التكتل سلاح أحزاب ليبية لفرض وجودها في المشهد السياسي

طرابلس - أعلن عدد من الأحزاب الليبية التنظم في جبهة سياسية موحدة لفرض الوجود في المشهد السياسي بالبلاد، بعد حالة من التشتّت ومحدودية الأدوار فرضها الواقع السياسي في ليبيا.
وتأتي محاولات التكتل لكسر الجمود السياسي وتجاوز حالة الانقسام في ليبيا، خصوصا وأن السنوات الماضية كشفت عن مدى القصور في تحركات الأمم المتحدة تجاه الأزمة الليبية، إذ لم ينجح المبعوثون الأمميون كافة، منذ إرسال أول مبعوث إلى ليبيا في أبريل 2011، وصولا إلى استقالة المبعوث التاسع، في السادس عشر من أبريل الماضي، في إيجاد مخرج أو وضع حد لدوامة الإخفاقات المتكررة في المسار السياسي الليبي، وذلك على الرغم من أن بعضهم امتلك الكثير من الخبرة السياسية في إدارة مثل هذه الأزمات.
ويقول مراقبون إن مساعي التكتّل تهدف إلى تطوير عمل الهياكل الحزبية، خصوصا بعد قصور كبير لدور الأحزاب الليبية في المشهد السياسي الذي ظل مقتصرا على بعض الأطراف الفاعلة في الشرق والغرب.
ويؤكدون أن العمل السياسي في ليبيا لن يكون إلا عن طريق الأحزاب، ولن تكون الانتخابات بدون أحزاب سياسية.
تعدد المبعوثين الأمميين في ليبيا وعدم القدرة على تحقيق نتائج أثارا تساؤلات حول غياب الأحزاب وتراجع تأثيرها في المشهد
وأعلن 14 حزبا سياسيا ليبيا السبت انطلاق أعمال “الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية”، وذلك في خطوة وصفها المشاركون بأنها “فارقة في المشهد السياسي الليبي”.
وأكدت الأحزاب الموقعة على بيان أن انطلاق أعمال الاتحاد “خطوة نحو تطوير آليات العمل الحزبي المشترك”، وذلك بهدف “توحيد الجهود السياسية، وتعزيز التعاون بين مختلف الأحزاب الليبية، والسعي إلى تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي، والمساهمة في بناء دولة مدنية قوية”.
ويضمّ التكتل السياسي الجديد حزب التجمع الوطني الليبي، حزب الشعلة، حزب الميثاق الوطني، حزب الطليعة، حزب التوافق الوطني، حزب الإصلاح الوطني، حزب السيادة الوطنية، حزب حركة المستقبل، حزب ليبيا واحدة، حزب المحافظين، حزب الإجماع الوطني الديمقراطي، حزب آفاق الوطن، حزب المنتدى وحزب ليبيا الكرامة. ووقّع قادة هذه الأحزاب على نموذج آخر إضافة إلى التوقيع على البيان نموذج “إقرار والتزام” ينص على “التزامهم بالعمل المشترك، وعدم وجود أي عضوية لأي منهم لأي تكتل حزبي آخر”، معلنين انسحابهم من أي عضوية سابقة إن وجدت اعتبارا من تاريخ التوقيع.
وأضاف البيان أن هذه الخطوة جرت بشكل قانوني، وفي حضور محرر عقود موثق قام بالتصديق على صحة التوقيعات.
وشددت الأحزاب الموقعة على البيان على أن “تأسيس الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية يمثل خطوة مهمة نحو الخروج من الأزمة الخانقة التي تعيشها ليبيا، وهو كذلك يسعى لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة وبناء ليبيا جديدة قوية ومستقرة”.
وأضافت أن الاتحاد سيعمل على وضع “رؤية واضحة لمستقبل ليبيا، والمساهمة في حل الأزمات السياسية والاقتصادية التي تواجه البلاد، بتشاور أعضائه كافة”.
وأكدت أن الاتفاق التنظيمي جاء نتيجة توافق قيادة الأحزاب الأعضاء، بناء على قناعة كل الأحزاب المشاركة، مشيرة إلى أن جميع الأحزاب الأعضاء في الاتحاد مرخصة قانونا وحاصلة على تراخيص مزاولة العمل السياسي، معلنة فتح باب العضوية أمام كل الأحزاب الليبية بهدف توسيع قاعدة المشاركة السياسية.
وتابع البيان “سيعمل الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية كمظلة وطنية موحدة للدفاع عن مصالح الوطن، والعمل على تحقيق تطلعات الشعب الليبي والمساهمة في بناء دولة مدنية ديمقراطية”، مشيرا إلى أن “كل الخطط والبرامج والفعاليات التي سيعمل الاتحاد على تنفيذها لن تتعارض مع الخطط والبرامج الخاصة بكل مكون سياسي”.
ويرى متابعون للشأن الليبي أن الثقافة القبلية والمحلية الراسخة تمثل حاجزا كبيرا أمام قبول الأحزاب السياسية ونموها.
وسجلت المفاوضات السياسية لحلحلة الأزمة في ليبيا في السنوات الأخيرة،غيابا واضحا للأحزاب السياسية، في المقابل حضر أفراد يمثلون قبائل ومؤسسات منقسمة، في خطوة عكست ضعف الأحزاب في المشهد الليبي.
تأسيس الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية يسعى لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة وبناء ليبيا جديدة قوية ومستقرة
وأثار تعدد المبعوثين الأمميين في ليبيا وعدم القدرة على تحقيق نتائج واضحة، تساؤلات حول غياب الفعالية وتراجع التأثير، وما إذا كانت الأمم المتحدة تفتقد للآليات التي يمكن من خلالها التعاطي مع تأزم الموقف في ليبيا أم أنها تظل مقيدة بالصلاحيات والمسؤوليات المُخولة إليها من قِبل مجلس الأمن، والتي تجعل دورها قاصرا على ممارسة أدوار الوساطة بهدف التوفيق بين أطراف الأزمة.
وأواخر أغسطس الماضي، دعت مجموعة من الأحزاب السياسية إلى “حراك شعبي منظم وسلمي وفعال ومستمر” لإسماع صوت الشعب والضغط على الأجسام والشخصيات السياسية لتحمل مسؤولياتها كاملة من خلال مواقف إيجابية واضحة.
وجاء ذلك في بيان مشترك موقع من 39 حزبا سياسيا، خاطب “كافة أبناء الشعب الليبي ونخبه وجميع الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والنقابات والمثقفين والإعلاميين وصناع الرأي”.
وقالت الأحزاب في بيانها “ثبت أن غياب الضغط الشعبي السلمي شكل انطباعا خاطئا لدى السلطات القائمة مفاده استسلام المواطنين للوضع الراهن، وهو ما أدى إلى تفاقم حالة التردي المستمر والمتسارع في حياة الليبيين ومستوى معيشتهم وعدم الاكتراث بأرواحهم وممتلكاتهم ومستقبل أجيالهم”.
وأنتجت التفاعلات السياسية والعسكرية في ليبيا خارطة نفوذ لأصحاب المصالح والفاعلين الرئيسيين.
وبسقوط نظام معمر القذافي انتشر السلاح إلى جانب تنامي نشاط التنظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة.
وكانت القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ستيفاني خوري قالت في وقت سابق إن الوضع الأمني لا يزال هشا في البلاد، وذكرت أن في شهر مايو الماضي جاءت الاشتباكات المتفرقة التي وقعت بين مجموعات مسلحة في منطقتي الجميل والزاوية، وتفجير سيارة مفخخة في طرابلس، فضلا عن التقارير التي تفيد باستمرار حشد السلاح داخل البلاد، مشيرة إلى أن كل ذلك جاء ليشكل تذكيرا صارخا بهشاشة المشهد الأمني في ليبيا.