التعديلات الدستورية الأردنية لن تقود إلى إصلاح سياسي حقيقي

عمّان – بعد ختم العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني للتعديلات الدستورية ونشرها في الجريدة الرسمية الاثنين دخل الأردن مرحلة حساسة من تاريخه ينتظر أن تتوج بميلاد حكومات برلمانية منتخبة تقطع مع النظام السياسي المعمول به منذ عقود في المملكة، إلا أن المخاوف من مواصلة سيطرة السلطة التنفيذية على عمل البرلمان المنتخب تؤرق السياسيين الأردنيين المتعطشين إلى تغيير حقيقي.
وترى دوائر سياسية أردنية أن التعديلات الدستورية التي تم إقرارها تفرغ الحكومات البرلمانية المزمع تكوينها من صلاحياتها الأساسية لفائدة السلطة التنفيذية التي عززت التعديلات قبضتها على الحياة العامة.
ويشير هؤلاء إلى أن التعديلات الدستورية جاءت بما يضمن للسلطة التنفيذية (رئيس الوزراء والملك) صلاحيات واسعة تتعدى مشمولات البرلمان المنتخب وقراراته في أغلب نواحي الحياة كالتعيينات في المؤسسات القضائية والأمنية والدفاعية وحتى الدينية.
وبرر رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة ذلك بالمحافظة على تماسك الدولة ومقتضيات تسييرها حال وجود خلافات برلمانية بشأنها.
وأوكلت التعديلات الدستورية للعاهل الأردني سلطة غير قابلة للنقض في التعيينات داخل المؤسسة القضائية والأمنية، وهو ما يتعارض مع منظومة الحكم البرلمانية الديمقراطية المتعارف عليها دوليا.
ووصف السياسي والدبلوماسي الأردني السابق موسى بريزات الوضع العام في بلاده بـ”المقلق وغير المريح”.
وقال بريزات وهو المفوض العام السابق للمركز الوطني لحقوق الإنسان بالأردن (حكومي) إن “الحالة العامة في البلاد غير مريحة ومقلقة لكل مواطن أردني شريف حريص على نظامه الملكي كما هو في دستور 1952”.
وأكد على “ضرورة العودة إلى الشعب من قبل النظام، وذلك من خلال حوار حر، واختيار الشعب لممثليه دون ترهيب أو ترغيب أو تحذير لأن أي نظام سياسي إن لم يرتكز على مجتمعه سيبقى معلقا في الهواء”.
وعن أداء الحكومات في الأردن قال بريزات إنه “ضعيف، لأنها لا تملك الولاية العامة، وسيبقى أداؤها مأزوما حتى يتم الإفراج عنها، بحيث يكون تشكيلها من قبل برلمان وصل بانتخابات حرة ونزيهة، وأن يعبر البرلمان عن إرادة الشعب وليس إرادة السلطة التنفيذية”.
ولفت إلى أن “نهج إدارة الدولة بعيد عن المفهوم الديمقراطي ومصالح ومتطلبات وخيارات المجتمع، ولا يمكن أن يكون نهجا سليما دون إشراك المواطن صاحب المصلحة”.
وشهد الأردن خلال السنوات الماضية العديد من المسيرات الاحتجاجية المطالبة بتغيير نهج إدارة الدولة، إلا أنها تراجعت بشكل كبير جراء القيود التي يفرضها “قانون الدفاع” على التجمعات لمواجهة انتشار فايروس كورونا.
وفي ما يتعلق بالتعديلات الدستورية الأخيرة، بيّن بريزات أنها جرت “على أسس غير صحيحة، والتي لا بد أن تقوم على رأي الشعب”.
ومؤخرا وافق البرلمان بشقيه على تعديلات طالت 30 مادة دستورية، كانت عبارة عن توصيات لجنة تشكلت بأمر ملكي في يونيو لتحديث المنظومة السياسية في البلاد.
وشهدت الانتخابات النيابية الأخيرة التي جرت في نوفمبر 2020 تراجعا في نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع، والسبب يرجع بحسب مراقبين إلى تراكمات سابقة مردها أزمة ثقة شعبية في العملية الانتخابية من جهة، وأداء النواب من جهة أخرى، مدفوعة أيضا باستمرارية التشكيك في نزاهتها.