التقارب مع روسيا يضع تركيا في مرمى العقوبات الاقتصادية الأميركية

أردوغان "يخذل" حلفاءه في حلف شمال الأطلسي مجددا.
الخميس 2022/08/25
مصالحي قبل مصلحة المجموعة

يعكس تحذير وزارة الخزانة الأميركية للشركات والبنوك التركية من مغبة التعرض لعقوبات بسبب التقارب مع روسيا ومنحها فرصة للالتفاف على العقوبات الغربية، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بات حليفا غير موثوق به في حلف شمال الأطلسي.

إسطنبول - يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى استثمار الحرب الأوكرانية لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية على حساب شركائه الغربيين في حلف شمال الأطلسي “الناتو”، إلا أن مساعيه تحمل مخاطرة قد تزيد من تعقيد وضع بلاده بدل خدمته.

وعززت المصالح التوافق والمزيد من التقارب بين تركيا وروسيا بشأن أزمتي سوريا وأوكرانيا، وهو ما ينظر إليه الغرب بريبة ويستعد للتعامل معه إذا ما قرر أردوغان المضي قدما في “خذلان” الشركاء في حلف الناتو.

وأكدت جمعية الصناعة والأعمال التركية، أكبر اتحاد لشركات الأعمال في تركيا، أنها تلقت خطابا من وزارة الخزانة الأميركية تحذرها فيه من احتمال فرض عقوبات إذا واصلت التعامل مع روسيا، بعد أسابيع على الإعلان عن اتفاق روسي – تركي لتعزيز التعاون حول الطاقة.

ويتزايد قلق واشنطن من استخدام الحكومة والشركات الروسية تركيا للالتفاف على القيود المالية والتجارية الغربية المفروضة، ردا على غزو الكرملين لأوكرانيا قبل ستة أشهر. واتفق أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين على تعزيز التعاون الاقتصادي بين بلديهما، وذلك خلال قمة في منتجع سوتشي المطل على البحر الأسود في وقت سابق هذا الشهر.

والي أدييمو: الشركات والبنوك التركية تواجه خطر التعرض لعقوبات

وتظهر بيانات رسمية أن قيمة الصادرات التركية إلى روسيا بين مايو ويوليو ارتفعت بنحو 50 في المئة عن أرقام العام الماضي. وترتفع واردات تركيا من الزيت الروسي واتفق الجانبان على الانتقال إلى الدفع بالروبل لتسديد ثمن الغاز الطبيعي الذي تصدره شركة غازبروم العملاقة.

وقام مساعد وزيرة الخزانة الأميركية والي أدييمو بزيارة قلما تحدث إلى إسطنبول وأنقرة في يونيو، للتعبير عن قلق واشنطن إزاء استخدام الأثرياء الروس والشركات الكبيرة كيانات تركية لتفادي العقوبات الغربية.

وسعت تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، والمرتبطة بعلاقات جيدة مع كل من موسكو وكييف، إلى البقاء على الحياد في النزاع ورفضت الانضمام إلى نظام العقوبات الدولي. واستتبع أدييمو الزيارة برسالة إلى جمعية الصناعة والأعمال التركية وغرفة التجارة الأميركية في تركيا، حذر فيها من أن الشركات والبنوك تواجه خطر التعرض لعقوبات.

وقالت جمعية الصناعة والأعمال التركية في بيان الثلاثاء إنها نقلت الرسالة إلى وزارتي الخارجية والمالية التركيتين ومسؤولين في مجال التجارة. وقال أدييمو في الرسالة إن "أي أفراد أو كيانات يقدمون دعما ماديا لأشخاص تحددهم الولايات المتحدة، هم أنفسهم معرضون لخطر عقوبات أميركية".

وأضاف "لا يمكن للبنوك التركية أن تتوقع إقامة علاقات مراسلة مع بنوك روسية تخضع لعقوبات، والاحتفاظ بمراسلاتها مع بنوك عالمية كبرى والوصول إلى الدولار الأميركي وعملات رئيسية أخرى".

وتتضمن اتفاقية التعاون الاقتصادي التي أبرمها أردوغان وبوتين اتفاقا على زيادة عدد البنوك التركية التي ستبدأ التعامل بنظام المدفوعات الروسي "مير". ويمكن أن يسهم التعاون الأوسع مع روسيا في دعم الاقتصاد التركي المتعثر في الفترة التي تسبق الانتخابات العامة المقررة العام القادم.

وأثار أدييمو مخاوف الولايات المتحدة مرة أخرى خلال مكالمة هاتفية مع نائب وزير المالية التركي يونس إليتاس الجمعة الماضي. وقالت وزارة المال التركية في بيان تعليقا على الاتصال الهاتفي "تأكيدا على العلاقات الاقتصادية والسياسية العميقة مع أوكرانيا وروسيا، قال إليتاس إن موقف تركيا بشأن الانضمام إلى العقوبات لم يتغير".

وأضافت وزارة المال التركية "أنها لن تسمح لأي مؤسسة أو فرد" باستغلال تركيا للالتفاف على نظام العقوبات. وكان أردوغان أعلن في وقت سابق أن أنقرة لا تستطيع الانضمام إلى العقوبات الغربية على موسكو، بسبب اعتماد تركيا الشديد على واردات النفط والغاز الطبيعي الروسية.

ويرى محللون أن من المستبعد أن تنتهك جمعية الصناعة والأعمال التركية وغرفة التجارة الأميركية في تركيا، التي تضم إلى حد كبير شركات كبرى عالمية، نظام العقوبات، لأنها تثمن أكثر الوصول بسهولة إلى الأسواق المالية الأميركية.

◙ تركيا في عهد أردوغان أصبحت تمثل خطرا على تماسك حلف شمال الأطلسي ووجب التعامل مع ذلك بحزم بدءا بفرض عقوبات وصولا إلى طردها من عضوية الناتو

وقال المحلل المالي تيموثي آش إن من المرجح أن تعقد الشركات "الأصغر ذات التركيز المحلي” صفقات مع كيانات روسية خاضعة للعقوبات فتحت المجال أمام التجارة الثنائية. وأضاف "يقلقني مع ذلك أن الرسالة من القادة الأتراك توحي بأنه لا بأس من عقد المزيد من الصفقات التجارية مع روسيا، ومن المهم محاولة استغلال الفرص لموازنة التكاليف المترتبة على العقوبات، بل حتى تحقيق الازدهار من خلالها”.

وقال مستشار أردوغان للسياسة الخارجية إبراهيم كالين في يونيو الماضي إن "اقتصادنا قائم بشكل أن فرض عقوبات على روسيا سيضر أول ما يضر بتركيا". وتابع كالين "أعلنّا صراحة موقفنا للغرب، وهناك تفاهم بيننا".

وسبق لأردوغان أن عقد صفقة لشراء بطاريات صواريخ أس - 400 الروسية، في مخالفة فاضحة للوائح حلف شمال الأطلسي، ما يضع أمنه في خطر. ودأب الرئيس التركي على الاستثمار في الأزمات الدولية الإقليمية لابتزاز حلفائه وانتزاع تنازلات.

ويرى محللون أن تركيا في عهد أردوغان أصبحت تمثل خطرا على تماسك حلف شمال الأطلسي، ووجب التعامل مع ذلك بحزم، بدءا بفرض عقوبات وصولا إلى طردها من عضوية الناتو في نهاية المطاف.

5