التضليل الإلكتروني.. طريقة لإخراج الاحتجاجات عن مسارها

بيروت - وجد باحثون في منظمة الحقوق الرقمية الكندية “ستيزين لاب” أن الاحتجاجات الأخيرة في العراق ولبنان كانت مصحوبة بحملات تضليلية شرسة على موقع تويتر والتي لعب فيها المؤثرون، دورا رئيسيا.
وفحص الباحثون التفاعلات على تويتر ووجدوا أن العلامات الرئيسية التي استخدمها المتظاهرون لتبادل المعلومات حول الاحتجاجات كانت أيضا أهدافا رئيسية للتلاعب. وقال أليكسي أبراهامز، باحث في “ستيزين لاب”، “يبدو أن كل مجموعة تحاول التلاعب واستخدام الهاشتاغات لمشاركة رؤيتها السياسية”.
وأثبتت منظمة ستيزين لاب، كيف يمكن لبعض الأفراد على وسائل التواصل الاجتماعي أن يكون لهم تأثير كبير على المحادثة الإلكترونية حول الاحتجاجات في العراق أو لبنان أو إيران على الرغم من وجودهم في مكان آخر.
ومن الأمثلة على ذلك أمجد طه، وهو معلق بريطاني عربي يعيش في لندن وناقد شديد للنظام الإيراني. يقول المراقبون إن تغريداته غالبا ما تعكس وجهة نظر الحكومة السعودية. وقال أبراهامز “منشوراته هي الأكثر انتشارا على الهاشتاغ #لبنان_ينتفض، وهو الهاشتاغ المميز للاحتجاجات اللبنانية”. حيث استأثرت مشاركات طه بحوالي 6.25 بالمئة من التغريدات على الهاشتاغ، في حين لم يتمكن معلقون آخرون من بلوغ نصف هذا المستوى من التأثير.
وقال طه إنه سعيد بمستوى نفوذه. وأضاف “أود أن أطلق على نفسي اسما مؤثرا بريطانيا عربيا”، نافيا أنه كان يسعى لنشر وجهة نظر مؤيدة للسعودية، لكنه قال إنه يتفق مع إصلاحات الرؤية السعودية 2030 لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وقال أبراهامز إن فحص علامات التصنيف العراقية للاحتجاج أظهر أن المستخدمين خارج العراق، وخاصة من الخليج، كان لهم تأثير أكبر، بسبب التقييدات المتكررة على شبكة الإنترنت العراقية واستخدام تويتر المحدود بين المعلقين المحليين. وقال “إنك ترى المؤثرين الخليجيين من بين أكثر الحسابات التي أعيد تغريدها في كل هذه العلامات”.
في الجزائر بدأ النشطاء يلاحظون ما يسمونه “الذباب الإلكتروني” بعد وقت قصير من بدء الاحتجاجات في فبراير
وغالبا ما تتبع حملات التضليل الإلكترونية حول الشرق الأوسط التحالفات الإقليمية التي نشأت بعد مقاطعة قطر عام 2017، والتي أثار دعمها للإسلاميين في الشرق الأوسط غضب مجموعة دول تتألف من السعودية والإمارات والبحرين ومصر.
وحظر موقع تويتر الإعلانات السياسية مؤخرا، ويقوم النظام الأساسي بتطهير الحسابات المزيفة بشكل روتيني، على الرغم من أن المحتوى الأساسي لا يزال مسموحا به. وتعرضت شركة فيسبوك للانتقادات لرفضها حظر الإعلانات السياسية المزيفة على موقعها الاجتماعي.
وأثار موقع فيسبوك أيضا انتقادات من الناشطين في الشرق الأوسط بسبب عجزه عن ضبط المعلومات المضللة التي تنتشر على شبكته. وفي الجزائر، حيث يفضل المتظاهرون استخدام فيسبوك على تويتر لنشر أخبار المظاهرات ضد النظام المدعوم من الجيش، بدأ النشطاء يلاحظون ما يسمونه “الذباب الإلكتروني” بعد وقت قصير من بدء الاحتجاجات في فبراير.
ويقول رؤوف فرح، ناشط ومعلق جزائري مقيم في كندا “الذباب الإلكتروني عبارة عن ملفات تعريف وصفحات عبر الإنترنت، سواء تم التعامل معها من قبل أناس حقيقيين أو روبوتات، تنشر الدعايا نيابة عن النظام. وغالبا ما يتم تعريفهم بأنهم العنصر الإلكتروني للثورة المضادة”. وباتت المشكلة واسعة الانتشار إلى درجة أن مجموعات فيسبوك موجودة الآن فقط لتتبع هذه الظاهرة.
وأصبح موقع فيسبوك أيضا مكانا لتقويض الديمقراطية في تونس، حيث كان يُعتبر ذات يوم أداة أساسية يستخدمها المتظاهرون المؤيدون للديمقراطية الذين أطاحوا بنظام زين العابدين بن علي خلال الربيع العربي 2011. وكشف تقرير صادر في سبتمبر عن منظمة ديموكراسي ريبورتينغ إنترناشيونال، وهي مجموعة بحثية ألمانية، أن الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تونس هذا العام تزامنت مع زيادة في المحتوى السياسي الذي نشرته صفحات فيسبوك دون روابط رسمية إلى أي حزب
أو مرشح.
وفي شهر مايو، أعلن فيسبوك أنه أزال 265 حسابا على فيسبوك وعلى إنستغرام ومجموعات أخرى متورطة في نشر سلوك غير لائق بشكل منسق. وفقا لموقع فيسبوك، نشأ هذا النشاط غير اللائق في إسرائيل والدول المتأثرة مثل نيجيريا وأنغولا، وكذلك تونس.
لكن إغلاق إحدى صفحات فيسبوك في تونس، التي كانت تسمى “أوقفوا التضليل والأكاذيب في تونس”، أعطى انطباعا محيرا عن كيفية حل مشكلة التضليل الإلكتروني.