التطبيع مع إسرائيل محسوم، لكن ماذا تنتظر السعودية قبل ذلك

السعودية ستتعامل مع التطبيع مثلما تعاملت مع مصالحاتها الإقليمية، دون مبالغة في رد الفعل أو الدخول في علاقات مع الإسرائيليين.
الجمعة 2023/09/22
في الطريق إلى اللحاق باتفاقيات أبراهام

الرياض – كشفت تصريحات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بشأن “اقتراب” التطبيع مع إسرائيل عن أن أمر التطبيع محسوم في المملكة، وأن المسؤولين السعوديين يبحثون عن مكاسب أو مزايا تعرضها عليهم الولايات المتحدة قبل المضي قدما في إنشاء علاقات مع إسرائيل.

ويرجّح خبراء أن تُقدّم الولايات المتّحدة إلى السعودية ضمانات أمنية إذا أبرمت المملكة اتفاقًا مع إسرائيل.

وردًّا على سؤال بشأن هذا الموضوع قال وليّ العهد السعودي، في مقابلة أجرتها معه شبكة فوكس نيوز الإخبارية الأميركية في السعودية، إنّ العلاقات بين الرياض وواشنطن ترجع بالزمن ثمانية عقود إلى الوراء وإنّ اتّفاقا أمنيّا محتملًا بين البلدين من شأنه أن “يعزّز” تعاونهما العسكري والاقتصادي، دون مزيد من التفاصيل.

وذكرت بلومبرغ نيوز الخميس نقلا عن عدة مصادر مطلعة أن البيت الأبيض يدرس إبرام اتفاقيتين دفاعيتين رسميتين مع السعودية وإسرائيل في إطار خطته الرامية إلى تطبيع العلاقات بين اثنين من أقرب حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط.

وقال متابعون للشأن الخليجي إن سكوت السعودية عن الجدل الذي ثار بشأن علاقتها مع إسرائيل وعن التسريبات المختلفة التي صدرت من جهات أميركية أو إسرائيلية كان يؤكد أنها في الطريق إلى اللحاق باتفاقيات أبراهام مع إسرائيل، وأنها تنتظر الوقت المناسب للانخراط في هذا المسار.

ولا تنظر المملكة إلى تأجيل التطبيع مع إسرائيل من جانب الإحراج السياسي، وإنما من جانب تسوية بعض الخلافات مع الولايات المتحدة، خاصة أن العلاقة بين البلدين تعيش حالة من البرود منذ تسلم الرئيس جو بايدن مهامه في البيت الأبيض، ومواقف إدارته الصادمة من حرب اليمن ومن الاتفاقيات الدفاعية، والموقف من الأمير محمد بن سلمان.

وأشار المراقبون إلى أن السعودية تنظر إلى التطبيع وفق ما سيفضي إليه من خدمة لمصالحها، وستتعامل معه مثلما تعاملت مع مصالحاتها الإقليمية، أي تهيئة مناخ يفتح الباب أمام إنجاح المشاريع السعودية الكبرى التي تتنزل في إطار رؤية 2030 التي يقودها ولي العهد، دون مبالغة في رد الفعل أو الدخول في علاقات مع الإسرائيليين.

وقال ولي العهد السعوديّ “نقترب كلّ يوم أكثر فأكثر” من تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وأتى هذا التصريح في الوقت الذي كان فيه الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نيويورك يتباحثان مسألة العلاقات بين المملكة والدولة العبرية.

لكنّ الأمير محمد بن سلمان  شدّد على “أهمية القضية الفلسطينية” بالنسبة إلى المملكة. وقال “بالنسبة إلينا، القضية الفلسطينية مهمّة للغاية. علينا حلّها”. ونفى صحّة تقارير صُحفية تحدّثت عن “تعليق” المحادثات بين المملكة وإسرائيل.

وقال إنّ هذه “المفاوضات تجري بشكل جيّد حتى الآن” و”نأمل أن تؤدّي إلى نتيجة تجعل الحياة أسهل للفلسطينيين وتسمح لإسرائيل بأن تلعب دورًا في الشرق الأوسط”.

وطبّعت الدولة العبرية حتى اليوم علاقاتها مع خمس دول عربية هي مصر والأردن والإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب.

لكنّ ما أدلى به ولي العهد السعودي لن ينزل بردا وسلاما على الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الذي حذّر من أنّ أيّ تطبيع مع إسرائيل يشكّل “طعنة في ظهر” الفلسطينيين.

وخلال مؤتمر صُحفي عقده في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتّحدة، سئل رئيسي عن التقارب الحاصل بين المملكة والدولة العبرية فاستهلّ إجابته بالترحيب بالتقارب الذي حصل مؤخرا بين طهران والرياض، مؤكّدا أنّ علاقة إيران “مع السعودية تتطوّر”.

وردًّا على سؤال عن التقارب السعودي – الإسرائيلي الراهن قال الرئيس الإيراني “لم نسمع شيئًا من هذا القبيل”. وأضاف “رغم ذلك، فإنّ بدء علاقة بين النظام الصهيوني وأيّ دولة في المنطقة، إذا كان هدفه تحقيق الأمن للنظام الصهيوني، فهو حتمًا لن يحقّق ذلك”.

وفي مقابلته مع الشبكة الإخبارية الأميركية سئل الأمير محمد بن سلمان عن احتمال حصول إيران على السلاح النووي. وردًّا على هذا السؤال حذّر وليّ العهد السعودي من أنّه في حال حازت طهران السلاح النووي فإنّ الرياض ستجد نفسها مضطرة إلى فعل الأمر نفسه.

وقال “نحن قلقون من احتمال حصول دولة ما على سلاح نووي. هذا أمر سيء”. وأضاف أنّ الإيرانيين “لا يحتاجون إلى الحصول على سلاح نووي لأنّهم لا يستطيعون استخدامه”، مؤكّدًا أنّ مثل هذا الأمر يعني “إشعال حرب مع بقية العالم”. لكنّ وليّ العهد أكّد في المقابل أنّهم “إذا حصلوا على هذا السلاح، فيجب أن نحصل عليه نحن أيضًا”.

1