التونسيون يتطلعون إلى انطلاقة جديدة في ذكرى مرور أحد عشر عاما على الثورة

الاتحاد الأوروبي يعلن دعمه للجدول الزمني الذي خطه الرئيس قيس سعيّد لإنهاء الفترة الانتقالية.
الجمعة 2021/12/17
رسالة للطبقة السياسية

تونس - أحيت تونس الجمعة الذكرى الحادية عشرة لتفجر الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، على وقع انقسامات سياسية وأزمة اقتصادية خانقة ومخاوف من موجة جديدة لفايروس كورونا.

هذا الوضع المربك لم يمنع التونسيين من التطلع بحذر إلى أن يكون القادم أفضل، خصوصا بعد إنهاء الرئيس التونسي قيس سعيّد حالة الغموض في ما يتعلق بالإجراءات الاستثنائية التي اتخذها في يوليو الماضي، وتحديده توقيتات لأهم المواعيد السياسية.

واستبق الرئيس سعيّد الاحتفال بالذكرى التي تم تغيير موعدها بموجب مرسوم من يوم 14 يناير (تاريخ هروب الرئيس الراحل بن علي) إلى 17 ديسمبر تاريخ تفجر الثورة في العام 2011، بالإعلان عن جدول زمني مضبوط بشأن أهم المحطات السياسية، ومن بينها تنظيم استفتاء حول الإصلاحات الدستورية في الخامس والعشرين من يوليو المقبل وإجراء انتخابات تشريعية في السابع عشر من ديسمبر 2022، مع الإبقاء على تجميد عمل البرلمان الحالي إلى حين إجرائها.

وعززت الرزنامة التي طرحها الرئيس التونسي التباينات داخل الطبقة السياسية والفعاليات النقابية والاجتماعية، لكنها لقيت قدرا من الارتياح لدى الشارع التونسي، وأيضا دعما من قبل المجتمع الدولي.

وأعلن الاتحاد الأوروبي مساء الخميس عن ارتياحه لقرارات الرئيس التونسي، وقال الاتحاد في بيان إن تحديد مواعيد لإنهاء المرحلة الانتقالية خطوة مهمة نحو استعادة الاستقرار المؤسسي والتوازن.

وأوضح أنّ الاتحاد الأوروبي سيحدّد مدى نجاح هذه العملية بناء على الطرق الملموسة لتنفيذها، ولاسيما ترسيخها في القيم والمبادئ الديمقراطية، بالإضافة إلى شموليتها وشفافيتها.

وأضاف البيان الصادر عن الممثل السامي للاتحاد الأوروبي أنّه بينما يُدعى الشعب التونسي إلى اتخاذ قرارات سيادية ذات أهمية كبيرة، فإنّه يؤكد من جديد عزمه على دعم تونس، كشريك وثيق، على طريق توطيد الديمقراطية.

وكانت الولايات المتحدة أعربت في وقت سابق عن ترحيبها بوضع جدول زمني يخط مسارا نحو الإصلاح السياسي وإجراء انتخابات برلمانية، مؤكدة على لسان المتحدث باسم خارجيتها نيد برايس دعمها "لتطلعات الشعب التونسي إلى حكومة فعالة وديمقراطية وشفافة تحمي الحقوق والحريات".

ويشكل الموقف الدولي أهمية كبيرة بالنسبة للرئيس التونسي، الذي يواجه تحديات كبيرة أهمها معارضة جزء كبير من الطبقة السياسية لقراراته، لاسيما تلك التي قادت البلاد منذ انهيار حكم الرئيس بن علي.

الصورة
التحدي الاقتصادي يلقي بظلاله على ذكرى الاحتفال بالثورة

وفاجأ الرئيس سعيّد في الخامس والعشرين من يوليو الماضي الطبقة السياسية بحزمة قرارات استثنائية، من بينها إقالة حكومة هشام المشيشي وتجميد عمل البرلمان، ورفع الحصانة عن النواب.

وشكلت تلك الخطوات بارقة أمل للتونسيين في وضع حد لحالة الانسداد الذي بلغ أوجه في الصدامات بين القوى المختلفة تحت قبة البرلمان، وتداعت في المقابل القوى السياسية التي كانت متحكمة في المشهد، وفي مقدمتها حركة النهضة الإسلامية، إلى التنديد بها واعتبارها "انقلابا".

ويرى مراقبون أن الرئيس سعيّد بإعلانه قبل أيام قليلة عن جدول زمني لإنهاء الفترة الانتقالية، قطع الطريق على تلك القوى للعودة إلى المشهد مجددا، خصوصا وأنه يستند هذه المرة على موقف دولي واضح في دعم الجدول الزمني الذي خطه.

ونظمت بعض القوى المعارضة للرئيس التونسي مسيرات احتجاجية في ذكرى الثورة، في محاولة جديدة للإيحاء بأنها لا تزال طرفا قويا في المعادلة وتحظى بشعبية، لكن متابعين يرون أن هذه الاحتجاجات كانت ضعيفة العدد، فضلا عن أنها كشفت عن انقسامات في صفوف المعارضين لنهج سعيد.

ويشير المراقبون إلى أن القوى السياسية فقدت جزءا كبيرا من ثقة الشارع التونسي، وبالتالي لن تكون لهذه الاحتجاجات فاعلية تذكر، لكن يبقى التحدي الأكبر والحقيقي أمام الرئيس سعيّد هو الوضع الاقتصادي الذي يشهد تدهورا، والذي من غير المستبعد أن يزداد سوءا في ظل استمرار وباء كورونا، والعلاقة المتوترة مع منظمة الاتحاد العام التونسي للشغل التي قد تستخدم سلاح الإضرابات لدفع الرئيس التونسي إلى الإصغاء إليها، وعدم تجاهل ثقلها الذي يتخطى البعد الاجتماعي إلى السياسي.