التونسيون يتخوفون من طبيعة التنازلات مقابل الحصول على التمويلات

رئيس الحكومة التونسية يبحث مع أمير قطر تعزيز العلاقات الثنائية.
الاثنين 2021/05/31
تفاهمات تثير مخاوف التونسيين

تونس – كثف رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي في الأيام الماضية تحركاته الخارجية بحثا عن دعم اقتصادي يخرج البلاد من أزمتها المتفاقمة.

ويؤدي المشيشي منذ مساء الجمعة زيارة إلى قطر تستمر ثلاثة أيام، سبقتها زيارة إلى الجارة ليبيا أسهمت في عقد عدد من الاتفاقات الاقتصادية.

وبحث رئيس الحكومة التونسية الاثنين مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تعزيز العلاقات الثنائية وعددا من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

وتأتي زيارة المشيشي فيما تحاول تونس البحث عن تمويلات وقروض تساعدها على مواجهة الأزمة الاقتصادية الراهنة. ولم تعلن السلطات عن الزيارة إلا بعد وصول رئيس الحكومة والوفد المصاحب له إلى الدوحة وتداول وكالة الأنباء القطرية خبر الزيارة.

وخلال السنوات الماضية، لجأت تونس إلى الاقتراض، وهو ما راكم الدين العام الذي تجاوز الخطوط الحمراء وجعل كل تحركاتها الحالية والمستقبلية رهينة ما يمكن أن تقدمه من تنازلات لتحظى بدعم جديد، خاصة وأنّها تعاني كبقية الدول النامية من عزوف المستثمرين على الاستثمار في هذه الدول نظرا لعدم قدرتها على تحمل التقلبات، لاسيما في ظل تداعيات كورونا.

وكان رياض الشعيبي، المستشار السياسي لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، ذكر على فيسبوك أن الزيارة التي يقوم بها رئيس الحكومة هشام المشيشي حاليا للدوحة هي من أجل تجسيد نتائج الزيارة الخاصة التي قام بها الغنوشي منذ أسابيع.

وقال الشعيبي إن دولة قطر ستمنح تونس 2 مليار دولار في شكل قرض ووديعة بنسبة فائدة ضعيفة جدا، مبينا أن هذا المبلغ سيصل إلى تونس خلال شهر يونيو المقبل.

وزعم أن قطر ستوفر أيضا مليوني جرعة من لقاح كورونا، في شكل هدية لتونس، هذا بالإضافة إلى توقيع اتفاق لمضاعفة عقود العمل المخصصة للتونسيين بدولة قطر لتتجاوز الـ50 ألف عقد.

وأشار إلى أن قطر ستنظم "'منتدى دوليا للاستثمار في تونس' يوفر 25 مليار دولار لتونس على امتداد 5 سنوات، بما سيمثّل نقلة نوعية في وضعيّة الاقتصاد الوطني".

لكن أوساطا تونسية تتخوف من التنازلات التي سيقدمها المشيشي مقابل الحصول على هذه التمويلات والقروض للحد من الأزمة الاقتصادية، وبالتالي الحفاظ على استمرارية حكومته التي تتوجس من غضب الشارع، فيما تواجه حملات تنديد متصاعدة بمردودها السلبي منذ تنصيبها في يوليو الماضي.

وتعكس زيارة المشيشي إلى الدوحة أهمية واضحة لقطر التي تراهن على الاستفادة من علاقتها المتينة بحركة النهضة والتحالف الحكومي الحالي، من أجل تحقيق ما خططت له منذ سنوات لتعزيز نفوذها في تونس عبر بوابة الاقتصاد وفتح الأبواب أمام شركاتها ومستثمريها.

وفي 23 مارس الماضي، وقعت تونس وقطر اتفاقا لتأسيس مجلس مشترك لرجال الأعمال، إذ تجمع البلدان 80 اتفاقية تعاون بينها 10 اتفاقيات اقتصادية.

وعلّق الإعلامي عامر بوعزة على تصريحات المستشار السياسي للنهضة على فيسبوك  "مبدئيا، كل الكلام الذي نشره رياض الشعيبي عن زيارة رئيس الحكومة إلى قطر باعتبارها تكملة لزيارة الغنوشي الرمضانية، هو محض هراء ولا علاقة له بالواقع ولا بالسياق...".

وقال "لا أعيب على الشعيبي الكذب وتسويق الأوهام، فهو في حاجة إلى تلميع صورة الغنوشي وتسويقها في داخل النهضة بما يظهره المنقذ الذي تحتاجه البلاد..".

ومنذ منتصف مايو بدأت تونس مفاوضات مع صندوق النقد الدولي بهدف حصولها على قرض جديد، مقابل تقديمها برنامجا اقتصاديا يتضمن إصلاحات أساسية من بينها إلغاء الدعم وتقليص كتلة الرواتب.

لكن الحكومة مضطرة إلى تقديم تنازلات مشددة من أجل الحصول على التمويل العاجل، في مقدمتها تسريح عدد من الموظفين في المؤسسات العمومية، وهو ما دفعها إلى اللجوء إلى البحث عن مصادر تمويل وضمانات أخرى.

وتقدر حاجة تونس إلى التمويلات بنحو 18.5 مليار دينار (6.72 مليار دولار) متوقعة في ميزانية 2021، ويمكن أن تصل إلى 22.5 مليار دينار (8.18 مليار دولار)، نتيجة عدة عوامل من بينها ارتفاع سعر البترول.

وكان المشيشي أكد في تصريحات سابقة أن "هذه المحاولات لإنقاذ الاقتصاد الوطني هي الفرصة الأخيرة"، مشددا على ضرورة الوحدة الوطنية للخروج من الأزمة، في حين لا يوفر المشهد السياسي المجزأ والصراع القائم بين الحكومة والرئاسة والبرلمان، مناخا مناسبا أو  الوصول إلى توافقات يطالب بها المانحون الدوليون كشرط أساسي.