التكنولوجيا دليل شركات ناشئة لكسر فوضى حركة السير في القاهرة

"مواصلات للقاهرة" تطبيق يهدف إلى تخطيط خطوط سير وسائل المواصلات.
الخميس 2021/03/04
خارطة جديدة لوسائل المواصلات

القاهرة - تعاني القاهرة، العاصمة المصرية ذات العشرين مليون نسمة المعروفة باختناقات حركة السير وبتلوث المناخ، من أزمة كبيرة في مجال النقل تحاول شركات ناشئة مواجهتها باستخدام التكنولوجيا.

وتبدو المواصلات العامة غير قادرة على مواجهة التحدي، بدءا من حافلات ملوثة للبيئة وفي حالة سيئة، وصولا إلى ثلاثة خطوط فقط للمترو.

ويعاني كامل أسطول النقل البري في مصر من العديد من المشكلات، يأتي في مقدمتها غياب التحديث والتطوير، ولا تتوقف عند المشكلات المزمنة التي تعيشها شبكة الطرقات على مدى العقود الماضية.

كما أن المشكلة لا يمكن معالجتها بنظام المواصلات غير الرسمي مثل الميكروباص والتوك التوك والتاكسي وأوبر أو حتى السيارات الشخصية التي تجوب العاصمة المصرية ولا يوجد إحصاء رسمي ودقيق لعددها.

وقال الأستاذ المتخصص في نظم السير بجامعة القاهرة أسامة عقيل، إن “أزمة الحركة المرورية في القاهرة الكبرى تنعكس في متوسط السرعة في شوارعها الذي لا يزيد عن 10 كيلومترات في الساعة”.

وأشار عقيل إلى أن زمن الرحلة من مكان إلى آخر في العاصمة المصرية يمكن أن يتجاوز 90 دقيقة، أي أكثر من يوم كامل إذا أخذنا في الاعتبار أن أسبوع العمل خمسة أيام فقط.

ووفقا لشركة “توم توم” الهولندية لتصنيع أنظمة الملاحة بالمركبات، تحتل القاهرة المدينة العربية الأكثر اكتظاظا بالسكان حيث يعيش خمس المصريين، المرتبة 30 في العالم من حيث أسوأ أشكال الازدحام.

ويعد مشهد المركبات العالقة في الازدحام المروري وسط الباعة الجوالين في ميدان العتبة بوسط العاصمة المصرية القاهرة، معتادا.

مشهد المركبات العالقة في الازدحام المروري وسط الباعة الجوالين في قلب العاصمة المصرية، يعد مشهدا معتادا

وتوجد العديد من التطبيقات لمساعدة سكان القاهرة على التنقل، بدءا من الرحلات المشتركة في السيارات الشخصية، وصولا إلى أوبر مرورا بالمعلومات المتعلقة بحالة حركة السير.

وإزاء الوضع الفوضوي فإن أي تجديد تكنولوجي يبدو محل ترحيب.

وتبحث الشركات الناشئة في القاهرة المزدحمة والمليئة بالتلوث الشديد، عن حلول تكنولوجية لحل مشاكل النقل في مدينة ضخمة آخذة في الاتساع تكافح بالفعل مع أكثر من 20 مليون شخص.

ومن بين الشركات الناشئة الأكثر طموحا تلك التي ابتكرت تطبيقا يحمل اسم “مواصلات للقاهرة”، حيث بدأ مصمموه في رسم خارطة معمقة لخطوط سير وسائل المواصلات في المدينة.

ولفت محمد حجازي، مدير الشركة وأحد مؤسسيها، “برسم خارطة لحركة وسائل المواصلات في المدن الكبرى وباستخدام هذه المعطيات للتخطيط مستقبلا نأمل في أن يتم حسم الوضع”.

وتقوم فرق تابعة للمشروع على أرض الواقع بحصر كل الرحلات الممكنة بين كل المناطق.

وتابع حجازي “نعمل مع السلطات من أجل إدخال تغيير على نظام التنقل”.

ويدعم البنك الدولي ووزارة النقل المصرية هذا المشروع الذي يهدف إلى تخطيط خطوط سير وسائل المواصلات في القاهرة خلال “السنوات العشر أو العشرين المقبلة”.

وأضاف حجازي أن مشروعه يستهدف في مرحلة لاحقة ترقيم وتحليل المعطيات لخدمة “الهدف النهائي وهو تحويل كل المواصلات إلى الطاقة النظيفة لتعمل كلها بالكهرباء”.

Thumbnail

أما شركة “محفظة أجرة” فتركز على جانب آخر من مشكلة المواصلات، يتمثل في أن قرابة 500 مليون جنيه مصري (نحو 31 مليون دولار) يتم تداولها يوميا من خلال عملات صغيرة.

ويأمل خالد خليل، مؤسس هذه الشركة الناشئة البالغ من العمر ثلاثين عاما، في أن تساهم “محفظة أجرة” في إنجاز التحول الرقمي والاستغناء عن العملات الصغيرة “بحلول العام 2030”.

وقال “نعمل على أن يكون سداد تعريفة المواصلات أسهل”، مضيفا أن الأموال السائلة باتت مصدر “خطر” لأنها يمكن أن تنقل الفايروسات مثل كورونا.

وتضع الشركة إعلانات على حافلات شركات النقل الجماعي وتستخدم حصيلة هذه الدعايات في خفض قيمة التعريفة التي يسدّدها الركّاب إلكترونيا.

وتؤكد شركة “تنك” الناشئة أنها أضافت لمسة تجديد في مجال الرحلات المشتركة في السيارات الشخصية.

ولفت أحد مؤسسي “تنك” عادل المحروقي (38 سنة) “لقد حولنا الرحلات المشتركة إلى مقابلات اجتماعية”.

وتحاول الشركة الناشئة المساعدة في الحد من عدد السيارات في الشوارع من خلال نظام تجميع نقاط واستبدال نقود أو وقود بها من أجل تحفيز أصحاب السيارات على عدم القيام بالرحلة بمفردهم.

وفي العام 2014، أفادت مذكرة للبنك الدولي بأن ثمانية مليار دولار يتم إهدارها كل عام بسبب التأخير وكلفة الوقود.

وبحسب البنك الدولي، كانت كلفة تلوث الهواء تمثل 1 في المئة من إجمالي الناتج القومي عام 2013 وتشكل “الاختناقات المرورية السبب الرئيسي للتلوث الناتج عن النقل”.

Thumbnail

ومن أجل الحد من الاختناقات، قرر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إنشاء عاصمة إدارية جديدة شرق القاهرة. وتنشئ السلطات جسورا في مناطق عدة في القاهرة تهدد في بعض الأحيان بالتأثير سلبا على تراث المدينة المعماري.

ولكن عقيل يرى أن “الحل يكمن في تحسين وسائل المواصلات العامة”.

ولتحسين وسائل المواصلات العامة وضعت وزارة النقل استراتيجية هدفها تطوير منظومة النقل بشكل كامل حتى العام 2050، تشمل مخططات لتطوير البنية التحتية والإدارية والتشريعية المرتبطة.

وقبل إنشاء “مواصلات للقاهرة” و”محفظة أجرة” و”تنك” الناشئة التي تحاول مواجهة فوضى حركة السير في القاهرة، ظهرت محاولات فردية وجماعية للحد من الكثافة المرورية، من بينها تطوير الشاب محمد المنصوري لتطبيق يتيح تأجير دراجات كهربائية عبر الهواتف الذكية ليسهل على المصريين إمكانية التنقل بيسر وسهولة وسط الزحام.

كما حاول المصريون الاستغناء عن المواصلات العامة ومواجهة ارتفاع تكلفة النقل من خلال الإقبال الكبير على استخدام الدراجات الهوائية.

ويشار أيضا إلى أن الحكومة المصرية فتحت في العام 2019 آفاق نهر النيل لتخفيف اختناق شوارع المدن وخاصة القاهرة.

وتحول نهر النيل بفضل ذلك إلى بديل أمام الهيئات والمؤسسات المصرية لنقل العاملين والموظفين، في خطوة لتوفير الوقت عليهم وحمايتهم من معدلات التلوث الخطيرة الناجمة عن انبعاثات حرق الوقود.

20