التغير المناخي يهدد الملايين من الأفارقة بالجوع والجفاف والفيضانات

أنطونيو غوتريش: عاصفة “إيداي” واحدة من أسوأ الكوارث المتعلقة بالطقس في تاريخ أفريقيا.
الجمعة 2021/11/19
كوارث لا ذنب لأفريقيا فيها

بلانتاير (مالاوي) - ظلت الليلة التي توفّي فيها زوجها بفعل الفيضانات محفورة في ذاكرتها، هذا ما تردده على الدوام ماليتا تيمبو.

كما لم يجد أفراد أسرتها مكانا ينامون فيه، عندما انهار جدار كوخهم المبني من الطمي الكائن بقرية نايتشيكادزا بجنوبي مالاوي، وضربتهم أمطار عاصفة تم إطلاق اسم “إيداي” عليها في وقت لاحق، ووصفها أنطونيو غوتريش الأمين العام للأمم المتحدة بأنها “واحدة من أسوأ الكوارث المتعلقة بالطقس في تاريخ أفريقيا”.

واستغرق الأمر بالنسبة إلى العاصفة “إيداي” ساعتين من الزمن لتدمير القرية ومساحات واسعة من مالاوي وموزمبيق وزيمبابوي، حيث جلبت معها أمطارا غزيرة وهبات فجائية من الرياح تصل سرعتها إلى 195 كيلومترا في الساعة، وتسببت في خسائر تبلغ قيمتها 2 مليار دولار وفقا لتقديرات البنك الدولي، وألقت بتداعياتها على أكثر من ثلاثة ملايين شخص، وأدت إلى وفاة أكثر من ألف آخرين.

وتقول تيمبو وهي تذرف الدمع “كانت ليلة مليئة بالنواح، بعد أن أخذت البيوت تنهار الواحد تلو الآخر”.

وقدمت الحكومة لها في النهاية خيمة وقطعة من الأرض، وجوالين من الحبوب والسماد، غير أن هذه المعونة لم تكن كافية لبدء مشروع من جديد، وصارت هذه الأم لطفلين والتي تبلغ من العمر 27 عاما، تناضل كل يوم من أجل البقاء على قيد الحياة، وتقول “إننا الأن نناضل بصعوبة من أجل الحصول على لقمة العيش”.

118

مليون شخص في أفريقيا سيعانون من الجفاف والفيضانات وشدة الحرارة بحلول عام 2030

وذكرت منظمة “جيرمانووتش” المعنية بالدفاع عن البيئة أن خمسة من بين أكثر عشر دول تأثرا بالتغير المناخي تقع في أفريقيا، وأن موزمبيق الكائنة في أقصى جنوب القارة هي الأشد تأثرا على مستوى العالم، تليها دولة زيمبابوي المجاورة.

وتتضمن قائمة الدول العشر كلاّ من مالاوي الكائنة جنوب موزمبيق، والنيجر الكائنة في غرب أفريقيا وجنوب السودان الكائنة في منطقة القرن الأفريقي.

وتأثير التغير المناخي مدمر بشكل خاص على الدول الفقيرة، حيث أن حكوماتها تفتقر إلى الوسائل اللازمة للاستعداد لوقوع كارثة، أو لبدء مشروعات لإعادة الإعمار لجميع المناطق التي تحولت إلى أنقاض، وظلت كذلك لعدة أشهر وربما لسنوات.

وعندما يحدث ذلك تنقطع إمدادات البنية الأساسية مثل المياه والكهرباء، وتنتشر الأمراض كما أن تدمير المحاصيل يعني الوقع فريسة للجوع.

كما ألحقت الرياح التي بلغت سرعتها 200 كيلومتر في الساعة ومياه الفيضانات التي بلغ ارتفاعها 2.5 متر الدمار بمناطق في تنزانيا وجزر القمر.

وذكرت منظمة الأرصاد العالمية أن نحو 118 مليون شخص في أفريقيا سيعانون من الجفاف والفيضانات وشدة الحرارة بحلول عام 2030، حيث أن درجة الحرارة في القارة الأفريقية آخذة في الارتفاع بمعدلات أسرع وأسوأ من المتوسط العالمي، حتى على الرغم من أن حصة دول القارة البالغ عددها 54 في الانبعاثات الغازية تقل عن نسبة 4 في المئة من الإجمالي العالمي.

وحذر رئيس مالاوي لازاروس تشاكويرا قبيل انعقاد قمة المناخ في أسكتلندا من أن تضافر التغير المناخي مع جائحة كورونا أديا إلى إلحاق الدمار ببلاده.

وقال الرئيس تشاكويرا لمحطة إم.بي.سي التلفزيونية التابعة للدولة “بالنسبة إلينا في مالاوي نحتاج إلى استثمارات عاجلة من أجل التكيف مع التغير المناخي”، وهو يأمل في الحصول على المساعدة من الغرب لتمويل هذه المشروعات.

وليست الأوضاع أفضل في زيمبابوي، حيث تعاني هذه الدولة أبضا منذ سنوات من أزمة مالية.

منظمة “جيرمانووتش” المعنية بالدفاع عن البيئة ذكرت أن خمسة من بين أكثر عشر دول تأثرا بالتغير المناخي تقع في أفريقيا، وأن موزمبيق الكائنة في أقصى جنوب القارة هي الأشد تأثرا على مستوى العالم

وقال إيمرسون مانجانجاجوا رئيس زيمبابوي في تغريدة له على تويتر مؤخرا “إذا استمر التغير المناخي على معدله الحالي فسوف يفقد الآلاف من أبناء زيمبابوي وظائفهم ومنازلهم وحتى حياتهم”.

وبعد عاصفة “إيداي” تعرضت زيمبابوي إلى إعصارين هما “إلواز” و”تشالان”، واضطر كثير من سكان البلاد إلى الهرب خوفا من الموت في العديد من المرات.

وعهدت إنيتا ماوراي هذه المشكلات، وهي تعيش في مدينة شيمانيماني الصغيرة الكائنة في شرقي زيمبابوي، وأصبحت تقيم في مدينة من الخيام تحت رعاية منظمة الصليب الأحمر منذ عامين، واختفت ابنتها التي تبلغ من العمر خمسة أعوام في موجة الفيضانات التي جلبتها العاصفة “إيداي”، ويحاول أبناؤها الثلاثة الذين نجوا أن يساعدوا الأسرة، عن طريق أداء أعمال يدوية كلما أتيحت لهم الفرصة بدل الذهاب إلى المدرسة، ووعدت الحكومة ببناء منازل جديدة، ولكنها ظلت مجرد وعود على حد قول ماوراي التي تخلت عن الأمل في الحصول على حياة أفضل.

وباتجاه الشمال تعاني النيجر من موجات من الفيضانات والجفاف وتأثر أكثر من 210 آلاف شخص نصفهم من الأطفال منذ بضعة أسابيع عندما فاض نهر النيجر.

وخسر عبدالعزيز سومانا وهو مزارع يعيش في بلدة كسكيسوي بالقرب من العاصمة نيامي محصوله من الأرز بالكامل.

وبيأس يقول سومانا الذي يبلغ من العمر 54 عاما وهو أب لثمانية أبناء، “ليست لدينا أيّ فكرة عمّا يمكن أن نفعله لنستمر على قيد الحياة، وهذا التغير المناخي يمثل كارثة بالنسبة إلينا، حيث تسوء أوضاع المحاصيل عاما بعد عام”.

ويضيف “كنا لفترة طويلة لا نعتقد بوجود التغير المناخي، ولكننا الآن أصبحنا نؤمن بوجوده على أرض الواقع”.

5