التكنولوجيا تجذب الشباب الليبيين رغم قلة آفاق التمويل

مسابقة للروبوتات في طرابلس تنافس فيها حوالي عشرين فريقا مؤلفا من خبراء ناشئين ومصممي غرافيك هواة وغيرهم من المتدربين من جميع المناطق.
الخميس 2023/03/16
نموذج يحتاج إلى التطوير

طرابلس - عكس حدث تقني نادر في العاصمة الليبية طرابلس مدى شغف الشباب بالتكنولوجيا، وأن ثمة اتجاها متزايدا لاستخدامها رغم المنغصات التي يعيشها البلد النفطي، جراء مخلفات أكثر من عقد من الحرب والأزمات.

وكأحد الأمثلة على انجذاب الليبيين للتكنولوجيا يسعى يوسف جيرة البالغ 18 عاما، المولع بالتقنيات الحديثة، لتشجيع أترابه على إطلاق مبادرات في مجال التكنولوجيا، لتحديث البلاد التي خنقت طويلا إبداعات شبابها خلال عقود من العنف والدكتاتورية.

وفي منطقة السراج في غرب طرابلس، شارك الطالب الشاب في مسابقة للروبوتات تنافس فيها حوالي عشرين فريقا مؤلفا من خبراء ناشئين ومصممي غرافيك هواة وغيرهم من المتدربين من جميع المناطق، في هذا البلد المقسم بعد سنوات من الحرب وعدم الاستقرار.

ولا يخفي هذا الشاب ولعه بالابتكار. وقال جيرة لوكالة الصحافة الفرنسية إن “هدفنا توجيه رسالة إلى المجتمع بأسره بأنّ ما تعلّمناه قد غيّر الكثير من الأشياء فينا”.

وشهدت ليبيا منذ العام 2011 صراعا متقطعا، وسط نزاعات شاركت فيها ميليشيات مختلفة وقوى أجنبية، وتنافس بين حكومات متعددة على النفوذ في البلاد.

محمد حمودة: ما نفتقده هو الاستقرار وتجسيد الرؤية لدعم الشباب
محمد حمودة: ما نفتقده هو الاستقرار وتجسيد الرؤية لدعم الشباب

ومنذ إسقاط نظام معمر القذافي، تتنافس حكومتان على السلطة، إحداهما في الشرق والأخرى في الغرب، حيث يكافح الفرقاء وصانعوا السياسة النقدية بلا جدوى للتوصل إلى نقطة تقاطع إيجابية وسط خلافاتهم المستمرة لإعادة بناء الاقتصاد العليل.

وعلى عكس السياسيين الليبيين، عمل المشاركون الشباب في المسابقة معا في صالة الألعاب الرياضية بإحدى مدارس العاصمة، حيث أقيمت المنافسة في الهواء الطلق، بحضور مشجعين أتوا لدعم فرقهم على وقع أغنيات حماسية بالإنجليزية.

وبينما أكد جيرة أنه اكتسب مهارات جديدة وتعلم أصول العمل الجماعي لتحقيق هدف مشترك، أبدى محمد زايد، منسق هذا الحدث، اقتناعه بأن مثل هذه المبادرات قد يفتح “آفاقا جديدة” لليبيا “لا تقتصر على الروبوتات”.

وقال زايد لوكالة الصحافة الفرنسية، بعد كلمة الافتتاح أمام مدرجات امتلأت بتلامذة المدارس الثانوية وعائلاتهم وكذلك بعض المسؤولين، إن “هؤلاء الشباب اضطروا أيضا إلى إدارة العلاقات بينهم والعمل من أجل الاندماج والوحدة والسلام”.

وبالنسبة لمنسق الفعالية، فإن الأمر يتعلق قبل كل شيء بـ”إعداد العمّال للمستقبل ورفع الوعي في الدولة بأهمية التكنولوجيا والابتكار”.

وخارج الإستاد، قدم حوالي عشرين فريقا روبوتاتهم الصغيرة، ما يسلط الضوء أيضا على قدرة التكنولوجيا على تسهيل الاندماج، في مجتمع محافظ للغاية، للفئات المهمشة في الكثير من الأحيان مثل النساء أو المهاجرين أو الأشخاص ذوي الإعاقة.

وشرعت شدروان خلف الله البالغة 17 عاما، في هذه المغامرة، ورأت في التكنولوجيا وسيلة تساعد على إيجاد حلول لتحديات المناخ والصحة، ولكنها أيضا طريقة لمساعدة الفتيات على تعزيز دورهنّ في المجتمع.

وقالت “أنشأنا هذا الفريق لمساعدة المجتمع على التطور ولنظهر أننا موجودون”، وذلك خلال توزيع ملصقات تحمل شعار “التغيير”.

وترى أستاذة علوم الأحياء والفيزياء والكيمياء نجوى عبدالغني، وهي مدرّسة أحد الفرق المشاركة، أن التكنولوجيا ستساهم في تطوير البلاد و”تحسين صورتها”.

Thumbnail

وبعد أكثر من أربعة عقود من حكم القذافي، شهد الليبيون اثني عشر عاما من الأزمة السياسية تخللتها أعمال عنف بين المعسكرين المتنافسين. والآن يأمل السكان حاليا أن يسمح الهدوء النسبي في الأشهر الأخيرة بالتفكير في تنمية البلاد.

وحاليا تكاد تكون فرص دعم رواد الأعمال الشباب وفتح الآفاق أمام الشركات الناشئة معدومة، بالنظر إلى مناخ الأعمال المحلي غير المستقر، إذ رغم أن التكنولوجيا باتت أحد أساسيات نمو اقتصاد أي بلد، إلا أنها في ليبيا محاصرة بالتحديات.

ومع ذلك تؤكد عبدالغني التي درست في بريطانيا، لوكالة الصحافة الفرنسية، “نميل إلى تلقي هذه الأفكار من الخارج ونسأل أنفسنا لماذا لا نطورها بأنفسنا هنا؟”.

ورغم تراكم الأزمات، تشهد ليبيا منذ سنوات طفرة كبيرة في اهتمام الشباب بمجال صناعة الروبوتات الواعدة، لكن لا توجد التمويلات أو الدعم اللازم لتجسيد طموحاتهم في الواقع.

وتقول حكومة عبدالحميد الدبيبة في طرابلس إن شؤون الشباب والتكنولوجيا تشكل محورا رئيسيا في خطتها التنموية، من خلال “مبادرات جديدة” للرقمنة والاتصالات واقتصاد المعرفة والتدريب، وحتى المدن الذكية.

وقال المتحدث باسم الحكومة محمد حمودة خلال هذا الحدث إنّ “ليبيا لا ينقصها شيء، لا الموارد البشرية، ولا الذكاء، ولا عزيمة الشباب”.

لكنه استدرك بالقول “ما نفتقده هو استدامة الاستقرار الذي تتمتع به ليبيا اليوم، بالإضافة إلى رؤية إستراتيجية لدعم الشباب”.

11