التقارب القطري مع السعودية بعين على مقاولات نيوم

الدوحة – عكست زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الدوحة ولقاؤه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لحظة من التقارب بعد علاقات شائكة على مدى سنوات، ومثلت للسعودية فرصة للاستفادة من خوْض قطر تجربة مونديال 2022 في تحريك مقاولات نيوم.
وقام الشيخ تميم والأمير محمد بن سلمان بجولة بسيارة الدفع الرباعي في العاصمة القطرية شملت طريقا سريعا جديدا من عشر حارات وخط مترو حديث الطراز وأحد الملاعب المستضيفة لبطولة كأس العالم في كرة القدم بسعة 90 ألف مقعد، وهي مشاريع ضخمة تشبه إلى حد بعيد المقاولات التي شرعت فيها السعودية.
وظهرت حزمة من الأعمال بين الشركات القطرية والسعودية، بدءا من مشاريع السكك الحديد وصنع الأسلحة وصولا إلى مشروع لجلب الثلوج إلى الصحراء السعودية.
وبعد اختتام مونديال 2022 وانتهاء طفرة البناء التي استمرت عقدا في قطر، اغتنمت الشركات القطرية الفرصة لتزويد السعودية بالخبرات والإمكانات التي اكتسبتها في الفترة التي سبقت الحدث الرياضي الأكبر.
زيارة الأمير محمد بن سلمان في 2021 دفعت السلطات السعودية إلى دعوة أكبر شركات البناء في قطر لتقديم عطاءات لعدد من المقاولات
وقال أربعة رؤساء تنفيذيين لشركات وثلاثة محللين ودبلوماسيان إن تلك الخطوة قادت إلى توقيع عقود بعشرة مليارات دولار على الأقل عززت الشراكة بين أمير قطر وولي العهد السعودي.
ويشير الأمر إلى أن الشركات القطرية منخرطة بشكل وثيق في استكمال ما يسمى بالمشاريع السعودية العملاقة، وهي مكون أساسي ضمن أهداف رؤية 2030 الطموحة التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد السعودي وتقليل اعتماده على إيرادات النفط.
وقال سيف الرحمن خان المالك والعضو المنتدب لشركة ريدكو إنترناشيونال، وهي شركة إنشاءات قطرية، “هناك الكثير من العمل (في السعودية) وأرى أن جميع الشركات في الشرق الأوسط ستذهب إلى هناك”.
وأضاف خان أن زيارة الأمير محمد بن سلمان مهمة لأنها شجعت لجنة سعودية – قطرية مكلّفة باستعادة العلاقات على تحديد الشركات القطرية التي تتمتع بوضع جيد للمساهمة في المقاولات السعودية.
وتركز شركة ريدكو حاليا على مصانع الخرسانة والخرسانة الجاهزة ضمن مشروع نيوم الذي هو منطقة اقتصادية سعودية تعادل مساحة بلجيكا وتتخطى كلفتها 500 مليار دولار أميركي.
وربحت ريدكو عدة مليارات عبر التركيز فقط على المشاريع القطرية على مدى أربعة عقود. لكن الشركة أصبحت أكثر تركيزا على المملكة.
وقال خان إن قيمة أول عقدين أبرمتهما ريدكو في المملكة تبلغ ثلاثة مليارات دولار، كما نقلت الشركة غالبية موظفيها (أكثر من ثمانية آلاف) والكثير من معداتها الثقيلة من قطر إلى منطقة صناعية على ساحل البحر الأحمر.
وأضاف خان أن زيارة الأمير محمد بن سلمان في 2021 دفعت السلطات السعودية إلى دعوة أكبر شركات البناء في قطر لتقديم عطاءات لعدد من المقاولات. وإثر انتهاء عمل ريدكو في مشاريع بطولة كأس العالم توجه خان إلى نيوم.
وقال “رحبوا بنا وسهّلوا إجراءات تقديم العطاءات”، مضيفا أن نيوم تنازلت عن إجراء يشترط على مقدمي العروض دفع ما يعادل عشرة في المئة من كلفة المشروع مقدما في إطار متطلبات جدية التعاقد؛ لأن ريدكو ليست لديها تسهيلات مصرفية في المملكة.
وعلى مدار ستة أشهر بنت شركة ريدكو مصنعا للخرسانة الجاهزة بطول 1500 متر، وهو الأكبر في العالم، وتعمل حاليا على إنشاء أنفاق ضمن مشروع للسكك الحديد وبنية تحتية لمشروع خط أنابيب بطول 147 كيلومترا لتوفير المياه اللازمة لتكوين الثلوج في تروجينا، وهي أول منطقة للتزلج في السعودية.
وقال خان “أرادوا منا أن نبدأ على الفور دون فترة تعبئة. وقد فعلنا ذلك”، في إشارة إلى الوقت الذي تستغرقه شركة الإنشاءات لتعبئة المعدات والقوى العاملة اللازمة لبدء المشروع.
وتستكشف قطر والسعودية أيضا الفرص المتاحة في التصنيع المشترك للأسلحة وغيرها من المنتجات الدفاعية؛ إذ وافقت برزان القابضة، وهي شركة صناعات دفاعية مملوكة جزئيا لوزارة الدفاع القطرية، في فبراير على العمل مع الشركة السعودية للصناعات العسكرية (سامي).
وقال عبدالله الخاطر الرئيس التنفيذي لشركة برزان “إذا لم نحصل على مباركة سياسية من الجانبين، لم تكن لتتاح لنا هذه الفرصة للعمل معا”. وأضاف أن الرياض تهدف إلى إنفاق نصف ميزانية الدفاع على الصناعة المحلية، وهي “فرصة هائلة” بالنسبة إلى برزان.
استكشاف الفرص المتاحة بين البلدين في مجال تصنيع الأسلحة وغيرها من المنتجات الدفاعية
وقال كريستيان كوتس أولريشن زميل شؤون الشرق الأوسط في معهد بيكر للسياسات العامة بجامعة رايس “العلاقات الاقتصادية القوية تربط مصالح قطر والسعودية على نحو أوثق بأساليب يمكنها التغلب على قضايا الماضي القريب ودعم التحسن السريع في العلاقات السياسية”.
أما بالنسبة إلى قطر، وهي من أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال، فهي فرصة لتعزيز العلاقات مع أقوى دولة عربية، وأيضا لتنويع اقتصادها في إطار تلك التطورات.
وفي مثال على تبدل الأحوال تمكّن معتز ورامز الخياط، وهما شقيقان من أصحاب الأعمال، في وقت سابق من تجاوز إجراءات المقاطعة التي قادتها السعودية عبر نقل أربعة آلاف بقرة حلوب جوا لتخفيف النقص الحاد في الغذاء في قطر.
وكانت الرياض قد أغلقت الحدود، وهو ما أدى إلى خنق طريق إمدادات الغذاء والألبان الرئيسي إلى قطر، في محاولة لإخضاعها.
وقال معتز الخياط لرويترز إن الأخوين القطريين اللذين لم يكن لهما أي عمل تجاري مع السعودية خلال الأزمة الخليجية صارت لديهما حاليا مشاريع جارية في قطاع الإنشاءات بقيمة سبعة مليارات دولار داخل المملكة. وأضاف أنهما يأملان في مضاعفة هذا المبلغ.
والخياط، رئيس مجلس إدارة شركة باور إنترناشيونال القابضة، وهي مجموعة تضم أكثر من 40 شركة، يقلل حاليا من مدى تأثير أزمة المقاطعة التي قادتها السعودية قائلا “كانت فترة قصيرة؛ مجرد حدث عارض”.