التيار المدني والإخوان يلتقيان في معارضة حكومة الرزاز

رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز يحمّل الأحزاب مسؤولية اختيار التشكيل الحكومي.
السبت 2018/07/21
ينجح في اختبار النواب

عمان – حملت عملية التصويت على منح الثقة للحكومة الأردنية برئاسة عمر الرزاز الكثير من الالتباسات، خاصة لجهة موقف التيار المدني الذي كان يرجح كثيرون أن يصوت لصالح هذه الحكومة، بيد أنه فضل في الأخير حجب الثقة عنها على غرار ما قامت به كتلة الإصلاح التابعة لجماعة الإخوان.

وكان مجلس النواب الأردني قد منح مساء الخميس الثقة لحكومة الرزاز، حيث صوت لصالحها 79 نائبا فيما حجب الثقة عنها 42 نائبا وامتنع نائبان عن التصويت، كما لم يصوت رئيس المجلس عاطف الطراونة، في عرف دأب عليه في السنوات الأخيرة.

ومن خلال النظر لخارطة توزيع الأصوات، فقد فضل التيار المحافظ منح الثقة للحكومة في حين سجل التقاء نادر بين التيار المدني والإخواني في رفضهما للحكومة الجديدة.

ويقول محللون إن موقف كتلة الإصلاح (14 نائبا) كان متوقعا فجماعة الإخوان تريد تجنب وضع نفسها في موقف محرج أمام قواعدها الشعبية في ظل اعتراضات على التشكيلة الحكومية، وإن أكدت الكتلة على لسان المتحدثة باسمها ديما طهبوب أنها ستتعاطى بإيجابية مع الحكومة الجديدة.

وبررت طهبوب سبب رفض نواب كتلتها التصويت لصالح حكومة عمر الرزاز، بأنهم لم يتلقوا أي رد أو تعهد من قبل رئيس الوزراء بتنفيذ المطالب التي طرحوها.

وقالت طهبوب إن الثقة لا تعطى على حسن النوايا، وإنما على توافقات سياسية وبرامج عمل. وكانت كتلة الإصلاح النيابية قد ربطت منحها الثقة أو حجبها عن حكومة عمر الرزاز بـ20 شرطا أبرزها بسط الولاية العامة للحكومة على مختلف قطاعات الدولة، وتعديل قانون الانتخاب.

موقف كتلة الإصلاح من الحكومة كان متوقعا، فجماعة الإخوان تريد تجنب وضع نفسها في موقف محرج أمام قواعدها

وحرصت الكتلة على أن تضمن في شروطها مطلبا بتعديل المادة 40 من الدستور التي تحصر صلاحية تعيين قائد الجيش، ومدير المخابرات، ومدير الدرك، بيد الملك.

ويقول مراقبون إن جماعة الإخوان تريد أن تمسك العصا من المنتصف فقد رفضت منح الثقة للحكومة تجنبا للحرج وفي ذات الوقت حرصت على إرسال رسائل إيجابية لها، حيث أنها تأمل في أن يكسر ذلك حاجز العزلة الذي واجهته في عهد الحكومات السابقة.

أما بخصوص التيار المدني ولئن كان موقفه من منح الثقة للحكومة مفاجئا للبعض بيد أن محللين يرون أن هذا الموقف كان مدروسا وواقعيا فالتيار الذي يخطو بخطوات ثابتة، وإن كانت بطيئة، في تكريس نفسه كرقم صعب في المعادلة الأردنية، مستغلا في ذلك تراجع زخم الأحزاب الإسلامية وتشتت القوى الليبرالية والقومية، ويتخذ من تغيير النهج والآليات هدفا أساسيا في برنامجه.

ويقول المحللون إن اختيار وزير التربية والتعليم السابق عمر الرزاز لتولي رئاسة الوزراء خلفا لهاني الملقي الذي أدت خياراته الاقتصادية إلى احتجاجات غير مسبوقة في البلاد، الشهر الماضي، قابله التيار المدني بترحاب كبير لجهة أن الرزاز لا ينتمي إلى الطبقة السياسية التقليدية كما أن مسيرة الرجل تعكس فكره التنويري الراغب في التغيير.

وهذا الترحاب سرعان مع خفت وهجه بعد إعلان التركيبة الحكومية التي ضمت أسماء وزارية سابقة كانت محل انتقاد، وتحدث البعض على أن الدولة العميقة كانت خلف هذه التشكيلة المثيرة للجدل والتي تعطي انطباعا بأن لا تغيير مرتقبا على مستوى النهج، وتعزز هذا الاعتقاد بالبيان الحكومي الذي قدمه الرزاز لمجلس النواب والذي لم يأت وفق النواب بشيء جديد، ولم يتضمن تصورا واضحا لكيفية إخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية

وهذا الأمر ساهم بشكل واضح في اتخاذ التيار المدني قرارا بحجب الثقة عن الحكومة.

وقد حاول الرزاز في كلمته عقب منح حكومته الثقة، تبرير اختياره لهذه التركيبة الحكومية قائلا “أؤكّد أنّني شخصيا أتحمّل مسؤوليّة هذه التشكيلة، التي اخترتها وفقاً لقناعاتي واجتهاداتي، وإيماني الكبير بقدرات أعضائها وخبراتهم، وقدرتهم على أداء الواجبات الموكولة إليهم بكلّ كفاءة وأمانة وإخلاص؛ كما وأؤكّد أيضا أنّ المعيار الرئيس لتقييم الوزراء هو الأداء”.

وحمّل الرزاز الأحزاب مسؤولية التشكيل الحكومي بقوله “أودّ أن أشير هنا إلى أنّ ضعف العمل الحزبي، وعدم القدرة على تشكيل حزب الأكثريّة، أو تكوين الائتلافات الحزبيّة هي السبب الرئيسي في إخضاع التشكيلة الحكوميّة لاجتهاد شخصي من كل رئيس للوزراء؛ أيّا كان، ونحن نتطلّع إلى ذلك اليوم الذي تكون فيه لدينا أحزاب فاعلة ولها برامج، تستطيع الوصول إلى قبّة البرلمان عبر صناديق الاقتراع، بأكبر عدد ممكن من المقاعد، لتشكّل حكومة برلمانيّة حزبيّة، تجسيدا لمضامين الأوراق النقاشيّة الملكيّة.

2