التعاطي السلبي مع كورونا يسبب مشاكل نفسية حادة

طريقة تدبير وقت الحجر الصحي في المنازل تكتسي أهمية بالغة في تجنب الوقوع في المشكلات خاصة لدى الأشخاص الذين هم في وضعية نفسية هشة.
الثلاثاء 2020/04/14
الحجر الصحي تجربة غير مرضية

لندن- أشار الخبراء إلى أن الانغلاق القسري بين جدران البيت لعدة أيام أو أسابيع نتيجة للحجر الصحي المفروض في عدة بلدان عبر العالم في خطوة لاحتواء تفشي فايروس كورونا، هو أمر غير اعتيادي بالنسبة لعامة الناس إلا في الظروف الاستثنائية، وهو ما يتسبب في الكثير من الحالات بآثار نفسية وخيمة، تقتضي المتابعة والعلاج لدى المختصين.

وكشف مركز الدراسات البريطاني “معهد كينجز كوليدج” في دراسة نشرت بالمجلة الصحية “دو لنسي”، أن “الحجر الصحي عموما هو تجربة غير مرضية بالنسبة لمن يخضعون لها”، معتبرا أن “العزل عن الأهل والأحباب، وفقدان الحرية، والارتياب من تطورات المرض، والملل، كلها عوامل يمكنها أن تتسبب في حالات مأساوية”.

ولفت لحلو إلى أن “العامل الاجتماعي مهم ويمكن أن يؤثر بقوة في نفسية الأشخاص الموجودين رهن الحجر الصحي”، مضيفا أن الأشخاص الذين يفقدون وظائفهم في مثل هذه الظروف قد يتعرضون لمشكلات نفسية.

وقال نييل غرينورغ من معهد “معهد كينجز كوليدج” وهو أحد موقعي الدراسة “إن الصعوبات المادية الخطيرة يمكن أن تتسبب في مشكلات نفسية حادة”.

باحثون يقترحون خلق خط هاتفي مخصص لاستفسارات الأشخاص الموجودين رهن الحجر الصحي، يساعدهم على معرفة ما يجب القيام به في حالة ظهور أعراض المرض

ويجمع المختصون في الصحة النفسية على أن الحجر الصحي المفروض على أكثر من مليار شخص حول العالم بسبب جائحة فايروس كورونا، ليس أمرا سهلا ولا موضوعا يستهان به، إذ أنه إجراء استثنائي وغير مسبوق يقيد الحريات الفردية، وهذا الوضع يتسبب بمشكلات نفسية للعديد من الأشخاص، خاصة بالنسبة للذين يفشلون في التعاطي بشكل إيجابي مع هذا الظرف.

وأكد الأخصائي النفسي المغربي أسامة لحلو أن القلق والتوتر والانفعال من أبرز التأثيرات النفسية التي تنتشر في مثل هذه الحالات. وقال في حديث لفرانس24 إن الأشخاص الذين هم في وضعية نفسية هشة معرضون أكثر من غيرهم للإصابة بهذه المشكلات النفسية.

وتكتسي طريقة تدبير وقت الحجر الصحي في المنازل أهمية بالغة في تجنب الوقوع في مشكلات نفسية أو أسرية. ويرى لحلو أنه يمكن الاستفادة من وقت الحجر الصحي بطريقة إيجابية، إذا تمكنا من استغلاله في أمور تعود علينا وعلى أسرنا بالنفع.

وأكد الأخصائي المغربي أنه ليست هناك حلول سحرية لتجاوز الوقوع في مشكلات نفسية أو التصادم مع المحيط العائلي، فالأمر مرتبط باجتهاد الأولياء في إيجاد أنشطة يمكن أن تشغل جزءا مهما من الوقت “الطويل” خلال العزل الصحي، حيث من المفروض أن تكون لهم رؤية استباقية لما يمكن أن تؤول إليه الأمور في حال الاستمرار في الحجر الصحي دون منهجية واقية من الوقوع في مخاطر نفسية واجتماعية.

ويؤكد لحلو أن التعرض بشكل مستمر للأخبار لا يساعد الصحة النفسية لدى الأشخاص الموجودين رهن الحجر الصحي. وينصح بأن “يتم استماع ومشاهدة الأخبار في مناسبة واحدة خلال اليوم من وسائل إعلام رسمية، والابتعاد عن جميع الأخبار التي يكون مصدرها أفراد أو جهات غير معروفة”. ويلفت غرينورغ إلى أن “الأخبار الزائفة ووسائل الإعلام يمكن أن تغذي القلق”.

الحجر الصحي المفروض على أكثر من مليار شخص حول العالم بسبب جائحة فايروس كورونا، ليس أمرا سهلا ولا موضوعا يستهان به

ولقضاء وقت الحجر الصحي يوميا في أجواء “هادئة ونافعة”، يقترح الأخصائي المغربي وضع جدول زمني محدد، يتضمن كل ما يجب القيام به خلال اليوم، مع تحديد ساعات دعم للأطفال في تلقي دروسهم وإنجاز تمارينهم. ويرى أن الحجر الصحي فرصة للاستفادة من الدفء العائلي بمشاركة الأسرة أنشطة ترفيهية، دون أن ينسى أهمية الرياضة للجميع في مثل هذه الأوقات.

وللخروج من هذه المرحلة بأقل الأضرار النفسية، تؤكد دراسة معهد كينجز كوليدج البريطاني على أهمية المعلومة في هذا الظرف، ويعتبرها أساسية، فالتواصل بانتظام عبر توفير الحقيقة بشأن الحجر الصحي وشرح ما يحدث، يجعل من السهل قضاء هذه الفترة الصعبة والاستثنائية.

وتفيد الدراسة أنه “ينبغي على مسؤولي الصحة العامة أن يشددوا على أن الحجر الصحي يساعد في الحفاظ على سلامة الآخرين، ولاسيما الأكثر ضعفا مثل صغار وكبار السن أو أولئك الذين لهم سوابق صحية خطيرة، وعلى السلطات أن تشعر بالامتنان الخالص لمواطنيها، لأنهم انسجموا مع دعوتها للحجر من أجل الصحة العامة، وهذا يشجع الناس على البقاء في بيوتهم بنوع من الارتياح”.

كما أن طمأنة المواطنين لها دور في الحفاظ على سلامتهم النفسية. ويقترح الباحثون المشاركون في الدراسة خلق خط هاتفي مخصص لاستفسارات الأشخاص الموجودين رهن الحجر الصحي، يساعدهم على معرفة ما يجب القيام به في حالة ظهور أعراض المرض. وهذه الخدمة “ستطمئن الناس على أنهم سيعالجون إذا مرضوا ولا يتم إهمالهم”.

21