التكنولوجيا المالية مفتاح تطوير صناعة التأمين في البحرين

تحث الحكومة البحرينية والجهات التنظيمية في البلاد الخطى من أجل الارتقاء بصناعة التأمين من خلال التعويل على التكنولوجيا المالية وجعلها نقطة ارتكاز في هذا النشاط، بالتوازي مع تطوير الخدمات حتى تعزز الشركات أعمالها وتجذب المزيد من المتعاملين.
المنامة – تواجه البحرين تحديات في طريق تحسين وتطوير وتعزيز كفاءة صناعة التأمين لكي تتماشى مع برامج الإصلاح الاقتصادي التي تتبعها، ولتواكب تنوع الأخطار التي تكاثرت في السنوات الماضية مما سيؤدي إلى منافسة أكبر.
والخبراء مقتنعون بأن البحرين كغيرها من الدول العربية أمام معركة مفصلية للإسراع في تعديل أوتار سوق التأمين، التي باتت أحد القطاعات المهمة في مسار تنشيط القطاعات الإنتاجية والحفاظ على الثروات وممتلكات الأفراد.
ويلعب هذا القطاع، الذي يحتاج إلى مواكبة الطفرة التكنولوجية بشكل أسرع، دورا هاما في تحقيق أهداف النمو الاقتصادي والتنمية بما يوفره من حماية لممتلكات الأفراد والمؤسسات والمحافظة على الثروات الوطنية.
وتبرز أهمية نشاط التأمين من خلال مساعدته على استقرار الأعمال وتعويض الأشخاص عن الأضرار التي تطال الممتلكات، باعتباره إحدى وسائل معالجة المخاطر من خلال نقل تلك المخاطر إلى الغير.
وتجد الشركات نفسها اليوم في معضلة بسبب تزايد تهديدات الأمن الإلكتروني بفعل موجة الرقمنة وتلك المتعلقة بالتغيرات المناخية، ما يستدعي البحث عن مقاييس جديدة لمعرفة حجم المخاطر والتعويضات التي يمكن أن تساعدها على تنمية أعمالها.
وتؤكد عبير آل سعد، المدير التنفيذي لرقابة المؤسسات المالية في البنك المركزي، أن القطاع يوفر للشركات المحلية والدولية العديد من فرص النمو والابتكار التكنولوجي لتوفير حلول تأمينية وتلبية الاحتياجات المتطورة للأفراد والشركات في ظل رقمنة القطاع المالي.
ونسبت وكالة الأنباء البحرينية الرسمية إلى آل سعد قولها، على هامش الإعلان عن نتائج القطاع في النصف الأول من 2023، الثلاثاء إن ذلك “تَمثل باستخدام تقنيات تحليل البيانات، والذكاء الاصطناعي لتحسين تقييم المخاطر وتقديم خدمات مبتكرة”.
ولتحفيز تنمية هذه السوق حثت المسؤولة الشركات على تجاوز حدود الممارسات التقليدية واستكشاف حلول مبتكرة لتتمكن من تعزيز الكفاءة في العمل واكتساب ميزة تنافسية.
ولفتت آل سعد إلى أن قطاع التأمين في البحرين شهد نموا وتوسعا في الأقساط المحققة مدفوعا بزيادة التأمين الصحي. وأكدت أن زيادة الوعي التأميني والحاجة ستؤثران إيجابًا في القطاع.
وتتيح الموجة الحالية من التحول الرقمي لشركات التأمين تحقيق القيمة المضافة وتعزيز محفظتها من الخدمات والمنتجات.
وكان البنك المركزي قد أصدر في عام 2019 توجيهات وتوضيحات جديدة بخصوص وسطاء التأمين عبر المنصات الإلكترونية. وعادة ما يحمل هؤلاء الوسطاء تراخيص في واحد أو أكثر من مجالات التأمين طويل الأمد وإعادة التأمين ومنتجات التكافل وغيرها.
وبحسب البيانات التي أعلن عنها المركزي فقد نما حجم أقساط التأمين في الفترة بين يناير ويونيو الماضيين بمقدار 3.1 في المئة على أساس سنوي لتبلغ نحو 151.5 مليون دينار (400.66 مليون دولار).
كما بلغت مساهمة فروع التأمينات العامة، بما فيها التأمين الصحي، ما يقارب 90 في المئة من إجمالي حجم الأقساط خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2023.
3.1
في المئة نمو القطاع في النصف الأول من 2023 بمقارنة سنوية ليبلغ 400 مليون دولار
وأظهرت الأرقام أن أقساط التأمين الصحي نمت خلال النصف الأول من السنة الجارية بمقدار 12 في المئة بمقارنة سنوية لتصل إلى 52.3 مليون دينار (138.3 مليون دولار).
وواصل التأمين الصحي الصدارة من حيث إجمالي الأقساط حيث يساهم بما يقارب 35 في المئة من إجمالي المعاملات، بينما استحوذ التأمين على السيارات على ثمانية في المئة وجاء في المركز الثاني.
والبحرين من أصغر منتجي النفط ومن أكثر دول الخليج العربي المثقلة بالديون. وحصلت في عام 2018 على حزمة إنقاذ بقيمة عشرة مليارات دولار من دول الجوار الثرية لتجنب أزمة ائتمانية.
ومع مُضيّ البلد بخطوات تنفيذ رؤية 2030 وفق الخطط التنموية المرحلية وصولا إلى تحقيق الأهداف المستدامة في شتى القطاعات المستهدفة، فإن الجهات التنظيمية تعمل على تعزيز مساهمة صناعة التأمين في الاقتصاد.
وتتيح التقنيات الحديثة فرصا كبيرة تتمثل في تسهيل الوصول إلى الخدمات التأمينية، وتطوير النظم الداخلية وخدمات ومنتجات جديدة.
ولذلك يعمل البلد الخليجي على تعزيز جهوده في سبيل دعم دور السلطات الرقابية من أجل تطبيق مبادئ التأمين الأخضر والمستدام، من خلال التعاون البنّاء والشراكة المستدامة مع المؤسسات الإقليمية والدولية.
وتقول مديرة إدارة مراقبة التأمين السيدة إلهام طالب إن القطاع يشهد نقطة تحول مع بدء تطبيق المعيار الدولي آي.أف.آر.أس 17 ومبادرات أخرى يطلقها المركزي بالتعاون مع العديد من الجهات.
ويؤكد الفاعلون في القطاع على ضرورة الالتزام بتعزيز معايير القطاع وضمان الشفافية المالية مع التركيز على الابتكار للتطور والتركيز على الزبائن والاستدامة.
وأكدت طالب “لذلك يستعد قطاع التأمين في البحرين لتقديم خدمات محسنة وزيادة في الوعي التأميني ونمو في القطاع في ظل بيئة تشريعية ورقابية محفزة”.
وتظهر الأرقام المنشورة على المنصة الإلكترونية للبنك المركزي أن عدد الكيانات المرخصة بلغ 24 شركة محلية و12 فرعا لشركات تأمين أجنبية تزاول أعمال التأمين وإعادة التأمين والتكافل وإعادة التكافل، فضلا عن 32 وسيط تأمين.
وبحسب الإحصائيات فإن الشركات المحلية تتوزع بين كيانات للتأمين التكافلي وأخرى لإعادة التأمين وشركة واحدة لإعادة التكافل وشركة تأمين تابعة للقطاع الخاص.
أما فروع شركات التأمين الأجنبية فتضم 10 شركات تأمين تقليدية وشركة إعادة تأمين وأخرى لوساطة التأمين، كما تشتمل سوق التأمين على العديد من شركات الوساطة وشركات خدمات التأمين المساندة.
وفي أبريل الماضي حصلت شركة هاودن لوساطة التأمين الدولية، وهي من بين أكبر شركات القطاع عالميا ومقرها لندن، على ترخيص من البنك المركزي لمزاولة أعمالها ضمن السوق البحرينية في خطوة إستراتيجية للنمو في السوق الخليجية.
وتقدم هاودن خدمات وساطة التأمين والخدمات الاستشارية للمخاطر عبر مجالات المخاطر المتعددة، بما في ذلك قطاع الطيران والأعمال الإنشائية والطاقة والمؤسسات المالية والبحرية والممتلكات والحوادث ومزايا الموظفين والأعمال المتخصصة، وغيرها.