التعبئة الانتخابية بدأت في تونس إلكترونيا

"الانخراط عن بعد" منصة رقمية تعتمدها النهضة على موقع فيسبوك الذي يؤدي دورا كبيرا في صناعة الرأي العام التونسي وتحريك الشارع، بعد تراجع شعبيّتها بصورة قويّة منذ 2011.
الثلاثاء 2019/03/05
أضغط أعجبني وأشارك
 

منصة رقمية للانخراط أطلقتها النهضة للسيطرة على نزيف مؤيديها، يقول مراقبون إنها تعاضد جهود الميليشيات الإلكترونية للبروز في الانتخابات القادمة.

تونس- بدأ الاستعداد للانتخابات القادمة مبكرا في تونس. وتشهد البلاد هذا العام انتخابات رئاسية هي الحادية عشرة في تاريخها والثانية بعد ثورة 14 يناير، كما تشهد انتخابات تشريعية هي الرابعة عشرة في تاريخ الحياة البرلمانية بتونس والثالثة بعد الثورة.

وكان رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبدالكريم الهاروني قد أكد أن النهضة ستقدم مرشحا للانتخابات الرئاسية ولن تقف موقف المتفرج مثلما حصل في انتخابات عام 2014. وأعلن حزب حركة النهضة في منتصف فبراير الماضي، إطلاق خدمة الانخراط “عن بعد”.

وفي إعلان هذه الخدمة، تظهر صورة لقادة الحركة بمن فيهم زعيمها راشد الغنوشي، والابتسامة تعلو وجوههم، وهم يقصّون كعكة كبيرة مغطاة بالكريمة المخفوقة. وعرّف رئيس مجلس شورى النهضة عبدالكريم الهاروني المنصّة بأنّها من التطبيقات التي تمّ العمل على إنجازها في منظومة جيل الرّقمنة. وأشار الهاروني، عبر صفحته الخاصة بـفيسبوك، إلى أنّ موضوع رقمنة الحركة كان ضمن جدول أعمال مجلس الشورى وإلى أنه تمّ الشروع في تفعيل المشروع بانخراط أعضاء مجلس الشورى فيه.

وأكّد رئيس مجلس الشورى أنّ شباب الحركة المختصين في التكنولوجيا عملوا طيلة سنتين على إعداد برنامج رقمنة الحركة وتحويلها إلى إدارة عصرية. وذكرت مجلة “جون أفريك” أن منصة الانخراط الجديدة اختبرت داخليا من طرف قادة الحزب، حيث جدد المديرون التنفيذيون وممثلو مجلس الشورى انخراطهم بالاعتماد على هذه الطريقة. ونقلت المجلة عن القيادي في الحركة بدرالدين عبدالكافي أن “التسجيل عبر الإنترنت أو عن بعد سيُسهّل انضمام الشباب والنساء”.

وفي الأسابيع المقبلة، من المتوقع أن يتوسع نطاق هذا المشروع ليشمل جميع الأعضاء على إثر المؤتمرات المحلية التي ستنتهي في 17 مارس الجاري. وستكون بطاقات الانخراط متوفرة في مكاتب الحزب للاحتفاظ بعلاقة “مادية” مع الحركة. وفسر عبدالكافي أن هذا الأمر يعتبر “طريقة للتعريف بحركة النهضة، من خلال مشاركة نظامنا الداخلي وأخبارنا”.

لكن مراقبين يؤكدون أن المنصة محاولة من النهضة للسيطرة على نزيف قاعدتها الانتخابية؛ فبعد حصولها على 1.5 مليون صوت في الانتخابات التشريعية عام 2011، ثم 900 ألف في انتخابات 2014، فها هي قد حصلت على نصف مليون صوت فقط في الانتخابات البلديّة التي جرت في مايو الماضي؛ في مؤشّر على تراجع شعبيّتها بصورة قويّة منذ 2011.

وأشارت نتائج الانتخابات البلديّة إلى أنّ النهضة حلّت ثانيا من ناحية نسبة الأصوات؛ إذ حصلت على 29 بالمئة منها، أي حوالي 510 آلاف صوت، مباشرة بعد القوائم المستقلّة التي حازت على النسبة الأولى التي بلغت 33 بالمئة، أي حوالي 580 ألف صوت، في دلالة على أزمة ثقة تعيشها الأحزاب السياسيّة في تونس، لكن زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي أكد، الأحد، أن أغلبية المستقلين ممن خاضوا تجربة الانتخابات البلدية يتجهون وبرغبة منهم للانخراط في الحركة.

وتشهد تونس انفجارا حزبيا إذ وصل عدد الأحزاب في فبراير الماضي إلى 216 حزبا، بمقابل عزوف انتخابي غير مسبوق. وأعلنت نائبة رئيسة رابطة الناخبات التونسيات، تركية بن خذر، في يناير الماضي خلال جلسة بمجلس نواب الشعب، أن نحو 75 بالمئة من شباب تونس ونسائها لا يرغبون في المشاركة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، المقرّر إجراؤهما في نهاية عام 2019.

وأرجعت بن خذر عزوف التونسيين عن المشاركة السياسية إلى عدم تحسّن أوضاعهم الاجتماعية، وخيبة الأمل في عدم تنفيذ الأحزاب السياسية لبرامجها الانتخابية، وذلك استنادا إلى دراسة أجرتها معها منظمة “عتيد” المهتمّة بالانتخابات. لذلك تولي حركة النهضة اهتماما كبيرا للنشاط الإلكتروني، خاصة على موقع فيسبوك، شبكة التواصل الاجتماعي الأكثر شعبية في تونس.

وكشفت دراسة حديثة أعدتها مؤسسة “اتصالات”، أن عدد التونسيين الذين يستعملون موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك يبلغ 7.6 ملايين شخص. ويمثل الشباب الذين أعمارهم أقل من 35 سنة، 59 بالمئة من جملة مستعملي الإنترنت. ويؤدي فيسبوك دورا كبيرا في صناعة الرأي العام التونسي، فضلا عن دوره في تحريك الشارع، قبل أن تحوله ميليشيات الأحزاب الإلكترونية إلى ساحة لخوض معارك افتراضية لا تنتهي، لإلهاء التونسيين الذين تركوا ساحة المعركة الحقيقية بلا منافس. ولحركة النهضة عشرات الصفحات على الموقع.

المنصة محاولة من النهضة للسيطرة على نزيف قاعدتها الانتخابية؛ فبعد حصولها على 1.5 مليون صوت في الانتخابات التشريعية عام 2011، ثم 900 ألف في انتخابات 2014

وتأتي صفحة الغنوشي في المرتبة الثالثة ضمن صفحات السياسيين الأكثر متابعة، في تونس لحصولها على أكثر من 850 ألف متابع. وتنشر هذه الصفحة مختلف تصريحات الغنوشي والبيانات الرسمية الصادرة عن حركة النهضة. وسبق أن تم اتهام حركة النهضة بتجنيد ميليشيات إلكترونية على فيسبوك، وتقوم بتلميع صورة النهضة وتشويه صورة خصومها السياسيين.

وذكرت مواقع إلكترونية تونسية عام 2011 أن “الميليشيات الإلكترونية” للنهضة تضم حوالي 1600 شاب من البارعين في استخدام الكمبيوتر ومواقع التواصل الاجتماعي، وقد نفت الحركة في أكثر من مناسبة أن تكون لها “ميليشيات” من أي نوع. ويرجح أن هذا العدد تضاعف مرات ومرات. ومؤخرا أعلنت مواقع إلكترونية تعطل صفحاتها على فيسبوك بسبب هجمات منظمة من مليشيات إلكترونية.

وأعلن موقع أنباء تونس الإلكتروني عن تعطل صفحته على فيسبوك مؤكدا “تأكد لنا أن المبلغين من ميليشيات الإنترنت التابعة لحركة النهضة”. وقال إنه “يتم التعامل بنفس الطريقة مع كل المواقع التي تنشر مقالات تنتقد الحركة” وطالت الهجمة أيضا موقع آخر خبر أونلاين. وقال الموقع “إن الأمر هو سياسة معتمدة من النهضة لمحاصرة وسائل الإعلام التي لا تستجيب لخطها السياسي”.

19