التكاليف والمناخ يقوضان إنتاج الدواجن في تونس

البنية التحتية غير الفعالة للنقل والتكاليف المرتفعة تؤدي إلى تعقيد عملية توزيع منتجات الدواجن.
السبت 2024/08/31
الكميات لدينا محدودة

تونس - أرخت مشاكل التكاليف الباهظة وتداعيات تغير المناخ بظلالها على سلسلة إنتاج الدواجن في تونس، والتي تحاول البحث عن بوصلة للإفلات من أزمة قد تمتد لأشهر رغم أن ثمة بوادر لتعديل السوق المحلية بكميات من المنتجات.

ولاحظت “العرب” خلال الفترة الماضية أثناء جولات في بعض الأسواق والمحلات التجارية في العاصمة تونس وولاية (محافظة) بن عروس جنوب العاصمة أن التجار اشتكوا من نقص في اللحوم البيضاء، حيث يقوم المزودون بتقنين عمليات التوزيع.

وأدى نقص المعروض إلى زيادة ملحوظة في الأسعار رغم أن وزارة التجارة قامت بتسقيفها قبل فترة لتجنب الضغط أكثر على القدرة الشرائية للمستهلكين الذين لا يزالون يعانون من التضخم المرتفع والذي بلغ الشهر الماضي 7.3 في المئة.

إبراهيم النفزاوي: الإنتاج سيشهد ارتفاعا وثمة أطراف تريد ضرب القطاع
إبراهيم النفزاوي: الإنتاج سيشهد ارتفاعا وثمة أطراف تريد ضرب القطاع

ومنذ التاسع من أغسطس الجاري، بدأت الوزارة في تطبيق أسعار جديدة لمنتجات الدواجن، ومنها لحم الدجاج الجاهز للطبخ وشرائح الديك الرومي والدجاج التي شهدت أسعارها ارتفاعا كبيرا.

وبينما تم تسقيف السعر على مستوى المذابح بين 7.5 و8.5 دينار (2.44 و2.77 دولار) تم تحديد سعر شرائح الديك الرومي بنحو 14.5 دينارا (4.7 دولار) على مستوى المذابح و16 دينارا (5.2 دولار) للبيع للمستهلكين، وهي نفس الأسعار بالنسبة لشرائح الدجاج.

وقال مدير عام المنافسة والأبحاث الاقتصادية بالوزارة حسام الدين التويتي في تصريحات إذاعية حينها إن “قرار تسقيف الأسعار القصوى وهامش الربح الأقصى لبعض المواد الاستهلاكية جاء بعد أن لاحظت مصالح الوزارة ارتفاعا غير مبرّر للأسعار”.

وأوضح أن تدخّل الوزارة يأتي في سياق تفعيل قانون المنافسة وضمن سياسة التحكم في الأسعار ودعم القدرة الشرائية وتحديد أسعار عادلة.

ويفترض أن تسهم خطوة كهذه في خفض تكاليف النقل وتحسين سلسلة الإنتاج ووصول منتجات الدواجن إلى المستهلكين بشكل مستقر، وعلاوة على ذلك، فإن تحسين عمليات التوزيع والتعاون مع الجهات الفاعلة يمكن أن يعزز من استقرار السوق.

ولكن الغرفة الوطنية لتجار لحوم الدواجن ترى إجحافا في سياسة الوزارة، واعتبرت الجمعة أن تسقيف الأسعار بالنسبة للمزودين وتجار التجزئة، وعدم تسقيفها بالنسبة للمربين أمر غير معقول. وأكدت أن ذلك ساهم في تدني هامش الربح لدى البائعين.

وطالب رئيس الغرفة إبراهيم النفزاوي خلال مداخلة مع الإذاعة التونسية الرسمية بالإسراع بتغيير كراس الشروط المنظم لتجارة الدواجن أو تعديل عدد من فصوله لتتماشى مع الوضع الحالي.

القطاع يوفر أكثر من 130 ألف فرصة عمل على امتداد حلقات الإنتاج، لكن البعض يعتقد أنه يضم أكثر من ذلك

ورغم تأكيده أن ثمة أطرافا تسعى إلى “ضرب منظومة الدواجن”، لكنه أشار إلى أن بداية من الأسبوع الثاني من شهر سبتمبر المقبل سيشهد إنتاج الدجاج ارتفاعا مقارنة بالشهر الحالي ليبلغ حوالي 13.2 ألف طن.

وقال إن “المجمع المهني المشترك لمنتوجات الدواجن والأرانب قام في يوليو الماضي، باستيراد بيض التفقيس بعد نفوق كميات من أمهات الدجاج بسبب العوامل الطبيعية وارتفاع درجات الحرارة”.

ويضم القطاع 1650 مربي مختص في إنتاج دجاج التبييض، ونحو 2600 مربي يعمل في مجال إنتاج لحوم الدجاج، وهو يوفر أكثر من 130 ألف فرصة عمل على امتداد حلقات الإنتاج، لكن البعض يعتقد أنه يضم أكثر من ذلك.

ويشكل مجال الدجاج اللاحم في تونس حلقة وصل أساسية في الصناعة الغذائية. وفي عام 2023، بلغ الإنتاج السنوي حوالي 150 ألف طن، مع تسجيل زيادة في الطلب نتيجة التحول في سلوك المستهلكين بسبب الضغوط المعيشية.

ويتمتع هذا القطاع بالقدرة على المساهمة بشكل كبير في اقتصاد البلاد، حيث يمثل نحو 15 في المئة من الإنتاج الزراعي. ومع ذلك، ثمة العديد من التحديات الرئيسية التي تعيق تطوره.

خبراء يرون أن تحديث البنية التحتية أمر بالغ الأهمية لتحسين الإنتاجية وضمان جودة المنتج، باعتباره جزءا مهما في قضية الأمن الغذائي

ولا تزال العديد من مزارع تربية الدواجن تعتمد على الأساليب التقليدية، إذ تفتقر 60 في المئة من المزارع إلى المعدات الحديثة، مما يحد من كفاءة الإنتاج ويطرح مشاكل في الامتثال للمعايير الصحية الدولية.

ولذلك، يرى خبراء أن تحديث البنية التحتية أمر بالغ الأهمية لتحسين الإنتاجية وضمان جودة المنتج، باعتباره جزءا مهما في قضية الأمن الغذائي.

وفي 2022، أبلغت ربع مزارع تربية الدواجن عن مشاكل صحية كبيرة، إذ إن انتشار أوبئة الطيور يتسبب في القضاء على أعداد كبيرة من الدواجن ومن ثمة في خسائر اقتصادية كبيرة، مما يؤثر بالتالي على سلسلة القيمة بأكملها.

وفعليا، يواجه منتجو قطاع الدواجن صعوبات مالية، بما في ذلك محدودية الوصول إلى الائتمان والإعانات، في ظل ظروف التشديد النقدي في أسعار الفائدة والبالغ 8 في المئة، نتيجة الصدمات الخارجية وقبل أزمة الوباء.

وتظهر بعض التقديرات أن ما يقرب من 40 في المئة من المربين لا يحصلون على التمويل الكافي، مما يمنع العديد من المنتجين من الاستثمار في التقنيات الحديثة وتحسين ممارسات التربية الخاصة بهم.

كما تشكل الخدمات اللوجستية والنقل تحديا آخر، حيث تؤدي البنية التحتية غير الفعالة للنقل والتكاليف المرتفعة إلى تعقيد عملية توزيع منتجات الدواجن.

وفي العام الماضي، شكلت تكاليف النقل قرابة 15 في المئة من إجمالي تكاليف الإنتاج، مما قلل من القدرة التنافسية للمنتجات التونسية في السوق المحلية.

10