التمويل المستدام يواجه عاما آخر مضطربا

استجابة السياسات من قبل الحكومات لا تزال بطيئة لتلبية هدف العالم الذي يبلغ من العمر ما يقرب من 10 سنوات للحد من الانحباس الحراري.
السبت 2025/01/11
تطرف مناخي لا يقاوم

لندن - تتزايد احتمالات أن يستمر اضطراب مسار التمويل المستدام في عام 2025، حيث تبشر عودة دونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة بالمزيد من التباعد الإقليمي في كل شيء، من تدفقات الأموال إلى القضايا القانونية واللوائح التنظيمية للسوق.

ورغم ارتفاع درجات الحرارة القياسية والأحداث الجوية الأكثر تطرفا في جميع أنحاء الكوكب العام الماضي، لا تزال استجابة السياسات من قبل الحكومات بطيئة للغاية لتلبية هدف العالم الذي يبلغ من العمر ما يقرب من 10 سنوات للحد من الانحباس الحراري.

وبينما تعمل الهيئات التنظيمية في كل مكان على تشديد القواعد التي تحكم التمويل والشركات في الاقتصاد الحقيقي تدريجيا في محاولة لخفض انبعاثات الكربون الضارة بالمناخ بشكل أسرع، فإن وتيرة التغيير غير متساوية مع تأخر الولايات المتحدة بالفعل عن أوروبا.

ويعني رد الفعل السياسي الأميركي العنيف بشأن السياسات البيئية والاجتماعية والحوكمة في عهد ترامب أن الفجوة قد تتسع حتى لو أبقت الاقتصادات وتعهدات الشركات بخفض الانبعاثات في الأمد القريب وارتفاع تكاليف المناخ دون تغيير في الكثير من الحالات.

وقال توم ويلمان، رئيس التنظيم في شركة كلاريتي أي.آي للتكنولوجيا المستدامة، “نتوقع في 2025 رؤية مرونة في الاستثمار المستدام على مستوى العالم، على الرغم من أنه من المرجح أن تظل هناك اختلافات جوهرية بين نهج الولايات المتحدة وأوروبا.”

وأضاف في تصريح لرويترز “في الولايات المتحدة، يمكننا أن نتوقع نهجا أكثر تحفظا، حيث يعطي المستثمرون الأولوية للعائدات المعدلة حسب المخاطر طويلة الأجل لتجنب المخاطر السياسية أو السمعة المحتملة.”

وفي حين يتوقع أكثر من نصف المديرين التنفيذيين في الولايات المتحدة لوائح استدامة جديدة أو موسعة هذا العام، فإن هذا الرقم في بريطانيا هو 60 في المئة وسنغافورة 80 في المئة، وفقا لاستطلاع أجرته شركة ووركيفا في ديسمبر 2024 شمل 1600 مدير تنفيذي.

توم ويلمان: سنرى مرونة رغم استمرار الاختلافات الجوهرية لهذه القضية
توم ويلمان: سنرى مرونة رغم استمرار الاختلافات الجوهرية لهذه القضية

وحفز الواقع السياسي في الولايات المتحدة بالفعل بعض الشركات الأميركية على تقليص جهودها المناخية والتنوع لتجنب اللوم. وفي أحدث علامة على تغيير الشركات لمسارها، غادرت أكبر البنوك الأميركية مؤخرا تحالفا قطاعيا يهدف إلى خفض الانبعاثات.

كما يتزايد الضغط القانوني على جهود المناخ العالمية. وأظهر تحليل أجراه معهد جرانثام للأبحاث حول تغير المناخ والبيئة العام الماضي أن واحدة من كل خمس قضايا مناخية لم تكن متوافقة مع السياسات الرامية إلى الحد من الانبعاثات. وكانت أغلب هذه القضايا في الولايات المتحدة.

وكان الانقسام الإقليمي واضحا بين الاستثمار المستدام في العالم حتى نهاية سبتمبر، حيث شهدت الصناديق الأميركية سحب المتعاملين لما مجموعه 15.9 مليار دولار بينما حصلت الصناديق الأوروبية على 37.3 مليار دولار، وفقا لبيانات مورنينغ ستار لتتبع الصناعة.

وفي الوقت نفسه، انخفض عدد الصناديق الجديدة التي تركز على البيئة والمجتمع والحوكمة والتي تم إطلاقها في الولايات المتحدة إلى 7 فقط مقابل 189 في أوروبا.

وفي جميع أنحاء العالم، تم إغلاق المزيد من الصناديق المستدامة مقارنة بتلك التي تم إطلاقها لأول مرة، متأثرة بردود الفعل العنيفة في الولايات المتحدة، والقواعد الصارمة بشكل متزايد من جانب الاتحاد الأوروبي والتي تهدف إلى إجبار الصناديق على إثبات أوراق اعتمادها في مجال الاستدامة، وتوحيد السوق.

وقالت هورتنس بيوي، رئيسة أبحاث الاستثمار المستدام في مورنينغ ستار ساستيناليتيكس، إن “الطلب على الصناديق المستدامة تأخر عن السوق الأوسع جزئيا بسبب الأداء المختلط.” وأشارت كذلك إلى المخاوف بشأن ما إذا كانت بعض الصناديق خضراء كما تزعم، وعدم اليقين التنظيمي وردود الفعل العنيفة بشأن البيئة والمجتمع والحوكمة.

وأوضحت أنه رغم التوقعات غير المؤكدة نظرا لإمكانية قيام ترامب بتخفيف بعض مبادرات البيئة والمجتمع والحوكمة، على سبيل المثال الدعم الحكومي للسيارات الكهربائية، إلا أن العديد من محركات السوق الأساسية للطلب على التمويل المستدام، مثل الحاجة إلى الطاقة الخضراء، ظلت قائمة.

ويعتقد تشارلز فرينش، الرئيس المشارك للاستثمار في شركة إدارة الأصول إمباكس، بأنه على الرغم من وجهة نظر ترامب السلبية بشأن تغير المناخ حيث وصفه بأنه “خدعة”، فإن الشركات في قطاعات الرعاية الصحية والصناعات تتطلع إلى حلول التكنولوجيا المناخية لخفض التكاليف.

وقال لرويترز إن “عصر التحول المستوحى من التكنولوجيا لم ينته بعد. في العديد من المجالات، بدأ للتو.” كما استمرت كمية الأموال التي تم جمعها من خلال السندات المستدامة في الارتفاع في الأميركتين، بنسبة 16.9 في المئة، وأوروبا، بنسبة 10.7 في المئة، في عام 2024، وفقا لبيانات مجموعة بورصات لندن (أل.أس.إي.جي).

ونظرا للضغوط المتنافسة، قال ليون كامهي، رئيس المسؤولية في شركة إدارة الأصول فيدرالي هيرميس، إنه يتوقع أن “ينضج” المستثمرون ويركزوا على التأثيرات التي يتم تحقيقها في الاقتصاد الحقيقي. وأضاف “لكي يكون التحول ناجحا، من الضروري أن تحقق مثل هذه الاستثمارات عوائد اقتصادية لكل من الشركات والمستثمرين على حد سواء.”

غراف

10