التملّص من اتفاق المصالحة يهدّد الجزائر بفقدان دورها في مالي

خطوة مفاجئة تستهدف إعادة ترتيب أوراق بامكو بشكل يقوض من دور دول الجوار.
الجمعة 2022/02/18
اتفاق 2015 تحت المجهر من جديد

الجزائر - كشف وزير الخارجية المالي عبدالله ديوب، أن بلاده تعتزم مراجعة اتفاق السلم والمصالحة المالي المبرم في الجزائر، وهو ما يعتبر خطوة مفاجئة تستهدف إعادة ترتيب أوراق البلد الذي يرزح تحت الفقر وعدم الاستقرار منذ عدة سنوات، بشكل يقوض من دور دول الجوار، خاصة الجزائر التي ترعى الاتفاق المذكور منذ إبرامه في 2015.

وبرّر ديوب توجه حكومة بلاده بكون “الاتفاق ليس القرآن أو الإنجيل بل هو وثيقة تأتي بعد مفاوضات ويجب أن تأخذ بالسياق وهذا السياق قد تطوّر، ولذلك الأولوية اليوم هي التأكد من التطبيق الذكي للاتفاق”، وهو ما يوحي إلى أن السلطة الجديدة في مالي، عازمة على خلط الأوراق من جديد رغم التداعيات الإقليمية على البلاد.

وأضاف “يجب أن نتأكد أن مراجعة الاتفاق تتم وفقا لأحكام الوثيقة نفسها التي تتطلب التداول مع الشركاء، لأن عددا كبيرا من الناس في مالي يعلمون أن بعض أحكام هذا الاتفاق إذا ما طبقت كما هي عليه يمكن أن تأثر على وحدة البلاد”.

وتابع “نحن بحاجة إلى الحوار مع الشركاء الذين وقعوا هذا الاتفاق للتوصل إلى تنازلات من أجل المضي قدما، ومالي تبقى ملتزمة بهذا الاتفاق”.

عبدالله ديوب: نحن بحاجة إلى الحوار مع الشركاء ومالي ملتزمة بهذا الاتفاق

واتفاق السلم والمصالحة المالي المتوصل إليه في الجزائر العام 2015، بين أطراف الصراع تضمن خارطة طريق من أجل تكريس الوحدة الوطنية والترابية مع مراعاة الخصوصيات الديموغرافية والإقليمية، في إشارة إلى فصائل الأزواد في شمال البلاد، غير أنه لم يتم تفعيله على أرض الميدان لجملة من المعوقات والتأثيرات وعدم الاستقرار السياسي في البلاد.

ويعد الاتفاق الذي ترعاه الجزائر بمعية المجموعة الدولية، إحدى أبرز أوراقها في المنطقة، غير أن دخول أطراف أخرى على خط الأزمة، على غرار منظمة “أيكوس” والموقف المعلن عنه من طرف وزير الخارجية، يهدد بضياع الورقة المذكورة وتحييد دورها في البلد الجار، بعد صعود نخب عسكرية وسياسية ترفض التوازنات التقليدية، بما في ذلك الوجود الفرنسي والدور الجزائري. 

ولفت ديوب إلى أن بلاده “طالبت أيضا فرنسا بمراجعة الاتفاقية الأمنية معها في إطار حماية لسيادة وحقوق دولة مالي، وأن وقف فرنسا عملية برخان العسكرية أثر على خطط نشر الأمن في البلاد”.

وتسعى السلطة العسكرية الجديدة في مالي، إلى تقويض النفوذ التقليدي الإقليمي في البلاد، مقابل إرساء تعاون مع روسيا، بدأ في شكل مساعدات أمنية تؤمنها قوات مجموعة فاغنر، ووصل إلى اتفاقات شراكة في بحث واستغلال الثروات الباطنية، وهو ما نفاه وزير الخارجية المالي، وشدد على خطاب “السيادة والحقوق الطبيعية لبلاده”، في إشارة إلى التهديدات التي أطلقتها مجموعة “الأيكواس”.

وكانت الجزائر قد عرضت وساطتها بين السلطات المالية وبين المجموعة المذكورة، للتقليل من حدة التهديدات الاقتصادية والتجارية المرفوعة في وجه البلد الفقير، كما عبرت عن انزعاجها من خارطة الطريق التي أعلن عنها العسكر من أجل العودة إلى المسار الانتخابي والديمقراطي في البلاد، خاصة مع الإعلان عن مرحلة انتقالية من خمس سنوات.

كما كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قد اجتمع مع رؤساء الدول الشريكة في العمليات العسكرية ضمن إطار مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، لبحث الانسحاب العسكري من مالي، وأعلنت وسائل إعلام فرنسية، أن باريس وشركاءها يستعدون لإعلان انسحابهم من مالي، بضغط من المجلس العسكري الحاكم في باماكو.

وذكر بيان توج الاجتماع المذكور، بأن “أعضاء الوساطة الدولية أكدوا الأهمية الكبيرة التي يكتسيها تسريع متابعة اتفاق السلم والمصالحة المنبثق عن مسار الجزائر لاستقرار مستدام في مالي، وجددوا عزمهم على لعب دورهم كاملا بما في ذلك ممارسة سلطة الوساطة في التحكيم”.

وأضاف “أعضاء الوساطة الدولية أشادوا بمبادرة الجزائر التي احتضنت من الثاني والعشرين إلى الرابع والعشرين من أكتوبر الماضي وفدا من مالي، مكونا من وزير المصالحة الوطنية وممثلين عن الفواعل الموقعة على اتفاق السلم، بغية مساعدتهم على تذليل كل الصعاب التي تعترض التنفيذ التام والمتزن والتوافقي للاتفاق”.

 وأكد على أن “الأعضاء أعربوا عن أملهم في انعقاد اجتماع دعا إليه وزير المصالحة الوطنية المالي، بغية مناقشة كل القضايا التي من شأنها المساعدة على رفع الصعوبات والمضي قدما في تنفيذ الاتفاق، وشجعوا الأطراف على خوض نقاشات بنود الاتفاق بطريقة بناءة وصريحة”.

4