التمويل الطارئ للبنك الدولي خطوة في مسار الألف ميل لإعادة إعمار لبنان

الحكومة اللبنانية تتحرك لتعبئة دعم إضافي من المانحين.
الخميس 2025/06/26
تكلفة باهظة لإعادة الإعمار

منح البنك الدولي جرعة دعم للحكومة اللبنانية للبدء في إعادة إعمار ما دمرته الحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل، لكن الرقم المرصود يبقى دون الحد الأدنى، وهو ما يفرض على الحكومة التحرك من أجل تعبئة موارد مالية إضافية من المانحين.

بيروت - يشكل التمويل الطارئ الذي أقره البنك الدولي خطوة في مسار الألف ميل لدعم جهود لبنان في ترميم وإعادة إعمار البنى التحتية المتضررة جراء الحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل.

وقدّر البنك الدولي حاجات التعافي وإعادة الإعمار في لبنان بحوالي 11 مليار دولار، وذلك بعيد الحرب المدمرة بين حزب الله وإسرائيل، والتي انتهت بوقف لإطلاق النار في نوفمبر الماضي.

وأورد البنك الدولي في بيان صدر الثلاثاء أن “مجلس المدراء التنفيذيين للبنك الدولي وافق الاثنين على تمويل بقيمة 250 مليون دولار للبنان لدعم ترميم وإعادة إعمار البنية التحتية الأساسية المتضررة على نحو طارئ واستعادة الخدمات الحيوية، بالإضافة إلى تعزيز الإدارة المستدامة للركام والأنقاض في المناطق المتضررة.”

وأوضح المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط لدى المجموعة جان كريستوف كاريه “نظرا إلى ضخامة حاجات إعادة الإعمار التي يواجهها لبنان، صُمِّم هذا المشروع ليكون بمثابة إطار قابل للتوسّع، بقيمة تصل إلى مليار دولار، مع مساهمة أولية قدرها 250 مليون دولار من البنك الدولي.”

نواف سلام: الدعم المقدم من البنك الدولي خطوة أساسية في إعادة الإعمار
نواف سلام: الدعم المقدم من البنك الدولي خطوة أساسية في إعادة الإعمار

ويشتكي السكان المتضررون من الحرب في لبنان، من تباطؤ عملية إعادة الإعمار، وحاول حزب الله خلال الفترة الأخيرة استغلال الوضع لتأليب السكان على الحكومة، وخصوصا على رئيس الوزراء نواف سلام، الذي اتهمه الحزب بإهمال هذا الملف، والتركيز على أجندة نزع سلاحه.

وقد نفى سلام التهم الموجهة إليه، معتبرا أن ملف إعادة الإعمار يحظى بأولوية لدى الحكومة.

وبعيد إعلان البنك الدولي عن التمويل الطارئ، عقد رئيس الوزراء اللبناني، في السراي الحكومي، اجتماعا رفيع المستوى خصص لمناقشة صندوق تعافي لبنان وآليات عمله، حيث ضم الاجتماع الوزارات المعنية وهيئات الأمم المتحدة.

وبحسب رئاسة مجلس الوزراء، يُعدّ هذا الصندوق آلية تمويل ائتمانية متعددة الشركاء تُديرها الأمم المتحدة، ويهدف إلى توجيه الدعم الدولي القائم على المنح بشكل منسّق بما يتماشى مع أولويات الحكومة للتعافي وإعادة الإعمار.

ويركّز الصندوق بشكل أساسي على تمويل مشاريع تعزّز التماسك الاجتماعي، وتقوّي المؤسسات، وتدعم التعافي على مستوى المجتمعات في أعقاب الحرب. كما يساهم الصندوق في تنفيذ الأولويات قصيرة ومتوسطة الأجل المحددة في تقييم التعافي في لبنان، الذي أجرته الحكومة بالتعاون مع الأمم المتحدة.

وأوضحت رئاسة مجلس الوزراء أنّ “الاجتماع يشكل نقطة محورية نحو تعبئة دعم إضافي من المانحين، وتعزيز جهود التعافي وإعادة الإعمار بقيادة وطنية ومنسّقة.”

ووصف سلام الدعم المقدم من البنك الدولي بـ”الخطوة الأساسية في إعادة الإعمار من خلال الاستجابة لأضرار البنى التحتية الحيوية والخدمات الأساسية في المناطق المتضرّرة.” كما “يعزز جهود التعافي ضمن الإطار التنفيذي الذي تقوده الدولة، ويتيح استقطاب تمويل إضافي نحن في أمسّ الحاجة إليه.”

وتراهن الحكومة اللبنانية على الدعم الخارجي ولاسيما الخليجي في إعادة الإعمار، وكان سلام زار الثلاثاء الدوحة، حيث شكل هذا الملف محورا رئيسيا في المحادثات التي أجراها مع نظيره القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني.

ويقول مراقبون إن حصول لبنان على الدعم المتوجب لإعادة الإعمار لن يتحقق دون خطوات فعلية من العهد لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المطالب بها، وأيضا تحقيق تقدم على مستوى نزع السلاح الخارج عن سيطرة الدولة.

ويشير المراقبون إلى أن المؤسسات المالية الدولية حريصة على إظهار حسن نوايا تجاه دعم لبنان، في انتظار خطوات من الأخيرة في الملفات المطروحة.

مجلس المدراء التنفيذيين للبنك الدولي وافق على تمويل بقيمة 250 مليون دولار للبنان لدعم إعادة إعمار البنية التحتية

ومن بين احتياجات إعادة الإعمار والتعافي البالغة 11 مليار دولار أميركي في لبنان، يُقدّر تقرير سابق للبنك الدولي بأن هناك حاجة إلى تمويلٍ بنحو 3 إلى 5 مليارات دولار أميركي من قبل القطاع العام، منها مليار دولار لقطاعات البنية التحتية (الطاقة، والخدمات البلدية والعامة، والنقل، والمياه والصرف الصحي والري). في حين ستكون هناك حاجة إلى تمويلٍ من القطاع الخاص بنحو 6 إلى 8 مليارات دولار أميركي، يكون معظمه موجهاً إلى قطاعات الإسكان، والتجارة، والصناعة، والسياحة.

وتقدر التكلفة الاقتصادية للصراع في لبنان بنحو 14 مليار دولار أميركي، حيث بلغت الأضرار التي لحقت بالمقومات المادية نحو 6.8 مليار دولار أميركي، فيما بلغت الخسائر الاقتصادية الناجمة عن انخفاض الإنتاجية، والإيرادات الضائعة، وتكاليف التشغيل نحو 7.2 مليار دولار أميركي.

ويُشير تقرير البنك الدولي إلى أن قطاع الإسكان هو الأكثر تضرراً، حيث تُقدر الأضرار فيه بنحو 4.6 مليار دولار أميركي. كما تأثرت قطاعات التجارة، والصناعة، والسياحة بشكل كبير، حيث تُقدر الخسائر فيها بنحو 3.4 مليار دولار أميركي في جميع أنحاء البلاد.

ومن حيث النطاق الجغرافي، يخلص التقرير إلى أن محافظتي النبطية والجنوب هما الأكثر تضرراً، تليهما محافظة جبل لبنان (التي تضم ضاحية بيروت الجنوبية).

وبحسب البنك الدولي فقد أدى الصراع إلى انكماش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي للبنان بنسبة 7.1 في المئة في عام 2024، وهي انتكاسة كبيرة مقارنة بنسبة النمو المقدر بنحو 0.9 في المئة في حال عدم حصول الصراع. ومع نهاية عام 2024 لامس الانخفاض التراكمي في إجمالي الناتج المحلي للبنان منذ عام 2019 الـ40 في المئة، ما يؤدي إلى تفاقم آثار الركود الاقتصادي متعدد الجوانب، ناهيك عن الآثار السلبية على آفاق النمو الاقتصادي في البلاد.

2