التوترات لا تحول دون توافق واشنطن وبكين وموسكو بشأن أفغانستان

روسيا والصين والولايات المتحدة تدعو الأطراف المتحاربة في أفغانستان إلى التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار.
الجمعة 2021/03/19
ملف يحصد إجماع القوى العظمى

كابول – انضمت روسيا والصين إلى الولايات المتحدة في دعوة الأطراف المتحاربة في أفغانستان إلى التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، وذلك خلال محادثات أظهرت عزم واشنطن الحصول على تأييد من القوى الإقليمية لخططها.

وقبل ستة أسابيع فحسب على موعد نهائي لسحب الولايات المتحدة قواتها التي بقيت في أفغانستان لما يقرب من 20 عاما، أرسلت واشنطن مسؤولا بارزا للمشاركة في محادثات سلام إقليمية تستضيفها روسيا.

وتهدف محادثات موسكو إلى دفع المفاوضات بين الحكومة الأفغانية وطالبان، والتي تعثرت في الآونة الأخيرة بسبب اتهامات الحكومة للمقاتلين بعدم بذل جهد يُذكر لوقف العنف.

وقال بيان مشترك صدر بعد محادثات الخميس “في هذه المرحلة المهمة، تدعوا دولنا الأربع الأطراف إلى عقد محادثات والتوصل إلى اتفاق سلام ينهي الحرب الدائرة في أفغانستان منذ أكثر من أربعة عقود”.

ودعا البيان طرفي الصراع إلى الحد من العنف، ودعا حركة طالبان إلى الإحجام عن إعلان بدء هجوم في الربيع وفي الصيف. وأضاف أن الدول الأربع ملتزمة بحشد الدعم السياسي والاقتصادي لأفغانستان فور التوصل إلى تسوية سلمية.

ويعد وجود مبعوث الولايات المتحدة إلى أفغانستان زلماي خليل زاد مؤشرا على تنامي جهود واشنطن لجذب دعم القوى العالمية لخططها في أفغانستان.

وعلى الرئيس الأميركي جو بايدن أن يقرر سريعا ما إذا كان سيبقي قوات أميركية في أفغانستان، بعد الموعد النهائي في الأول من مايو لسحب القوات، الذي تم الاتفاق عليه خلال حكم الرئيس السابق دونالد ترامب.

ومن النادر أن يجتمع الثلاثي الأميركي والروسي والصيني حول موقف موحد بخصوص القضايا الدولية، التي يسعى كل طرف لتثبيت نفوذه فيها.

وتحاول الولايات المتحدة استعادة قوتها في العالم، بعد أن انحصر نفوذها في مستنقع الشرق الأوسط والصراعات التي تدور على أرضه.

وتضع إدارة بايدن في مقدمة أولوياتها تحجيم النفوذ الروسي والصيني، وتعتبر أن الطرفين يمثلان التهديد الأكبر للولايات المتحدة، لكنّ تحركات الإدارة الأميركية تشير إلى أن واشنطن في حاجة إلى الدعم الروسي - الصيني في ملفات دولية شائكة، ومن بينها الملفان الإيراني والسوري.

وكان بايدن سارع، بعد أسبوع فقط على تنصيبه، إلى تمديد العمل  بمعاهدة "نيو ستارت" للحد من الأسلحة الاستراتيجية، وهي آخر اتفاق ثنائي للحدّ من الأسلحة النووية، وكان سينتهي العمل بها مطلع فبراير الماضي.

وسبق أن رفضت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب تمديد معاهدة "نيو ستارت" مع روسيا. وفي حين كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يأمل في تمديد المعاهدة القائمة لمدة عام واحد، منحه بايدن خمسة أعوام دون مقابل.

ويعتبر الحدّ من التسلح أحد المجالات القليلة التي لدى القوتين العظميين مصلحة في التوافق عليها. وأعاد بايدن هذا التقليد الدبلوماسي الذي كان ترامب قد تخلى عنه.

وألقت جائحة كورونا أيضا بظلالها على صورة الصين العالمية في الأشهر الأخيرة، فضلا عن مصالحها الاقتصادية في الخارج. وقادت الولايات المتحدة موجة الاتهام ضد بكين، حيث ألقت إدارة ترامب باللوم على الصين في تفشي المرض، وهدد عدد متزايد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين باعتماد تشريع عقابي ضدها.

واستغلت روسيا الموقف لتعزيز تقاربها مع الصين في مواجهة الولايات المتحدة، وترى بكين في موسكو شريكا ضروريا في ظل الصراعات التي قد تخوضها مجددا مع واشنطن.

وثمة استمرارية بين ترامب وبايدن في “التنافس الاستراتيجي” مع العملاق الآسيوي الذي اعتبره الرئيس السابق الجمهوري “أكبر تهديد استراتيجي للديمقراطية”، ووصفته الإدارة الحالية الديمقراطية بأنه “أكبر تحد جيوسياسي في القرن الحادي والعشرين”.

ويحذّر محللون من أن العالم على أعتاب حرب باردة، ومن المحتمل أن تكون خطيرة ومكلفة في الولايات المتحدة التي ساد فيها الوباء، وتواجه أزمات اجتماعية حادة حيث ضعفت بنيتها التحتية، ويعاني الكثير من مواطنيها من ضائقة اقتصادية ومن حوادث التمييز العنصري المتفاقمة.

ويقول آخرون إن تقارب واشنطن وموسكو وبكين على صعيد عدد من الملفات الاستراتيجية، من شأنه أن يخفف التنافس المحموم بين القوى العظمى.