تأثرت قليلاً بالظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد وبوباء كورونا، لافتاً إلى أن حركة البيع تنشط مساء بعد غياب الشمس حيث يأتي الزبائن مع عائلاتهم لتناول هذه الفاكهة والاستمتاع بطعمها. وبيّن أن هناك نوع من التين الشوكي ينضج في الشتاء ويسميه البائعون “صبارة رجعية” ذات طعم ولون مختلفين.

وأوضح أن التين الشوكي يباع بالكيلوغرام أو مقشراً وجاهزاً حيث يتم وضعه على أطباق كرتون أو ضمن أكياس بلاستيكية ويباع أيضا مباشرة للزبون بالحبة الواحدة، فيما أكد البائع طارق حجيج -الذي حاز جزءا من الرصيف الواقع بين حيي الروضة وأبورمانة في هذا الموسم- أن التين الشوكي من الفواكه الموسمية الشهيرة التي تظهر في فصل الصيف، وهو يعمل على بيعه منذ سنوات ويدر ربحاً مقبولاً وخصوصاً في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، مضيفاً أنه يجلبه من مزارع دروشا التابعة لمنطقة قطنا في محافظة ريف دمشق.

وللتين الشوكي فوائد عديدة وهو من أغذية الرشاقة وإنقاص الوزن، لأن السعرات الحرارية التي تحتويها الثمرة الواحدة لا تزيد على ثلاثين سعرة.

20