التكتم يخيم على نتائج زيارة كسر القطيعة الجزائرية - الفرنسية

وزير الخارجية الفرنسي يؤكد الاتفاق على الاستمرار في التعاون الشامل.
الاثنين 2025/04/07
مصافحة محملة بالريبة

الجزائر- حافظ الطرفان الجزائري والفرنسي على التكتم بشأن نتائج زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إلى الجزائر، ورغم الإقرار بالاتفاق على طي صفحة الأزمة وفتح صفحة جديدة في علاقات البلدين، وعلى مواصلة الحوار والتعاون الشامل، أوحى التكتم  برغبة الطرفين في تحييد كسر القطيعة عن تأثيرات الخطاب المتطرف في البلدين، أو بخلافات طفت على السطح عكس التفاؤل الذي ساد الأيام القليلة الماضية.

وكشف وزير الخارجية الفرنسي عقب لقائه الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون عن اتفاق الطرفين على الاستمرار والتعاون في جميع القطاعات، لكنه تفادى التطرق إلى النتائج التي تم التوصل إليها، وهو ما يوحي بأن مهمة كسر القطيعة التي دامت نحو ثمانية أشهر لم تسر كما ساد الانطباع بعد البيان المشترك الصادر عن الرئيسين تبون وإيمانويل ماكرون، عقب الاتصال الذي جرى بينهما مطلع الشهر الجاري.

لكن حديث بارو عن “طي صفحة الأزمة، وفتح صفحة جديدة في العلاقات الندية بين البلدين،” وعن “الاتفاق على الاستمرار في الحوار والتعاون الشامل،” يوحي بأن الملفات المتراكمة بين البلدين -والتي عمقت الأزمة بينهما خلال الأشهر الماضية، كالهجرة والتعاون الأمني والقضائي وعودة المؤسسات الفرنسية إلى الجزائر والتأشيرات الدبلوماسية- قد تم التوافق بشأنها.

ويرى متابعون للعلاقات الجزائرية – الفرنسية أن الملامح التي ظهرت على وجوه أعضاء الوفدين الجزائري والفرنسي ترجمت حالة التشنج القائمة بين الطرفين.

وكان جان نويل بارو قد أكد أمام نواب الجمعية العامة الأسبوع الماضي أن “عودة العلاقات بين الجزائر وفرنسا يتوجب أن تكون بحزم ودون تهاون.”

وقال بارو بعد اللقاء الذي استمر ساعتين ونصف ساعة مع تبون ووزير الخارجية أحمد عطاف “مع الرئيس عبدالمجيد تبون، عبرنا عن الرغبة المشتركة في رفع الستار من أجل إعادة بناء حوار هادئ، والاستئناف الشامل للعلاقات الثنائية.”

وأضاف “فرنسا والجزائر اتفقتا على استئناف التعاون في جميع القطاعات، وذلك بعد يوم من المحادثات الهادفة إلى استئناف الحوار عقب خلافات على مدار أشهر، وإننا نعود إلى الوضع الطبيعي، ولنكرر كلمات الرئيس عبدالمجيد تبون، فقد رفع الستار.”

الملامح التي ظهرت على وجوه أعضاء الوفدين الجزائري والفرنسي ترجمت حالة التشنج القائمة بين الطرفين

وركز نويل بارو على طي صفحة التوتر بين بلاده والجزائر، وأن الأخيرة وعدت بمنح الشركات الفرنسية -بما فيها العاملة في القطاع الزراعي- قوة دافعة جديدة، وهو ما يترجم تضرر القطاع، خاصة إنتاج القمح، بسبب القطيعة التجارية غير المعلنة التي طبقتها الجزائر خلال الأشهر الأخيرة.

ولم تظهر في تصريحات بارو قضايا الكاتب الفرانكوجزائري بوعلام صنصال، المحبوس في الجزائر والمحكوم عليه بخمس سنوات سجنا نافذا في درجة التقاضي الأولى، ولوائح المهاجرين الجزائريين غير المرغوب فيهم في فرنسا التي تريد ترحيلهم إلى الجزائر، فضلا عن التعاون الأمني والقضائي والاستخباراتي، ما يشير إلى فرضيتين قائمتين، الأولى: تفادي التعمق في التفاصيل لتحييد عودة العلاقات الثنائية عن تأثير الخطاب المتطرف في البلدين، أما الثانية فهي: ظهور خلافات حول بعض الملفات.

وكان القضاء الفرنسي قد قضى خلال الأسابيع الماضية بعدم تسليم وزير الصناعة السابق الفار إلى فرنسا عبدالسلام بوشوارب، المطلوب من طرف القضاء الجزائري بتهم الفساد وتبديد المال العام، إلى سلطات بلاده، فضلا عن رموز سياسية أخرى، محسوبة على تيارات أخرى، خاصة حركة “ماك” الانفصالية.

ويبدو أن اتصالات غير معلنة جرت بين البلدين، وقد تم ترتيب مختلف الملفات ومعالجتها، وفق الرزنامة المعلنة في البيان المشترك الصادر مطلع الشهر الجاري، حيث تلتئم بداية من اليوم الاثنين في باريس اللجنة المختلطة المكلفة بملف التاريخ والذاكرة المشتركة، وفق الأجندة المحددة بين الطرفين.

وأعلن رئيس الوفد الجزائري لحسن زغيدي أنه “ذاهب إلى باريس في إطار اللقاءات الدورية لأعضاء اللجنة المشتركة، وأن الموعد سيتحدد بناء على نتائج زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى الجزائر، وسيذهب لأجل تحصيل الأرشيف الوطني وليس لنقاشات أخرى.”

وكشف مصدر دبلوماسي فرنسي أن “المحادثات مع عطاف كانت معمقة وصريحة وبناءة تماشيا مع الاتصال بين الرئيسين ماكرون وتبون، وركزت على القضايا الإقليمية والعلاقات الثنائية، ولاسيما قضايا الهجرة.”

وأوضح الوزير الفرنسي أمام البرلمانيين مؤخرا أن “فرنسا يجب أن تستغل النافذة الدبلوماسية التي فتحها الرئيسان الفرنسي والجزائري للحصول على نتائج بشأن قضايا الهجرة والقضاء والأمن والاقتصاد.”

وتعود بداية التوتر بين البلدين إلى الصيف الماضي، لما أعلن قصر الإليزيه عن تأييده المقاربة المغربية لحل مشكلة الصحراء المغربية المتنازع عليها مع بوليساريو، ثم جاء توقيف الكاتب بوعلام صنصال في الجزائر منتصف شهر نوفمبر الماضي ليعمق الأزمة بين البلدين، ويزيد من حدة السجال بين الدوائر السياسية والإعلامية لدى الطرفين.

ويرى محللون سياسيون أن زيارة بارو تهدف إلى تحديد برنامج عمل ثنائي طموح، وتحديد آلياته العملية، وتطوير أهداف مشتركة وجدول زمني للتنفيذ.

وفي الأسبوع الماضي عاودت وزارة الداخلية الفرنسية التواصل مع القنصليات الجزائرية في البلاد من أجل تسهيل مسألة رفع قوائم الجزائريين الذين تريد باريس إعادتهم إلى بلادهم. وتنتظر باريس من السلطات الجزائرية أن تزيد من نسبة منح جوازات المرور القنصلية في مُهل معقولة.

 

اقرأ أيضا:

     • هل تُعيد المصالحة الفرنسية - الجزائرية تشكيل موازين القوى في المنطقة المغاربية

1