التهديدات الأميركية لا تنجح في تثبيت الهدنة في السودان

من الصعب تحديد من يبدأ بخرق الهدنة، لكن استحواذ الجيش على سلاح الجو يشير إلى مسؤوليته بشأن القصف الجوي.
السبت 2023/05/06
دخان المعارك لا ينقشع عن سماء السودان

الخرطوم - لم تنجح التهديدات الأميركية بفرض عقوبات على أطراف الصراع في السودان في تثبيت الهدنة التي كان من المفترض أن تبدأ الخميس وتنتهي الخميس المقبل.

وتواصلت المعارك، ولليوم الـ21 على التوالي، استيقظ سكّان الخرطوم البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة على وقع الضربات الجوية ونيران المدافع الرشاشّة. 

وفي حين يصعب تحديد الجهة التي تقوم بخرق الهدنة في ظل غياب مراقبين، إلا أن استحواذ الجيش على سلاح الجو يشير إلى مسؤوليته بشأن الضربات الجوية.

وتدور أغلب المعارك حول القصر الرئاسي الذي تسيطر عليه قوات الدعم السريع وهو ما يشير إلى إصرار قائد الجيش عبدالفتاح البرهان على استعادته قبل محادثات مرتقبة.

ومنذ 15 أبريل، أسفر القتال بين البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) عن سقوط نحو 700 قتيل وآلاف الجرحى، بحسب مجموعة بيانات مواقع النزاع المسلّح وأحداثه (إيه سي إل إي دي).

أفريل هاينز: الطرفان يعتقدان أن بإمكان كل منهما الانتصار عسكريا وليست لديهما دوافع للجلوس إلى طاولة المفاوضات
أفريل هاينز: الطرفان يعتقدان أن بإمكان كل منهما الانتصار عسكريا وليست لديهما دوافع للجلوس إلى طاولة المفاوضات

وأكّد الرئيس الأميركي جو بايدن أنّ "المأساة.. يجب أن تنتهي"، ملوّحا بفرض عقوبات على "الأفراد الذين يهدّدون السلام"، لكن من دون أن يسمّي أحداً. وأعلن رئيس جنوب السودان سلفا كير الثلاثاء أنّ طرفي النزاع وافقا “مبدئياً”، خلال اتصال معه، على هدنة تستمرّ من 4 وإلى غاية 11 مايو الجاري.

لكن رئيسة الاستخبارات الأميركية أفريل هاينز تتوقّع معارك “طويلة الأمد” لأنّ "الطرفين يعتقدان أنّ بإمكان كلّ منهما الانتصار عسكرياً وليست لديهما دوافع تُذكر للجلوس إلى طاولة المفاوضات".

من جهته، قال خالد عمر يوسف وهو وزير مدني أقيل خلال الانقلاب إنّه "في كل دقيقة تستمرّ فيها (الحرب) يموت أناس ويتشرّد بشر ويتمزّق مجتمع وتضعف الدولة".

وأسفر القتال عن إصابة أكثر من خمسة آلاف شخص بجروح وتشريد ما لا يقلّ عن 335 ألف شخص وإجبار 115 ألفاً آخرين على النزوح، وفقا للأمم المتحدة التي تطلب 402 مليون يورو لمساعدة السودان الذي يعدّ من أفقر دول العالم.

وأوضحت الأمم المتحدة أنّ “أكثر من 50 ألف شخص عبروا في الثالث من مايو” إلى مصر، مضيفة أنّ “أكثر من 11 ألف شخص” عبروا إلى إثيوبيا و”30 ألف شخص إلى تشاد". من جهته، أكّد الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش أنّه “من الضروري للغاية” ألا تتخطّى الأزمة السودانية الحدود.

وفي دارفور غرباً على الحدود مع تشاد، تمّ تسليح مدنيين للمشاركة في الاشتباكات بين الجنود وقوات الدعم السريع ومقاتلين قبليين ومتمرّدين، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي هذا الإقليم الذي شهد حرباً دامية بدأت العام 2003 بين نظام عمر البشير ومتمرّدين ينتمون الى أقليّات إثنية، لفت المجلس النرويجي للاجئين الى سقوط “191 قتيلاً على الأقلّ واحتراق عشرات المنازل ونزوح الآلاف” فضلاً عن تعرّض مكاتبه للنهب.

وأفاد شهود عيان الخميس عن اشتباكات في الأُبيّض التي تقع على بُعد 300 كيلومتر جنوب العاصمة. ووصل 30 طنّاً إضافية من المساعدات الجمعة إلى مدينة بورتسودان الساحلية التي ظلّت نسبياً في منأى عن أعمال العنف.

وتسعى الأمم المتحدة ومنظّمات غير حكومية أخرى إلى التفاوض بشأن تسليم هذه الشحنات إلى الخرطوم ودارفور، حيث تعرّضت المستشفيات والمخزونات الإنسانية إلى النهب والقصف.

وأظهرت وثيقة الجمعة أن مجموعة من الدول تستعد لطلب عقد اجتماع عاجل لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة حول الأزمة السودانية الأسبوع المقبل، وذلك في خطوة يأمل نشطاء حقوق الإنسان أن تزيد التدقيق في تجاوزات الطرفين المتحاربين.

وأظهر الخطاب الذي يحمل تاريخ الخامس من مايو أن بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا والنرويج من المنتظر أن تطلب من رئيس المجلس عقد اجتماع لبحث اندلاع العنف في السودان منذ 15 أبريل.

وأبلغ دبلوماسيون رويترز أنهم حصلوا على تأييد ما لا يقل عن ثلث أعضاء المجلس البالغ عددهم 47 دولة وفقا لقواعد المجلس. وقال متحدث باسم الأمم المتحدة إن المنظمة لم تتسلم الخطاب بعد. ولم ترد البعثة الدبلوماسية السودانية على طلب للتعليق حتى الآن.

◙ الجيش السوداني يقول إنه اختار الاقتراح الذي تقدّمت به الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) ويرحب بالوساطات الأميركية والسعودية.

ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة هو الجهة الوحيدة المكونة من حكومات لحماية حقوق الإنسان حول العالم ورغم أنه لا يملك صلاحيات ملزمة قانونا، فإن مناقشاته يمكن أن تؤدي إلى تحقيقات تعزز الأدلة في المحاكم الوطنية والدولية.

وفي الأسبوع الماضي كتبت مجموعة تضم أكثر من 90 منظمة غير حكومية خطابا مفتوحا تدعو فيه إلى الجلسة الخاصة. ولم يتحدد بعد ما إذا كان الأعضاء سيطلبون فتح تحقيق رسمي في انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة في السودان والتي تشمل قتل المئات من المدنيين ومهاجمة المستشفيات.

وفي وقت تتكثف فيه الاتصالات الدبلوماسية في أفريقيا والشرق الأوسط، قال الجيش إنه اختار الاقتراح الذي تقدّمت به الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (ايغاد) بسبب الحاجة إلى "حلول أفريقية لمشاكل القارّة"، مرحّبا في الوقت ذاته بالوساطات الأميركية والسعودية.

وكان مبعوث البرهان موجوداً في أديس أبابا الخميس. كما أعلنت القاهرة أنّها تحدثت عبر الهاتف إلى القائدين المتحاربين. وتعقد الجامعة العربية في القاهرة الأحد اجتماعين غير عاديين على مستوى وزراء الخارجية ستخصّص أحدهما لبحث الحرب في السودان.

وتعهّد معسكر البرهان بتسمية موفد يمثّله للتفاوض على الهدنة مع الطرف الآخر برعاية “رؤساء جنوب السودان وكينيا وجيبوتي". من ناحية أخرى، أعلنت قوات الدعم السريع أنّها وافقت على هدنة لمدة ثلاثة أيام - وليس أسبوعا - وأنّها تتواصل مع قائمة طويلة من البلدان والمنظمات.

2