الشاعر اللبناني محمد وهبة لـ"العرب": الجمال فهرس كبير يتضمن كل ما هو خير

الشعر تجربة حسية وجمالية بالأساس يخوضها الشعراء انطلاقا من ذواتهم وتجاربهم ورؤاهم ومشاعرهم ليتقاطعوا بكامل مخزوناتهم الواعية واللاواعية مع العالم ويكتبوا ذواتهم فيه ويكتبوه في ذواتهم، إنها لعبة ممتعة مادتها اللغة يخوضها الشعراء داخل ذواتهم وخارجها. في هذا الإطار كان لـ”العرب” هذا الحوار مع الشاعر اللبناني محمد وهبة حول تجربته الإبداعية ورؤيته للمشهد الثقافي.
عمر شريقي
يرى الشاعر اللبناني محمد وهبة ضرورة أن توظف القصيدة في خدمة القضايا الإنسانية إلى أقصى مدى ممكن ويؤكد أننا نحن أبناء مجتمعاتنا وننتمي إلى الإنسانية جمعاء وكتاباتنا من واقعنا ومن داخل أعماقنا لا نستطيع أن نتجاهل هذا الواقع وإلا نكون بذلك خائنين لمشاعرنا وأنفسنا بالدرجة الأولى ثم المجتمع الذي ننتمي إليه.
وللشاعر وهبة الكثير من النصوص الشعرية المنشورة في الصحف اليومية والمجلات الثقافية ومجموعة من الدواوين مثل “روح عارية” و”همسات قلب” و”أريج الشوق” و”إحساس صادق” و”نسمات عميقة” و”صليات من الحب”، وديوان تحت الطباعة وسوف يتم توقيعه للمرة الأولى في لبنان تحت عنوان “رحيق الحب”، ولديه كتابان تحت الطباعة الأول بعنوان “خيال” والثاني “رؤى الروح” وهما عبارة عن حكم وأقوال عن الحياة وما فيها.
التكنولوجيا والمرأة والمكان
المكان هو حجر الأساس لشخصية أي إنسان فكيف إذا كان شاعرا؛ إذ يكون عنده أساس الروح ونبض القلب
تسأل “العرب” الشاعر محمد وهبة عن أبرز المواضيع التي يعالجها في كتاباته الشعرية، ليجيبنا “في الواقع هناك مواضيع كثيرة أتطرق إليها من خلال كتاباتي الشعرية وحتى غير الشعرية، ولكن غالبا ما يكون تركيزي على الحب، وهذا ليس نهجا أو قرارا، إنه في حالة اللاوعي لأن الحب إن وجد تتغير أمور كثيرة في حياتنا نحو الأفضل ناهيك عن كونه يضعك في حالة من السعادة والوئام والرقي. طبعا هناك مواضيع كثيرة أتطرق إليها كالوالدين والوطن والطبيعة والفقر وغير ذلك”.
مع تطور الحياة والتقدم العلمي والتكنولوجي والثقافي يتطور الأدب ليصبح مواكبا للعصر، نسأل وهبة عما إذا كان الأدب الشعري أو الأدب عموما قد واكبا هذا التطور، وأين يتجلى هذا؟ ليقول “مع أني كنت أفضل على الأقل من الناحية الحسية والشعورية أن يكون الشعر والأدب بشكل عام على الطريقة السابقة على جميع الأصعدة تقريبا، ربما أشعر بجمالية خاصة وإحساس مختلف، لكن بطبيعة الحال لا بد لنا أن نواكب العصر ولا أنكر أبدا أن هناك إيجابيات كثيرة في التطور العلمي والتكنولوجي لاسيما في مجال وسائل الإعلام وسرعة انتشارها، إضافة إلى الوسائل التي تتعلق بالتصاميم والطباعة وأشياء كثيرة جيدة تساعد على إنجاح العمل الأدبي”.
يعالج وهبة في قصائد عديدة قضية المرأة، نسأله عما إذا كان قد استطاع أن ينصفها أم لم يستطع؟ فيجيبنا “سؤال جيد بالنسبة إلي وبكل صدق وصراحة أنا من مناصري المرأة على كافة الأصعدة والمستويات، لكون المرأة من وجهة نظري هي الحياة، هي الأم والأخت والزوجة والحبيبة، ولا نستطيع أن نحرم المرأة من حقوقها على مستوى الحياة كما على المستوى العاطفي والوجداني، ودور المرأة من الصعب أن نختصره بموقف معين أو بتصرف بعينه. موقفي ينطلق من ممارساتي في الحياة من خلال تقديرها والدفاع عن حقوقها وطريقة التعاطي معها”.
بصفته شاعرا يرتبط وهبة بالمكان، يقول لـ”العرب”: “الارتباط بالمكان بالنسبة إلي هو بمثابة تعلقي بالحياة، المكان هو حجر الأساس لشخصية أي إنسان فكيف إذا كنا شعراء، هو أساس الروح ونبض القلب وذكريات راسخة لا تمحى وحاضر ماتع ومستقبل نرسمه ونكونه في فكرنا وتفكيرنا ومستقبل أولادنا، وهناك أماكن كثيرة أجسدها من خلال كتاباتي وقد عشت فيها في حياتي وأحيانا لم أعش فيها لكنها تعيش في مخيلتي وأشعر بسعادة كبيرة حين تخطر على بالي فأكتب عنها كما لو أني أعرفها”.
أهمية الجمال
في ديوانه “نسمات عميقة” تتحدث مفرداته عن الحب والعشق، نسأل الشاعر اللبناني كيف اختصر المشاعر الوجدانية في تلك القصائد؟ ليقول “حسب رأيي المتواضع لا يمكن مهما أسهبت وعبرت في كتاباتي عن الحب والعشق أن أصل إلى مستوى الارتواء أو التعبير الذي يجسد الإحساس الحقيقي؛ كون الأبجدية على الرغم من أنها غنية تبقى مقصّرة في التعبير والإحساس، لذلك أحاول الاختصار على قاعدة السهل الممتنع والبساطة”.
يقال عن محمد وهبة إنه شاعر الجمال، نسأله إلى أي حد يؤثر الجمال في قصائده؟ وكيف يكتب القصيدة أم هي تكتبه؟ ليجيبنا “سؤال كبير جداً، إذا أخذنا معنى الجمال بشكله الحقيقي والواقعي نرى أنه من أركان الحياة الأساسية وهو يدخل في كل مناحي الحياة وفي جميع الأمور المرئية وغير المرئية من خلال الإحساس والتفكير والتصرف وحتى في اتخاذ المواقف”.
ويتابع “برأيي الجمال فهرس كبير يتضمن كل ما هو خير وجميل في هذه الدنيا، وهو يتجسد في جميع عناوين كتاباتي ومحتواها، ومن الرائع جداً أن يرى الإنسان الجمال من كافة جوانبه كونه وقودا للروح والحياة، وحتى في طريقة تعاطيه مع الناس ومع نفسه”.
ويختم الشاعر محمد وهبة قائلا “أشكرك جزيل الشكر من كل قلبي وأتمنى الخير لكافة البشر في كل مكان وأينما وجدوا ولك أنت شخصياً دوام الصحة والنجاح، وأسأل الله أن نلتقي بك في القريب العاجل بإذنه تعالى”.