التونسيون على موعد للاستفتاء على دستور "الجمهورية الجديدة" بعد شهرين

تونس - سيكون التونسيون بعد شهرين على موعد مع استفتاء على دستور جديد للبلاد، بعد أن دعا إليه الرئيس التونسي قيس سعيّد رسميا، عقب أشهر من الانسداد السياسي.
ونشرت الجريدة الرسمية مرسوما رئاسيا برقم 506 ينص على أن يُنشر مشروع الدستور الجديد في أجل أقصاه ثلاثون يونيو المقبل، وأن يُجرى استفتاء شعبي عليه في الخامس والعشرين من يوليو القادم.
وبالنسبة للناخبين المقيمين خارج تونس، يُجرى الاستفتاء بين الثالث والعشرين والخامس والعشرين من يوليو المقبل.
ويجيب الناخب بكلمة "نعم" أو "لا" عن السؤال الآتي: "هل توافق على مشروع الدستور الجديد للجمهورية التونسية؟".
وذكرت الجريدة أن الاقتراع سيبدأ في السادسة صباحا وينتهي في العاشرة ليلا في الخامس والعشرين من يوليو.
وجاءت هذه الخطوة بعد أن عين الرئيس سعيّد الأسبوع الماضي أستاذ القانون الصادق بلعيد على رأس لجنة استشارية، تتألف من عمداء القانون والعلوم السياسية، لصياغة دستور جديد "لجمهورية جديدة" في البلاد، تخلى فيها بشكل كامل عن الأحزاب السياسية حتى الداعمة لمسار الخامس والعشرين من يوليو.
واعتبر مراقبون أن عدم إشراك الرئيس سعيّد الأحزاب السياسية في إعادة هيكلة النظام السياسي يعود إلى اعتقاده بأن تلك الأحزاب هي سبب الأزمة التي عاشتها البلاد في السنوات العشر الأخيرة، والتي قاد التنافس بينها على الكراسي واختراق مؤسسات الدولة واستراتيجية التمكين إلى إضعاف الدولة والاستهانة بها.
وقالت الأحزاب الرئيسية إنها ستقاطع التغييرات السياسية أحادية الجانب، وتعهدت بتصعيد الاحتجاجات ضدها.
كما جدد الاتحاد العام التونسي للشغل الأربعاء، عقب اجتماع الهيئة الإدارية، رفضه المشاركة في الحوار الوطني بالصيغة الواردة في المرسوم الرئاسي، مشيرا إلى تواصل الهيئة الإدارية في انعقاد دائم.
وقال المتحدث باسم اتحاد الشغل سامي الطاهري "موقف الهيئة الإدارية اتخذ بالإجماع دن تحفظ أو استثناء، فالجميع مجمع باستقلالية تامة ودون تأثيرات حزبية"، مضيفا "موقفنا نهائي طالما لم تتغير شروط الحوار".
وأكد الطاهري "لن نشارك في هذا الحوار على الصيغة التي طرحت، وإذا تطورت الرؤى نتفاهم"، مشددا على أن مواقف الاتحاد مستقلة ولا يعنيه توظيف موقفه من قبل بعض الأطراف السياسية، على غرار حركة النهضة وحلفائها.
ولوّح اتحاد الشغل، الذي لعب دوره كاملا في المشهد السياسي على أساس أنه "أقوى قوة في البلاد" وفق توصيف أنصاره، بخوض سلسلة من الإضرابات في الشركات العمومية والوظائف العامة، احتجاجا على الوضع الاقتصادي السيء وتجميد الرواتب.
وأكد وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي أن الهيئة الإدارية لاتحاد الشغل مازالت في انعقاد دائم، وباب الحوار والنقاش مع المنظمة مازال مفتوحا.
وردا على إمكانية تراجع الرئيس سعيّد وتعديل المرسوم عدد 30 المتعلق بإحداث هيئة استشارية من أجل جمهورية جديدة، قال الزاهي في تصريحات إعلامية "ما يمكنني تأكيده أن كل شيء وارد مادام باب الحوار مفتوحا".
وفي وقت سابق الأربعاء، أكد الصادق بلعيد أنه سيمضي قدما في كتابة الدستور الجديد "بمن حضر"، بعد أن رفض عمداء وعميدات كليات الحقوق والعلوم القانونية والسياسية التكليف بعضوية اللجنة الاستشارية القانونية ولجنة الحوار الوطني.
وقال بلعيد في تصريحات إعلامية "الأصل هو أنّنا موظّفون عموميّون مجندون لخدمة الدولة". مضيفا "اليوم أو غدا أو في أيّ وقت من الممكن أن يطلبوا منّا حتّى بالهاتف الحضور في اجتماع معيّن.. ونحن في خدمة الصالح العام مهما كان الأمر".
وقال العمداء في بيان "إنّنا نعتذر عن قبول هذا التكليف"، مرجعين ذلك إلى تمسكهم بـ"حياد المؤسسات الجامعية وضرورة النأي بها عن الشأن السياسي (..) وحتى لا ننجر إلى اتخاذ مواقف من برامج سياسية لا تتصل بمسؤولياتنا الأكاديمية والعلمية والبحثية والتأطيرية".
وأفاد العمداء بأنّه "ولئن يحق للجامعيين، شأنهم شأن سائر المواطنين، أن تكون لهم آراء سياسية وأن يعبّروا عنها بكل حرية، فإنّ ممارسة هذا الحق تكون باسمهم الخاص، لا باسم المؤسسة الجامعية، خاصّة عندما يشغلون مسؤولية بالجامعة التونسية، التزاما بواجب التحفظ".
ويأتي ذلك في وقت يلف فيه الغموض ركائز هذه "الجمهورية الجديدة" من نظام حكم وقانون انتخابي وقانون أحزاب وجمعيات وغيرها، لكن استشارة وطنية جرى إطلاقها مطلع يناير الماضي وشارك فيها زهاء 500 ألف تونسي سيتم أخذ نتائجها بعين الاعتبار.
وبيّنت النتائج التي انبثقت عنها أن 86.4 في المئة من المشاركين يريدون نظاما سياسيا رئاسيا في البلاد، عوضا عن البرلماني الذي أقرّه دستور 2014.
وبخصوص الإصلاحات التي يراها التّونسيون ضرورية لتطوير الحياة السّياسية، اختار 60.8 في المئة تعديل القانون الانتخابي، و44.4 في المئة اقترحوا تعديل قانون الأحزاب.
وفضل 38 في المئة من المشاركين في الاستشارة تعديل الدّستور الحالي (دستور 2014)، مقابل 36.5 في المئة صوّتوا لوضع دستور جديد.