التوتر في الضفة الغربية يهدد بالتصعيد مع إسرائيل في غزة

رام الله - يستبعد محللون سياسيون إمكانية اندلاع مواجهة عسكرية بين قطاع غزة وإسرائيل على المدى القريب، ردا على تصاعد وتيرة الاشتباكات الإسرائيلية – الفلسطينية في الضفة الغربية.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن مقتل شاب فلسطيني الإثنين، وإصابة ستة آخرين في مواجهات مع الجيش الإسرائيلي خلال مداهمته بيت لحم في الضفة الغربية، فيما أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، خوضها اشتباكات مسلحة مع الجيش الإسرائيلي خلال اقتحامه مدينة جنين.
ويقول المحللون إن الظروف غير مُهيّأة لاندلاع هذه المواجهة نظرا لوجود أسباب سياسية واقتصادية وعسكرية لدى الطرفين، لكنهم أجمعوا على أن حدوث أي تطور ميداني كبير في الضفة قد يدفع القطاع للرد عسكريا عليه، على غرار ما حدث في معركة مايو 2021 وتصعيد أغسطس الماضي، واللذين ارتبطا بشكل مباشر بالضفة والقدس.
ورغم إطلاق صاروخ من قطاع غزة السبت، إلا أن المحللين قالوا “إنه لن يجر القطاع لتصعيد أو مواجهة”.
ومساء السبت قال الجيش الإسرائيلي إنه رصد إطلاق قذيفة صاروخية من غزة، دون أن تتبنى إطلاقها أي جهة.
وردا على ذلك، شنّ الجيش الإسرائيلي الأحد عددا من الغارات على مناطق متفرقة من قطاع غزة، قال إنها ردا على إطلاق القذيفة.
وأعلنت كتائب عزالدين القسّام، الجناح المسلّح لحركة حماس، في بيان، أن “دفاعاتها الجوية تصدت الأحد للطيران الحربي الصهيوني المُعادي في سماء قطاع غزة بصواريخ أرض - جو، وبالمضادات الأرضية”.
وقالت حركة حماس إن تصدّي كتائب القسام لـ”العدوان الصهيوني على غزة جاء ردا مباشرا على قصف الاحتلال للقطاع”.
وخلال الشهر الماضي، حمّلت وسائل إعلام إسرائيلية نقلا عن مسؤولين لديها فصائل المقاومة بغزة المسؤولية عن التحريض لتوتير الأوضاع بالضفة.
واستبعد مدير مركز القدس للدراسات التابع لجامعة القدس أحمد رفيق عوض اندلاع مواجهة عسكرية بغزة في الوقت القريب، قائلا “لا توجد مصلحة تعود على إسرائيل أو حركة حماس من ذلك”.
وأرجع عوض ذلك إلى أسباب سياسية وعسكرية واقتصادية تحكم سلوك الطرفين في هذه الفترة.
وعلى صعيد إسرائيل، فإن أي مواجهة مع غزة، وفق عوض، من شأنها أن تشلّ الاقتصاد والسياحة داخل أراضيها وتحرجها عسكريا؛ دون أن تحقق نتائج (على المستوى السياسي والأمني) غير القتل والتدمير.
وتابع “لذا تسعى إسرائيل لمعالجة ملف غزة من خلال الاقتصاد وتقديم التسهيلات للقطاع”.
أما على المستوى السياسي فإن إسرائيل منشغلة في تشكيل الحكومة والتغيرات التي قد ترافقها.
وفي المقابل، قال عوض إن حماس منشغلة في حاليا “في مرحلة ترميم البنى التحتية للقطاع والمباني المدمّرة، ومحاربة الفقر والجريمة إلى جانب مرحلة الإعداد العسكري”.
كتائب عزالدين القسّام تعلن أن دفاعاتها الجوية تصدت للطيران الحربي الصهيوني المُعادي في سماء قطاع غزة
وحول إطلاق صاروخ من قطاع غزة باتجاه إسرائيل الأحد، قال عوض إنه “لن يؤدي لاشتعال مواجهة كبيرة فجميع الفصائل تتحرك بتنسيق وتفاهم ما يجعل اندلاع أي حدث مدروسا ومنسّقا جدا”.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم إن هناك فرصة غير كبيرة لانتقال التصعيد العسكري في قطاع غزة، ترتبط مؤشراتها بـ”ارتكاب إسرائيل جريمة كبيرة في الضفة”.
وأوضح أن الأحداث في الضفة قد تجر القطاع للدخول في تصعيد غير كبير، كإطلاق بعض الصواريخ كما حدث فجر الأحد.
وأضاف “العمل المقاوم يتركز حاليا في الضفة المحتلة، وهناك نوع من الاستقرار في قطاع غزة تعمل الأطراف على المحافظة عليه”.
ويرى أن إسرائيل تعمل على تحييد غزة عن حالة التوتر بالضفة، متوقعا أن يعمل “رئيس الوزراء المكلف بنيامين نتنياهو على تعزيز هذا الأمر”.
ويرجّح أن يتواصل العدوان في الضفة فيما ستبقى حالة الاستقرار النسبي في غزة على ما هي عليه، وسط محاولات تجريها أطراف إقليمية وعربية لتحييد القطاع عن الأحداث الدائرة في الضفة وضمان عدم وصول التوتر إليه.
وفي المقابل، يتوقع أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأميركية في جنين (خاصة)، أيمن يوسف أن تشهد الفترة المقبلة تصاعدا في المواجهة مع إسرائيل سواء بالضفة أو غزة.
وقال “السلوك العدواني المتصاعد للاحتلال وقتل الفلسطينيين قد يستجلب ردود فعل من غزة”. لكنه يعتقد أن هذا الرد سيأتي في وقت تكون فيه ظروف غزة مهيّأة لهذه المواجهة، إذ أن القطاع مازال يعاني من تداعيات التصعيد الأخير.