التمارين المائية تحافظ على صحة ولياقة كبار السن

السباحة تساهم في الحد من إصابة المسنين بأمراض القلب والشرايين.
الأحد 2021/01/03
متعة كبيرة وفوائد عديدة

تعتبر السباحة وغيرها من التمارين المائية من الرياضات المهمة للأشخاص الذين تجاوزوا الخمسين عاما فما فوق للحفاظ على لياقتهم البدنية وتحسين توازن أجسامهم ومهاراتهم الحركية دون التعرض لإجهاد المفاصل.

لندن - ينصح خبراء الصحة كبار السن بعدم الركون إلى الراحة المفرطة وقلة النشاط البدني اللتين تعتبران من أبرز العوامل التي تساهم في الإصابة بأمراض القلب والشرايين والاكتئاب.

ويكتسب المسن صحته الجسدية والنفسية بالأساس من توازن نظامه الغذائي والمواظبة على ممارسته الرياضة، وخصوصا السباحة والتمارين المائية التي تحدث فارقا كبيرا في تمتعه بصحة جيدة.

وتشير الدراسات إلى أن للتمارين الرياضية العديد من الفوائد الصحية، من بينها المحافظة على الصحة الجسدية وتحسين توازن الجسم ومهارات الحركة والمشي.

ويُعتقد أيضا أن هذا النوع من الرياضات يمثل جزءا من برامج إعادة التأهيل لمرض الشرايين المحيطي (PAD)، الذي يتسبب في ضيق الشرايين بالساقين والمعدة والذراعين والرأس، ويؤدي إلى عدم تدفق كمية كافية من الدم إلى الأطراف (وعادة الأرجل) للقيام بوظائفها الحيوية، كما يسبب أعراضا أبرزها آلام في الساق عند المشي (العرج).

لكن وبينما ثبت أن للتمارين التي تعتمد على الماء فوائد عديدة للصحة، إلا أنه لا توجد حتى الآن سوى أدلة محدودة عمّا إذا كانت مثل هذه التمارين مفيدة لتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لكبار السن وتحسين صحة قلوبهم.

غير أن دراسة بريطانية استطاعت اكتشاف الآثار طويلة المدى للتمارين الهوائية المنتظمة والقائمة على الماء ودورها الإيجابي في تحسين صحة القلب والأوعية الدموية.

31

في المئة من مجموع الوفيات التي تقع في العالم ناتجة عن الأمراض القلبية الوعائية

ولأول مرة يتمكن العلماء من الجزم بأن مثل هذه التمارين فعالة مثل بقية الأنواع الأخرى من التمارين الهوائية لتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى كبار السن.

وتأتي الأمراض القلبية الوعائية في صدارة أسباب الوفيات في جميع أنحاء العالم: ذلك أنّ عدد الوفيات الناجمة عن هذه الأمراض يفوق عدد الوفيات الناجمة عن أيّ من أسباب الوفيات الأخرى.

وتوفي نحو 17.7 مليون نسمة جرّاء الأمراض القلبية الوعائية في عام 2015، ممّا يمثّل 31 في المئة من مجموع الوفيات التي وقعت في العالم في العام نفسه. ومن أصل مجموع تلك الوفيات حدثت 7.4 مليون حالة وفاة بسبب الأمراض القلبية التاجية وحدثت 6.7 مليون حالة جرّاء السكتات الدماغية.

ويحدث أكثر من ثلاثة أرباع الوفيات الناجمة عن الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.

وتحدث 82 في المئة من الـ17 مليون حالة وفاة الناجمة عن الإصابة بالأمراض غير السارية التي تحدث قبل سن 70 سنة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وتتسبب أمراض القلب والأوعية الدموية في 37 في المئة منها.

وأغلبية أمراض القلب والأوعية الدموية يمكن الوقاية منها من خلال التصدي لعوامل الخطر مثل تعاطي التبغ والنظام الغذائي غير الصحي والسمنة والخمول البدني وتعاطي الكحول على نحو ضارّ باستخدام استراتيجيات على النطاق السكاني، وفق ما أشارت إليه منظمة الصحة العالمية.

وأجرت جامعة شيفيلد هالام البريطانية دراستها الجديدة على عينة من الأشخاص أعمارهم فوق الخمس والخمسين سنة ولديهم ضغط دم طبيعي ولم يتمّ تشخيص إصابتهم سابقا بمرض السكري، فيما تمّ تحييد تمارين اللياقة عالية الكثافة (crossfit) أثناء التجارب للتأكد من أن جميع أنظمة التمارين متشابهة قدر الإمكان، وأيضا لأن تمارين اللياقة عالية الكثافة من الصعب القيام بها في الماء، وغالبا ما تكون التمارين التي تعتمد على الماء أسهل على المفاصل أيضا.

وواظب المشاركون في الدراسة على ممارسة الرياضة في المتوسط ​​أربع مرات في الأسبوع، ولمدة ستة أشهر على الأقل. وقارن الباحثون بين الأشخاص الذين تدربوا في الماء بأولئك الذين تدربوا في صالة الألعاب الرياضية، وأولئك الذين قاموا بمزيج من كلا النوعين من التمارين. كما تمت مقارنة جميع البيانات مع ببيانات أخرى لأشخاص لم يمارسوا الرياضة على الإطلاق.

ومن أجل معرفة تأثير التمارين المائية على صحة القلب والأوعية الدموية، قام الباحثون بقياس مدى كفاءة بطانة الوريد الداخلي (البطانة) للأوردة الصغيرة والشرايين الكبيرة. ومن المعروف أن البطانة أمر بالغ الأهمية لتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية في
أي عمر.

التمارين التي تعتمد على الماء مفيدة لصحة القلب والأوعية الدموية
التمارين التي تعتمد على الماء مفيدة لصحة القلب والأوعية الدموية

وتوصل الباحثون إلى أن جميع أنماط التمارين الثلاثة تقدم فوائد مماثلة للشرايين والأوردة الصغيرة. ومع ذلك تبين أن تمارين اللياقة البدنية في الماء أكثر نجاعة وأمنا على صحة المسنين.

كما كانت وظيفة البطانة (الشرايين) لمجموعة الأشخاص الذين يمارسون التمارين أفضل بكثير من تلك لدى المجموعة غير النشيطة.

وتؤكد هذه النتائج أن جميع أنواع التمارين تلعب دورا مهمّا في الحماية من أمراض القلب والأوعية الدموية، سواء تمّ إجراؤها في الماء أو خارجها.

وغالبا ما لا يمارس كبار السن قدرا من التمارين كما ينبغي، فعلى سبيل المثال، تظهر الإحصائيات أن 13 في المئة فقط من النساء فوق سن 75 يمارسن النشاط البدني.

وهناك العديد من الأسباب التي تمنع كبار السن من ممارسة الرياضة، بما في ذلك الخوف من الإصابة وانعدام الثقة في استخدام معدّات التمارين، لكن هذا قد يعني أنهم يفقدون فوائد مهمة تحققها التمارين للقلب والأوعية الدموية.

وهذا هو السبب الذي دفع الباحثين إلى استكشاف أشكال التمارين الأكثر صحّة وأمنا لكبار السن، والتي تشعرهم بالراحة وتحفزهم على القيام بها.

وتعتبر النتائج التي توصلت إليها الدراسة مهمّة، لأنها أظهرت وبشكل مباشر أن التمارين التي تعتمد على الماء مفيدة لصحة القلب والأوعية الدموية مثل التمارين في صالة الألعاب الرياضية، للفئة العمرية الأكبر سنا. وهذا يعني أنه يمكن لهذه الفئة العمرية ممارسة شكل من أشكال التمارين التي لا تسبب ألما أو إجهادا للمفاصل وفي الوقت نفسهم مفيدة لصحة قلوبهم.

وبالرغم من أن الباحثين يؤكدون أنه لا تزال هناك حاجة إلى إجراء المزيد من البحوث لفهم الأسباب التي تجعل التمارين مفيدة للأوردة والشرايين. لكن النتائج التي توصلوا إليها تشير إلى أن التمارين المائية وسيلة ممتعة ووصفة طبيعية للحماية من أمراض القلب والأوعية الدموية.

18