التلوّث البلاستيكي يهدد الأنواع المهاجرة

الأمم المتّحدة تدعو إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة للحدّ من النفايات البلاستيكية التي تهدد حياة الحيوانات.
الأربعاء 2021/09/01
طيور تحتاج إلى رعاية

باريس - شددت الأمم المتّحدة في تقرير أصدرته الثلاثاء عن منطقة آسيا والمحيط الهادئ على أن الأنواع المهاجرة هي من الأكثر تأثرا بالتلوث البلاستيكي، في الوقت الذي يستعد فيه الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة لعقد مؤتمره المؤجل بسبب وباء كوفيد - 19 في مرسيليا، وذلك للوقوف على الحلول الضرورية لوقف الدمار المتسارع اللاحق بالموائل الطبيعية وحماية الأنواع المهددة بالانقراض بسبب أنشطة البشر.

ودعت الأمم المتّحدة إلى اتخاذ إجراءات أكثر للحدّ من نسبة النفايات لحماية هذه الحيوانات، كدلافين المياه العذبة والأفيال.

وتسلّلت الجزيئات البلاستيكية إلى أبعد مناطق الكوكب، واكتُشفت أجزاء صغيرة منها داخل الأسماك في أعماق المحيط الهادئ وفي جليد بحر القطب الشمالي.

وركّزت الدراسة التي أعدّتها اتفاقية الأمم المتحدة لحفظ الأنواع المهاجرة من الحيوانات الآبدة على آثار البلاستيك على الحيوانات النهرية والبرّية والطيور التي لاحظ الباحثون أن تأثّرها بأزمة النفايات المتفاقمة غالبا ما يخضع لتجاهل. وقد تكون هذه المخلوقات أكثر عرضة لآثار البلاستيك والملوثات المرتبطة به كونها تعيش في بيئات مختلفة، منها المناطق الصناعية والملوثة.

وأورد الباحثون تقديرات تشير إلى أن اليابسة مصدر نحو 80 في المئة من البلاستيك الذي ينتهي به المطاف في المحيطات، إذ تؤدي الأنهار دورا رئيسيا في نقل هذه النفايات من البرّ إلى البحر.

الطيور البحرية المهاجرة كطيور القطرس قد لا تتمكّن من تمييز البلاستيك من الفريسة عند الطيران فوق المحيط

وصدر التقرير قبل أيّام من المؤتمر العالمي للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، الذي سيدعو إلى القضاء على التلوث البلاستيكي في المياه بحلول العام 2030.

وقالت الأمينة التنفيذية لاتفاقية حفظ الأنواع المهاجرة من الحيوانات الآبدة آمي فرانكل إن “الإجراءات المتّخذة لمعالجة هذه القضية العالمية كانت أقل بكثير مما هو مطلوب”.

وأضافت “لقد كان التركيز حتى الآن على تنظيف محيطاتنا، ولكن هذه الخطوة جاءت متأخّرة أساسا. نحن بحاجة إلى التركيز على الحلول والوقاية من التلوث البلاستيكي من المصدر”.

ويسلّط تقرير الأمم المتحدة الضوء على حوضَيْ نهر الغانج الذي يمرّ في الهند وبنغلادش، ونهر ميكونغ الذي يمرّ في الصين وميانمار ولاوس وتايلاند وكمبوديا وفيتنام، اللذيْن يساهمان معا بنحو 200 ألف طن من التلوث البلاستيكي في المحيط الهندي والمحيط الهادئ كل عام.

واعتبر أيضا أنّ معدّات الصيد المرميّة في المحيطات تشكّل خطرا كبيرا على الحيوانات البحرية بحيث يمكن أن تعلق فيه وتحصر تحت الماء بسبب شباك قديمة، ممّا يشكّل خطرا على دلافين إيراوادي ودلافين نهر الغانج خصوصا.

وأبرز التقرير أيضا أن الطيور البحرية المهاجرة، كطيور القطرس، قد لا تتمكّن من تمييز البلاستيك من الفريسة عند الطيران فوق المحيط ويمكن تاليا أن تأكل من طريق الخطأ القطع العائمة، فيتراكم البلاستيك في أحشائها في ما بعد وينتقل إلى صغارها.

وأشار التقرير إلى أن الأفيال الآسيوية تشاهد على اليابسة وهي تقتات من مكبات القمامة في سريلانكا وتأكل البلاستيك في تايلاند، لافتا إلى أن الأنواع الحيوانية في آسيا والمحيط الهادئ تواجه أخطارا كثيرة، منها فقدان الموائل والصيد الجائر والتلوث الصناعي وتغير المناخ.

وأضاف التقرير أن “التلوث البلاستيكي، ولو لم يكن أهم عوامل الإجهاد، قد يضيف ضغطا إضافيا على الأنواع الضعيفة أصلا”.

ودعت الأمم المتحدة إلى وضع استراتيجيات لمنع إلقاء البلاستيك في البيئة، والحدّ من النفايات من خلال إعادة التدوير، فضلا عن بذل جهود أكبر لفهم آثار هذا التلوث على الأنواع المهاجرة.

ومنذ دورة مؤتمر الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة الأخيرة في هاواي في 2016، تضاعفت إشارات الإنذار على حالة الكوكب إذ يقول خبراء التنوع البيولوجي التابع للأمم المتحدة إن ما يصل إلى مليون نوع من الحيوانات والنباتات مهددة اليوم بالانقراض. وحذروا في عام 2019 من أن الطبيعة “تتدهور بشكل أسرع من أي وقت مضى في تاريخ البشرية”.

واعتبارا من 4 سبتمبر، سيسمح تحديث القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة أيضا بالوقوف على الوضع.

التلوث يهدد الحياة البرية
التلوث يهدد الحياة البرية

فبقاء البشر يعتمد على صحة النظم البيئية التي يدمرونها بأنفسهم وذلك للحصول على مياه نظيفة للشرب وهواء نقي يمكنهم تنفسه وعلى احتياجاتهم من الغذاء والطاقة والأدوية وإلى ما هنالك من المستلزمات الأساسية للحياة.

وتجري مفاوضات دولية لمحاولة عكس الاتجاه الحالي، كجزء من مؤتمر الأطراف كوب 15 حول التنوع البيولوجي الذي سيعقد في الصين في أبريل 2022.

ومن دون أن يكون مساحة فعلية للتفاوض، سيؤدي مؤتمر الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة دورا في ذلك من خلال الجمع بين الجهات الفاعلة المختلفة وتحديد الأولويات للسنوات القادمة.

من المقرر أن يصوت الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة على سلسلة من الاقتراحات خلال هذا المؤتمر.

فهو سيعتمد إعلانا نهائيا ينبغي أن يركز على “مكان الطبيعة في خطط الانتعاش الاقتصادي بعد كوفيد - 19”، وعلى ضرورة تبني “استراتيجية عالمية جديدة طموحة للتنوع البيولوجي” ترافقها “خطة عمل عالمية للأنواع”، و”مساهمة الطبيعة في مكافحة التغير المناخي”، كما يشرح سيباستيان مونكوربس مدير الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة في فرنسا.

ويقول غافين إدواردز إن “الحلول القائمة على الطبيعة” التي تجعل من الممكن الحفاظ على النظم الأيكولوجية أو إعادتها إلى طبيعتها، ولكن أيضا مكافحة تغير المناخ دون بنى تحتية أو تكنولوجيا، مثل صيانة غابات المانغروف بدلا من إقامة السدود لتجنب غمر المناطق الساحلية، ستكون كذلك “موضوعا ساخنا”.

وتقول سوزان ليبرمان نائب رئيس جمعية حفظ الحياة البرية غير الحكومية إنه “ينبغي لنا ألا ننسى نقطة أساسية وهي أنه في حين تُطرح فرضية انتقال الفايروس المسبب لكوفيد - 19 من حيوان بري إلى البشر، يجب أن تكون محط اهتمامنا لتجنب الجائحة المقبلة”.

20