التلفزيون الإيراني يفرض شروطه على المرشحين الرئاسيين: ممنوع النقد

طهران - حذرت مؤسسة الإذاعة والتلفزيون في إيران مرشحي الانتخابات الرئاسية من أنه سيتم وقف البث في حال قاموا بنقد أوضاع البلاد أثناء حملاتهم الدعائية.
وبحسب شبكة “إيران إنترناشيونال”، فإن المؤسسة أعلنت معايير إعلانات المرشحين عبر التلفزيون، وجاء في أحد الشروط، ألا تتضمن الإنتاجات والبرامج الحية للمرشحين “إرباك عقول المواطن وتشويش الرأي العام”، والنيل من “قيم وإنجازات النظام الإسلامي”، ويجب الامتناع عن التعبير بأي محتوى يسبب اليأس وخيبة الأمل وتقليل مشاركة المواطنين في الانتخابات.
ومن وجهة نظر السلطات الإيرانية فإن “تشويش الرأي العام” يعني إثارة وتسليط الضوء على الأخبار السلبية، حيث إنه على مدى السنوات الماضية، كان نشر أي خبر عن القصور والفساد وسوء الإدارة في البلاد سببا في إلصاق تهمة تشويش الرأي العام وتدخل الشرطة واعتقال النشطاء الإيرانيين.
ومن بين الأمور الأخرى التي جاءت في بيان التلفزيون الإيراني وحذر المرشحين من التطرق إليها في برامجهم الإعلانية، هي “الإدلاء بتصريحات ومخططات تتنافى مع وحدة وتضامن ومصالح البلاد وأمنها القومي وسلامة أراضيها” و”الإدلاء بإحصائيات كاذبة وتزييف معلومات عن قضايا البلاد”.
في الوقت نفسه، حذر مقر الانتخابات الرئاسية في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية من أن “عدم الامتثال لأي من الحالات المذكورة أعلاه أو وجود قضايا ضد القانون واللوائح وعدم تصحيحها من قبل المرشح سيمنع بثها على وسائل الإعلام الحكومية”.
هيئة الرقابة تعتبر نشر أي نوع من المحتوى لمقاطعة الانتخابات والحد من المشاركة "محتوى إجراميا"
وكان المرشد علي خامنئي، قد قال في وقت سابق في إحدى خطاباته حول الانتخابات، إن على الأشخاص الذين يدخلون الميدان الانتخابي تجنب “الألفاظ البذيئة والشتائم والقذف”.
من جهتها، أصدرت هيئة الرقابة على الصحافة الخميس، تعليمات تحذر فيها وسائل الإعلام من أن نشر أي نوع من المحتوى لمقاطعة الانتخابات والحد من المشاركة فيها هو مثال على “المحتوى الإجرامي”.
وأبلغ وزير الأمن الإيراني، إسماعيل خطيب، رؤساء السلطات الثلاث أن الوزارة تراقب سلوك المرشحين للانتخابات الرئاسية وأنصارهم من كثب، متحدثا عن إصدار “التحذيرات اللازمة لمن يتبنى نهجا هداما” على أثر “توجيهات” أصدرها المرشد الإيراني علي خامنئي بشأن الحملة الانتخابية.
وأفادت وكالة تسنيم التابعة لـ”الحرس الثوري” بأن وزير الأمن أطلع اللجنة على آخر أوضاع الساحة الانتخابية، ورصد الأجهزة الأمنية سلوك المرشحين وأنصارهم “بصفة مستمرة وحيادية كاملة”.
ويعتبر التلفزيون الرسمي أحد أدوات القمع، وسبق أن فرضت الولايات المتحدة، عقوبات على موظفين كبار فيه حيث تتهمه واشنطن ببث مئات الاعترافات التي أدلى بها معتقلون تحت الضغط في الوقت الذي تزيد فيه واشنطن الضغوط على طهران بشأن حملة قمع الاحتجاجات.
الإذاعة تعمل كمركز إعلامي يربط شبكة واسعة من المنظمات الأمنية والاستخباراتية والعسكرية والقضائية
وقالت وزارة الخزانة الأميركية في بيان إنها فرضت عقوبات على 6 موظفين كبار في هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، وفق رويترز.
كما أضافت أن المؤسسة الإعلامية تعمل “كأداة حاسمة في حملة القمع والرقابة الجماعية التي تمارسها الحكومة الإيرانية ضد شعبها”. كذلك أكدت أن “المؤسسة أنتجت وبثت مقابلات مع أشخاص أُجبروا على الاعتراف بأن أقاربهم لم يقتلوا على أيدي السلطات الإيرانية خلال الاحتجاجات الأخيرة، لكنهم ماتوا لأسباب لا علاقة لها بالمظاهرات”.
وبث التلفزيون الإيراني اعترافات يشتبه أنها بالإكراه لما لا يقل عن 355 شخصًا على مدى العقد الماضي، في ممارسة لقمع المعارضين، وتخويف النشطاء في إيران نيابة عن الأجهزة الأمنية، وفقًا لما ذكرته دراسة سابقة نشرتها منظمة العدالة من أجل إيران والاتحاد الدولي لحقوق الإنسان.
واستعرضت الدراسة، حالات لسجناء يتم تدريبهم على قراءة عبارات من لوحات بيضاء، حيث أمرهم مراسلو التلفزيون الحكومي بإعادة قراءة الاعترافات وهم يبتسمون. وذكرت الدراسة أن آخرين تعرضوا للضرب، والتهديد بالعنف الجنسي، واستخدام أحبائهم لانتزاع شهادات واعترافات كاذبة تم بثها لاحقًا في نشرات وبرنامج إخبارية.
وقال محمد نيري، المدير المشارك لمنظمة العدالة من أجل إيران، إن عدد الذين تم تصويرهم على الأرجح أكبر من ذلك، حيث يقول البعض إن اعترافاتهم القسرية لم تبث بعد، في حين أن البعض الآخر قد لا يكونون في متناول الباحثين.
وأضاف لأسوشيتد برس “إنهم دائمًا يعيشون في هذا الخوف، ويخشون حدوثه، لذا فإن الخوف نفسه في تلك الحالات لا يقل عن خوف وألم أولئك الذين بُثت اعترافاتهم”.
وجاء في الدراسة “الإذاعة تعمل كمركز إعلامي يربط شبكة واسعة من المنظمات الأمنية والاستخباراتية والعسكرية والقضائية”. فهي ليست مجرد منظمة إعلامية، وليست مستقلة بأي حال من الأحوال، بل جهاز قمع تستخدمه الدولة كأداة للاتصال الجماهيري.