التعاون الإسلامي تدعو لوقف شامل للحرب في السودان

الخرطوم - وجّه الأمين العام لـ"منظمة التعاون الإسلامي"، حسين إبراهيم طه، نداء عاجلا إلى الأطراف المتحاربة في السودان لوقف شامل للحرب مع اقتراب عيد الأضحى المبارك الذي يحل على العالم الإسلامي الأسبوع المقبل، في وقت تجدد القصف المدفعي في العاصمة الخرطوم وبعض المناطق الأخرى.
وناشد طه، اليوم الخميس، في بيان للمنظمة نشرته الخميس على موقعها الإلكتروني الأطراف المتحاربة جميعها في السودان "العمل على تحقيق الوقف الشامل لإطلاق النار، وجميع أعمال العنف والقتال بكل أشكالها، وذلك بمناسبة قرب حلول عيد الأضحى".
ومنذ منتصف أبريل تشهد الخرطوم ومدن أخرى اشتباكات بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، خلّفت مئات القتلى وآلاف الجرحى بين المدنيين.
وذكر بيان المنظمة أن مناشدة الأمين العام تأتي "حقنا لدماء السودانيين وللتخفيف من معاناتهم القاسية، ولإفساح المجال أمام منظمات الإغاثة للقيام بواجباتها وتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة للمناطق المنكوبة في جميع الأراضي السودانية".
واعتبر الأمين العام للمنظمة أن "إعلان الالتزام من قبل جميع الأطراف المتحاربة بوقف إطلاق النار خلال أيام العيد المبارك يوفر فرصة لإطلاق بادرة أمل لجميع أبناء الشعب السوداني بتحقيق الوقف الشامل لأعمال القتال والعنف"، وفق البيان.
وأوضح أن وقف إطلاق النار يوفر أيضا "فرصة للاستفادة من المبادرة السعودية الأميركية في التفاوض بهدف الوصول لاتفاق لوقف إطلاق نار دائم، والعمل على ايجاد التسوية السلمية باعتبار ذلك المخرج الوحيد للخروج من النفق المظلم لهذه الأزمة، وبما يحقق تطلعات الشعب السوداني في الأمن والسلم والاستقرار".
ومنذ 6 مايو ترعى السعودية والولايات المتحدة محادثات بين الجيش وقوات الدعم السريع أسفرت في 11 من الشهر ذاته عن أول اتفاق بين الجانبين للالتزام بحماية المدنيين.
وتلا ذلك إعلان أكثر من هدنة، سجّلت خلالها خروقات جسيمة، ما دفع الرياض وواشنطن لتعليق المفاوضات بداية يونيو الجاري.
ودعا طه "جميع الأطراف والقوى الإقليمية والدولية الفاعلة المعنية بمجريات الأزمة السودانية إلى دعم جهود الوقف الفوري لإطلاق النار في السودان، وبذل الجهود المشتركة لحث جميع الأطراف الالتزام بذلك".
وأعرب عن "أمله أن تستجيب الأطراف السودانية لنداء وقف إطلاق النار الشامل خلال هذه المناسبة الدينية المباركة".
وميدانيا، هز دوي القصف المدفعي أرجاء العاصمة السودانية وبعض المناطق الأخرى الخميس حيث يتواصل القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع وسط تبادل اتهامات بين الطرفين بارتكاب انتهاكات في حق المدنيين.
وأفاد شهود عيان وكالة الصحافة الفرنسية صباح الخميس بحصول "قصف مدفعي على شارع الستين شرق الخرطوم".
وأكد آخرون ليل الاربعاء الخميس توجيه ضربات صاروخية من شمال أم درمان غرب العاصمة، حيث يقع الكثير من مراكز الجيش الرئيسية، باتجاه جنوب أم درمان وحي بحري في شمال الخرطوم.
وتبادل طرفا النزاع الاتهامات الأربعاء في بيانين بارتكاب انتهاكات في حق المدنيين، إذ اتهم الجيش قوات الدعم السريع بـ"استغلال الهدنة في تحشيد قواتها وارتكاب عدة انتهاكات بحق المدنيين"، من دون مزيد من التفاصيل.
وردت قوات الدعم السريع في بيان اتهمت فيه الجيش بـ"فبركة مقطع فيديو قالوا إنه لعملية اغتصاب ومحاولة إلصاق هذا الفعل الشنيع بقواتنا". مؤكدة أنها محاولة يائسة من "الانقلابيين ومليشياتهم من فلول النظام البائد في غمرة الهزائم المتتالية التي لحقت بالانقلابيين وبعد إفشال مخططاتهم لاستعادة السلطة".
وأضافت "من الواضح أن الذين قاموا بهذا الفعل الشنيع لم يستطيعوا إخفاء معالم مهمة أثبتت إدانتهم، حيث ظهر أحد الممثلين غير المهرة في كامل زي قوات الفلول والانقلابيين"، في إشارة إلى زي الجيش السوداني.
خارج العاصمة، شهدت مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور ليل الأربعاء "اشتباكات بمختلف أنواع الأسلحة بين الجيش والدعم السريع"، على ما أفاد شهود عيان.
كذلك، شهدت مدينة الأُبيّض عاصمة ولاية شمال كردفان، قصفا مدفعيا.
وتدور المعارك بين الجيش بقيادة عبدالفتّاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو منذ 15 نيسان وقد أوقعت حتى الآن أكثر من ألفي قتيل، وفقاً لتقديرات يرى خبراء أنّها أقلّ بكثير من الواقع.
وصباح الأربعاء انتهت هدنة مدتها 72 ساعة تم الاتفاق عليها بين الطرفين بوساطة أميركية-سعودية.
في مختلف أنحاء السودان، بلغ عدد النازحين "مليوني شخص"، وفقاً لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، كما أحصت المنظمة الدولية للهجرة نحو 600 ألف شخص فرّوا إلى الدول المجاورة.
وأكدت منظمة الصحة العالمية الأربعاء خروج نحو ثلثي مرافق الرعاية الصحية، في مناطق القتال في السودان، من الخدمة.
وأكد المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس وقوع "46 هجوما على مرافق الرعاية الصحية منذ بدء الاقتتال".
وأفادت المنظمة بأن نحو 11 مليون شخص بحاجة إلى مساعدة صحية، مبدية قلقها بشأن محاولات السيطرة على أوبئة الحصبة والملاريا وحمى الضنك المستمرة.
وكان المجتمع الدولي تعهّد خلال اجتماع عقد في جنيف الاثنين تقديم 1.5 مليار دولار من المساعدات، وهو نصف ما تحتاجه المنظمات الإنسانية وفقاً لتقديراتها الميدانية.
وفي هذا الصدد رأى مدير المجلس النروجي للاجئين بالسودان وليام كارتر، بحسب مقال له نشر الأربعاء على موقع "ذا نيو هيومانتيريان" المستقل المعني بإبراز القضايا الإنسانية، أن هذه التعهدات "سخية .. لكنها ضئيلة للغاية بالنظر إلى الحجم الهائل للكارثة التي بدأت في الظهور".
ويعتمد 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف سكّان السودان، على المساعدات الإنسانية للاستمرار في بلد يغرق في الدمار والعنف بسرعة "غير مسبوقة"، وفق الأمم المتّحدة.
وحذّر مدير برنامج الأغذية العالمي في السودان إدي راو الثلاثاء من أنّ "الاحتياجات الإنسانية بلغت مستويات قياسية في وقت لا تبدو فيه أيّ مؤشّرات على نهاية للنزاع".
ونقل كارتر في مقاله شهادة من أحد النازحين من الخرطوم بسبب الحرب والذي قابله بولاية النيل الأبيض الحدودية مع جنوب السودان.
وقال الرجل السوداني، بحسب كارتر، "ظلت القنابل تتساقط والجدران تهتز .. ظل الأطفال تحت أسرتهم، لكن رصاصة اخترقت الجدار وكانت على مسافة قليلة منهم".
ورغم مغادرة هذا السوداني للعاصمة، إلا أنه أكد أن "الأطفال ما زالوا لا يستطيعون النوم بسلام".