التيار الصدري غير معني بالانتخابات المحلية في ظل انشغاله بـ "أهل القضية"

تحفظات الصدر على المشاركة في الانتخابات المحلية لا تبدو مقنعة حتى لقياديي تياره الذين يرون أن الموقف يخدم الخصوم.
الاثنين 2023/05/22
الأولوية لتطهير التيار

بغداد - تقول أوساط سياسية عراقية إن انشغال التيار الصدري بالأزمة الداخلية التي تعصف به، لاسيما في علاقة بظهور جماعات مغالية تحمل أفكارا هدامة كجماعة “أصحاب القضية”، يجعله غير مبال بالاستحقاقات السياسية المقبل عليها العراق من قبيل انتخابات مجالس المحافظات. وتشير الأوساط إلى أن الهم الأكبر بالنسبة إلى رجل الدين مقتدى الصدر حاليا هو تطهير تياره من الانحرافات التي يشهدها، والتي يعتقد أن بعضها على صلة بأجندات خارجية تستهدف النيل من التيار الصدري، والتشكيك فيه.

وكشف مصدر مقرب من زعيم التيار الصدري الأحد، أن الصدريين لن يخوضوا انتخابات مجالس المحافظات المقرر إجراؤها في نوفمبر المقبل. وقال المصدر لوكالة "شفق نيوز" المحلية إن "مقتدى الصدر أبلغ المقربين منه بأنه اتخذ قراراً بعدم خوض التيار انتخابات مجالس المحافظات بأي قائمة مدعومة منه بشكل مباشر أو غير مباشر”.

وأوضح المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “زعيم التيار الصدري لم يحدد موقف الصدريين من انتخابات مجلس النواب المقبلة، وهل سيتم مقاطعتها أو سيخوضها”، مشيرا إلى أن “هناك محاولات من الحلقة المقربة من الصدر لثنيه عن عدم المشاركة في الانتخابات المحلية”. ويرى مراقبون أن عدم مشاركة التيار في انتخابات مجالس المحافظات سيعني تكريس هيمنة القوى الموالية لإيران على السلطة في العراق، مشيرين إلى أن التيار يبدو على أبواب تكرار نفس الخطأ.

◙ الهم الأكبر بالنسبة إلى رجل الدين مقتدى الصدر حاليا هو تطهير تياره من الانحرافات التي يشهدها، والتي يعتقد أن بعضها على صلة بأجندات خارجية

وكان التيار الصدري الذي فاز في الانتخابات التشريعية في العراق في أكتوبر 2021، فضل الانسحاب من العملية السياسية بعد أشهر من الصراعات بينه والإطار التنسيقي الذي يشكل المظلة السياسية للقوى الولائية، لتؤول السلطة مجددا إلى الأخيرة بعد أن كادت تفقدها على ضوء النتائج الهزيلة التي حققتها في الاستحقاق.

ويرى مراقبون أن تحفظات الصدر عن المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات لا تبدو مقنعة حتى لقيادات تياره الذين يرون أن هذا الموقف من شأنه أن يخدم الخصوم، ويضعف من تأثير الصدريين في سلطة القرار بالبلاد.

ويقول المراقبون إن الحديث عن أن الأولوية لتطهير التيار من الجماعات المغالية لا يخلو من قصر نظر، حيث أنه بالإمكان السير في خيار الإصلاح الداخلي بالتوازي مع الفعل السياسي. وظهر تسجيل فيديو جديد للمجموعة التي يطلق عليها “أصحاب القضية”، يدعون فيه إلى مبايعة زعيم التيار الصدري على أنه الإمام المهدي المنتظر.

وجاء هذا التسجيل على الرغم من كون الصدر أعلن التبرؤ من هذه الجماعة، وألزم أنصاره بالتوقيع ببصمة الدم على وثيقة تلزم بعدم اتباع مثل هذه الجماعات، وهو ما يعزز فرضية أن تكون هذه الجماعة مدسوسة من الخارج، حيث تحوم الشبهات حول إيران. وظهر ثلاثة ملثمين في التسجيل القصير وهم يحملون راية كتب عليها “نبايع الإمام المصلح الموعود مقتدى مهدي الأمم عليه السلام”.

وتلا أحد الثلاثة بيانا مخاطبا فيه “أصحاب القضية” بالقول “ستكون هناك خطوتان نصرة للمصلح الأمين، الخطوة الأولى: يجب أن نكون يداً واحدةً ونقف على دار المصلح الأمين (مقتدى الصدر) ونبايعه ونهتف باسمه ‘يا مهدي الأمم جئناك لنبايعك بأرواحنا وأجسادنا وأموالنا وأهلنا وبكل شيء ونطالب بكسر عزلته والرجوع إلينا لقيم دولته وهي دولة العهد الإلهي'”.

وأضاف المتحدث “أما الخطوة الثانية وبعد مبايعة المصلح الأمين سنتجه إلى عاصمة الفساد والمفسدين بغداد للانقلاب على دولة بني العباس التي يترأسها الطاغية محمد شياع السوداني سفياني العصر، ونزيح دولة الفساد والإفساد، ونرجعها إلى صاحب الحق، وهو المصلح الأمين”، مردفا بالقول “ولا تكون دولة ولا قيادة إلا بيد المصلح الأمين”.

◙ عدم مشاركة التيار في انتخابات مجالس المحافظات سيعني تكريس هيمنة القوى الموالية لإيران على السلطة في العراق، والتيار يبدو على أبواب تكرار نفس الخطأ

وأعلن زعيم التيار الصدري منتصف أبريل الماضي تجميد التيار الصدري عاماً كاملاَ، مبيناً أن استمراره في قيادة التيار وفيه “أهل القضية” وبعض الفاسدين والموبقات “أمر جلل”. وقال زعيم التيار الصدري في تغريدة على موقع تويتر “أن أكون مصلحاً للعراق ولا أستطيع أن أصلح (التيار الصدري) فهذه خطيئة، وأن أستمر في قيادة (التيار الصدري) وفيه (أهل القضية) وبعض من الفاسدين وفيه بعض الموبقات فهذا أمر جلل”.

وأضاف الصدر “لذا أجد من المصلحة تجميد التيار أجمع ما عدا صلاة الجمعة وهيئة التراث و(براني السيد الشهيد) لمدة لا تقل عن سنة.. لأعلن براءة من كل ذلك أمام ربي أولاً وأمام والدي ثانياً”. وأعلن صالح محمد العراقي المعروف بوزير القائد في وقت لاحق إلغاء زعيم التيار الصدري اعتكافا كان من المفترض أن يقوم به بمسجد الكوفة بسبب “أهل القضية”.

ولم يوضح وزير القائد تفاصيل أكثر عن “إلغاء الاعتكاف”، أو من يقصدهم بالتغريدة. وقال مصدر مقرب من مكتب الصدر لوسائل إعلام محلية إن “مجموعة تطلق على نفسها ‘أصحاب القضية’، أشاعوا أن الإمام المهدي سيظهر في الكوفة وذلك بالتزامن مع قرار من الصدر بالمشاركة في الاعتكاف”. وأعلن القضاء العراقي يوم الرابع عشر من أبريل الماضي عن توقيف العشرات من المتهمين من “أصحاب القضية” وقال إنهم “عصابة تثير الفتن”.

وذكر في بيان أن “محكمة تحقيق الكرخ قررت توقيف 65 متهما من أفراد عصابة ما يسمى ‘أصحاب القضية’ التي تروج لأفكار تسبب إثارة الفتن والإخلال بالأمن المجتمعي”. وأضاف أن “ذلك تم بالتنسيق مع جهاز الأمن الوطني باعتباره الجهة المختصة بالتحقيق”.

3