التقلبات الاقتصادية العالمية تضعف اندفاع قطاع الأعمال

دافوس (سويسرا) - رجح خبراء أن يتباطآ إنفاق الشركات على الأعمال خلال العام الجاري والمقبل بسبب مزيج من العوامل، التي لا تزال تقوض انتعاشها على النحو الأمثل، في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية المستمرة.
وخلص مسح حديث نشر الثلاثاء إلى أن ما يقرب من ثلاثة أرباع قادة الأعمال في جميع أنحاء العالم يتوقعون انخفاضا في النمو العالمي على مدى العام المقبل.
واعتبرت شركة استشارات الأعمال العالمية برايس ووترهاوس كوبرز في دراستها، التي شملت 4410 رؤساء تنفيذيين، أن هذه التوقعات تعد الأكثر تشاؤما خلال عقد من الزمن.
ولعل الأمر الأكثر لفتا للنظر في المسح السنوي للشركة هو أن حوالي 40 في المئة يعتقدون أن أعمالهم لن تكون قابلة للبقاء في العقد المقبل، إذا لم يعيدوا تجديد أنفسهم.
ولخص بوب موريتز، الرئيس العالمي لشركة برايس، في حديثه خلال جلسة في مستهل المنتدى الاقتصادي العالمي الذي انطلق الاثنين الماضي بمدينة دافوس السويسرية، وجهات نظر الرؤساء التنفيذيين بهذه الطريقة قائلا “إذا لم يفعلوا شيئا، فهم في ورطة حقا”.
واعتبر الرؤساء التنفيذيون في المسح أن معدلات التضخم القياسية المنجرة عن الحرب الروسية – الأوكرانية، وبيئة الاقتصاد الكلي المتقلبة، والمخاطر الجيوسياسية، هي أكبر التهديدات على المدى القصير.
ولأول مرة منذ خمسة عقود، شكل التضخم محركا رئيسيا للضغوط الاقتصادية على العديد من الشركات، التي تبحث عن طوق نجاة للابتعاد عن كوارث محتملة قد تعيق أنشطتها في المستقبل.
والنتيجة هي أن 73 في المئة يتوقعون انكماش النمو في جميع أنحاء العالم خلال هذا العام، وهي التوقعات الأكثر تشاؤما منذ 2013 وخروجا كبيرا عن الترجيحات الأكثر تفاؤلا التي تم التعبير عنها خلال العامين الماضيين.
ومع ذلك، أشار قرابة 60 في المئة من المستجوبين إلى أنهم لا يخططون لتقليل حجم قوتهم العاملة خلال العام المقبل.
وكانت ثمة اختلافات في المواقف، حيث كان رؤساء الشركات الأميركيون أكثر تفاؤلا من نظرائهم الأوروبيين في فرنسا وبريطانيا وألمانيا.
وتقول الشركات إنها قلقة بشأن ندرة العمالة والبيئة التنظيمية للاتحاد الأوروبي، والاتجاه العالمي لارتفاع التضخم وتشديد السياسة النقدية.
وعلى الرغم من الرياح المعاكسة، فإن الرؤساء التنفيذيين في أوروبا الغربية متمسكون بـ”مشاريعهم التكنولوجية الإستراتيجية طويلة الأجل”، حسبما قالت بيترا جوستنهوفن من برايس ووترهاوس كوبرز.
وتؤكد برايس ووترهاوس أن ثقة الرؤساء التنفيذيين في آفاق نمو شركاتهم انخفضت أيضا بنسبة 26 في المئة منذ العام الماضي، وهو أكبر انخفاض منذ الأزمة المالية قبل 14 عاما.
وتبدو أسواق التمويل صعبة، كما أن جهود الامتثال للمعايير البيئية والاجتماعية ومعايير الحوكمة تتزايد مع اشتداد الأزمة، حيث سيتم قياس فرص الشركات في الاستمرار بمقدار السيولة الموجودة في ميزانياتها العمومية.
◙ "عقلية التحول" إذا أثبتت أنها عاملا محددا في إنشاء ميزة تنافسية فيجب الآن الاحتفاظ بها للتعامل بفعالية مع موجة جديدة وأكبر من تقلبات السوق
وتوقع مسح نشرته شركة الاستشارات العالمية أليكس بارتنرز الصيف الماضي أن تسارع شركات كثيرة حول العالم، في أغلب القطاعات، الخطى نحو الاندماج لمواجهة الكبوات التي تعترضها.
ويرى الخبراء أن ازدياد نشاط الاندماج والاستحواذ المتوقع والناتج عن الركود لن يقتصر على إعادة هيكلة الشركات، بل سيؤدي إلى جولة جديدة من توحيد الصناعة وإعادة ابتكارها.
وقال جوف ميتشل، الرئيس المشارك العالمي لممارسة خدمات التحول وإعادة الهيكلة في أليكس بارتنرز، “ينبغي على قادة الأعمال أن يستعدوا للمزيد من عدم اليقين في عالم الجغرافيا السياسية وأسعار الفائدة والتضخم". وأوضح أن تغذية النمو بأموال رخيصة لم تعد ممكنة، وبات على نماذج الأعمال أن تكون مدعومة بالأرباح.
وأكد ميتشل أن الفرق القيادية التي يمكنها تحويل أعمالها بوتيرة سريعة وخفة الحركة وبعد النظر ووجهة نظر موجهة نحو العمل، تفوز بالمعركة في "خضم الأمواج العاتية القادمة".
وأشار إلى أن “عقلية التحول” إذا أثبتت أنها عاملا محددا في إنشاء ميزة تنافسية خلال ذروة الوباء، فيجب الآن الاحتفاظ بها للتعامل بفعالية مع موجة جديدة وأكبر من تقلبات السوق.