التكنولوجيا النسائية "فمتك" قادرة على خلق ثورة في مجال صحة المرأة

"فمتك" يحتاج إلى توسيع نطاق الأبحاث في مجال الحيض ووضع حلول مخصصة للنساء.
الأحد 2023/01/08
خلق المزيد من الفرص للمرأة

على الرغم من أن نصف سكان العالم هم من النساء، إلا أن التكنولوجيا النسائية (فمتك)، وهو المصطلح الذي يُطلق على المنتجات والخدمات التي تلبي احتياجات صحة المرأة وعافيتها، اعتبرت من جوانب التكنولوجيا المتخصصة من قبل عمالقة التكنولوجيا. ولكن مع توقع نمو السوق بأكثر من 13 في المئة سنويا، ليصل إلى 75 مليار دولار بحلول عام 2027، فمن الواضح أن فرصة (فمتك) لتصدر المشهد قد حانت أخيرا.

والسؤال الآن هو، هل سيستفيد قطاع الصناعة من هذه الفرصة.

وتمت صياغة مصطلح (فمتك) في عام 2016 من قبل “إيدا تين” وهي المؤسِسة المشاركة والرئيس التنفيذي لتطبيق تتبع الدورة الشهرية والمسمى “كلو”، وحتى سنوات قليلة مضت بلغ إجمالي الاستثمار العالمي في هذا القطاع أقل من 100 مليون دولار سنويا، وبين عامي 2011 و2020 تم منح ثلاثة في المئة فقط من صفقات الصحة الرقمية في الولايات المتحدة لشركات التكنولوجيا الموجهة إلى النساء.

وقد تغير المشهد كليا اليوم، ففي عام 2021 تم إبرام 231 صفقة في مجال التكنولوجيا النسائية، مقارنة بـ23 صفقة فقط قبل عقد من الزمان، وتجاوز الاستثمار في تطبيقات فمتك 1 مليار دولار. ومن المتوقع أن تصل قيمة السندات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 3.8 مليار دولار بحلول عام 2031، ويقع أكثر من ثلث شركات التكنولوجيا النسائية في المنطقة في دولة الإمارات العربية المتحدة.

والأفضل من ذلك كله أن 70 في المئة من شركات التكنولوجيا النسائية لديها مؤسس واحد من النساء على الأقل، كما أن شركات رأس المال الاستثماري، مثل “بورتفوليا” وهو صندوق استثماري صممته النساء للنساء، تخلق المزيد من الفرص للمرأة. وحتى المشاهير يدعمون هذه الاتجاهات، ففي العام الماضي دعمت “أوبرا وينفري” عيادة “مافن” بصفتها مستثمرة في المشروع، وهي عيادة افتراضية قائمة على التطبيب عن بعد لصحة المرأة، من خلال جولة حلقات “دي”.

ومع أن السوق في طور النضوج، لكن الطريق إلى مرحلة قطف الثمار لا يزال معبدًا بالعراقيل، وعلى الرغم من الحاجة العالمية إلى التكنولوجيات الصحية الموجهة إلى النساء، فإن التغلب على عنصر تفضيل أصحاب رأس المال الاستثماري في القطاع التكنولوجي الذي يهيمن عليه الرجال هو صراع مستمر، ففي عام 2021، تلقت الشركات التي أسستها النساء اثنين في المئة فقط من 330 مليار دولار من تمويل المشاريع، هذا على الرغم من حقيقة أن الشركات الناشئة التي أسستها وشاركت في تأسيسها نساء تولد إيرادات تراكمية بنسبة 10 في المئة أكثر من الشركات التي أسسها الرجال، ويقمن بذلك بينما يجمعون نصف أموال نظرائهم الذكور.

وبالنظر إلى تلك الأرقام، فلا عجب أن 43 في المئة من رائدات الأعمال الإناث يقلن إنهن يشعرن بالإرهاق مقارنة بـ31 في المئة من قادة الأعمال الذكور، وقد جعل النظام البيئي للتمويل الذي يركز على الذكور من الصعب بشكل خاص على مؤسسي فمتك عرض المنتجات النسائية للرجال لأنهم غير قادرين على الارتباط بالمنتج.

وركزت “فمتك” معظم مواردها على الصحة الإنجابية إلى الآن، وهي التي تشكل 51 في المئة من قطاع الصناعة، لكن مجالات الرعاية الصحية الأخرى، وخاصة صحة الدورة الشهرية، قابلة للتطوير (14 في المئة فقط من شركات التكنولوجيا النسائية تركز حاليا على هذا الجانب).

ومعظم النساء يعشن تجربة الدورة الشهرية التي تمثل مع النظافة الشخصية قطاعا تجاريا تقدر قيمته بـ43 مليار دولار. فلماذا إذن فشل قطاع الصناعة في تحسين أو الاستثمار في المنتجات التي تلبي راحة المرأة؟

وتم تسجيل براءة اختراع سدادة الدورة الشهرية في عام 1931 وتعود الفوطة الصحية إلى عام 1956، ومنذ ذلك الحين، لم يتغير شي يُذكر على تلك المنتجات. وبالنظر إلى ما تم تحقيقه في تلك الفترات الزمنية، من الهبوط على سطح القمر، واختراع الهاتف المحمول، والإنترنت، فإن الفشل في إعادة هندسة مواد النظافة الأساسية للمرأة أمر مثير للقلق.

"فمتك" ركزت معظم مواردها على الصحة الإنجابية إلى الآن، وهي التي تشكل 51 في المئة من قطاع الصناعة

وبدأت الشركات التي تعمل في مجال “فمتك” في ملء ذلك الفراغ الابتكاري، وواحدة من أكثرها إثارة للاهتمام هي “فليكس” وهي بديل آمن للجسم للسدادات القطنية، واختراع آخر هو “ثنكس” وهي ملابس داخلية ترصد الدورة الشهرية.

ومع ذلك، فإن الطلب على الابتكار في مجال صحة المرأة أكثر من المعروض، حيث تعاني حوالي 80 في المئة من النساء في جميع أنحاء العالم من آلام الدورة الشهرية، وفي المتوسط تقضي المرأة 10 سنوات في الدورة الشهرية خلال حياتها، ويشكل ذلك الكثير من الآلام والضيق مما يحتم على قطاع التكنولوجيا النسائية التعامل معه.

والحيض له آثار ملحوظة على الصحة العقلية ومستويات الطاقة والتغذية والأداء اليومي بصورة عامة. وفي مجال الرياضة بدأت النساء في إثارة هذه القضية، ففي عام 2015 أرجعت لاعبة التنس البريطانية هيذر وات أداءها الضعيف في بطولة أستراليا المفتوحة إلى الدورة الشهرية، وكررت السباحة الصينية فو يوان هوي نفس الشيء في أولمبياد ريو في عام 2016.

ولإحداث ثورة في صحة المرأة، وترك بصمتها على الاقتصاد العالمي، يحتاج قطاع تكنولوجيا النساء “فمتك” إلى توسيع نطاق الأبحاث في مجال الحيض ووضع حلول مخصصة للنساء.

وتم تطوير الطب الحديث بناء على جسد الرجل، ولم يسمح للنساء بالمشاركة في التجارب السريرية حتى عام 1993، ووجد تقرير صدر في شهر نوفمبر من عام 2022 من قبل شركة ريكيت، التي تصنع دواء نوروفينل لتخفيف الآلام، أن واحدة من كل ست نساء تشعر بالألم كل يوم، وتشعر واحدة من كل اثنتين بأن ألمها قد تم تجاهله بسبب جنسها.

وسيتطلب سد الفجوة بين كلا الجنسين قدرا كبيرا من العمل، وهناك حاجة ماسة إلى المزيد من التمويل للبحث المناسب والتجارب السريرية. يمكن للشركات العاملة في قطاع تكنولوجيا المرأة “فمتك” أن تقود هذه الجهود. لقد حان الوقت للنساء لاتخاذ القرارات التنفيذية حول القضايا المرتبطة بأجسادهن.

15