التضخم في تونس عند ذروة ثلاثة عقود

تونس- قفز التضخم السنوي في تونس عند قمة ثلاثة عقود وسط زيادات حادة في أسعار السلع، نتجت بشكل رئيسي عن تبعات الحرب الروسية – الأوكرانية التي تسببت في ارتفاع تكاليف الشحن والإمدادات والإنتاج بشكل غير مسبوق.
وأظهرت بيانات معهد الإحصاء أن معدل التضخم السنوي ارتفع إلى 8.1 في المئة في يونيو الماضي من 7.8 في المئة بنهاية الشهر السابق.
وتأتي هذه النسبة بعد منحى تصاعدي منذ سبتمبر الماضي. وكان التضخم في حدود 7.5 في المئة في أبريل الماضي ونحو 7.2 في المئة في مارس الماضي.
ورفع البنك المركزي سعر الفائدة الرئيسي 75 نقطة أساس إلى سبعة في المئة في مايو من 6.25 في المئة من أجل احتواء التضخم، لكن يبدو أن تحركه لم يحقق الأهداف المرجوة.
ويقول اقتصاديون إن هذا الأمر يعني أن البنك المركزي قد يضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى خلال هذا الصيف إن استمرت أسعار الاستهلاك بالصعود.
8.1
في المئة نسبة التضخم في يونيو الماضي قياسا بنحو 7.8 في المئة في الشهر السابق
ويعود هذا الصعود إلى تسارع وتيرة ارتفاع أسعار الأغذية والمشروبات من 8.2 في المئة إلى 9.5 في المئة والأثاث والتجهيزات والخدمات المنزلية من 8.4 في المئة إلى 9.7 في المئة وأسعار خدمات الترفيه والثقافة من 5.5 في المئة إلى 6.3 في المئة.
وأسعار المستهلك في الأسواق المحلية قريبة من أعلى مستوى مسجل منذ ثلاثين عاما تقريبا وبالتحديد منذ عام 1993، بحسب بيانات التضخم التاريخية.
ويذكر أن تونس شهدت في مطلع ثمانينات القرن الماضي مستويات تضخم قياسية تجاوزت حوالي 16 في المئة.
وتشهد تونس أزمة اقتصادية حادة زادت من حدتها تداعيات تفشي جائحة كورونا وارتفاع تكلفة استيراد الطاقة والمواد الأساسية جراء الأزمة الروسية – الأوكرانية.
وفي مارس الماضي خفضت وكالة فيتش الدولية للتصنيف الائتماني، تصنيف تونس السيادي من بي- إلى سي.سي.سي، وهي درجة تعكس مخاطر السيولة المالية والخارجية المتزايدة بسبب التأخير في الاتفاق على برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي.
وتسعى تونس للحصول على حزمة إنقاذ من الصندوق قيمتها أربعة مليارات دولار، فيما تشترط المؤسسة المانحة على تونس تحقيق التوافق والاستقرار السياسي، للتفاوض حول الأمر.
وبدأت بعثة من الصندوق الاثنين الماضي زيارة رسمية إلى تونس للشروع في مفاوضات بشأن برنامج مساعدة للبلاد التي تمر بأزمة اقتصادية.
وأفاد المركزي أن الزيارة الرسمية التي ستتواصل لأسبوعين، ستخصص للتفاوض من أجل برنامج تمويل جديد. ويشارك في المفاوضات بشكل خاص البنك المركزي ووزارة المالية والاقتصاد.
وتتركز النقاشات مع فريق صندوق النقد حول برنامج الإصلاحات الذي تقترحه الحكومة برئاسة نجلاء بودن، ويشترط الصندوق أن يترافق القرض مع تنفيذ إصلاحات جذرية.

ويقدّر خبراء أن يبلغ حجم القرض نحو ملياري يورو. وطلبت تونس هذا القرض لمساعدتها في التعامل مع أزمة مالية حادة تفاقمت مع اندلاع الحرب في أوكرانيا في أواخر فبراير الماضي وليس كما تشير بعض التقارير إلى أن له علاقة باحتكار الرئيس قيس سعيّد للسلطتين التنفيذية والتشريعية من يوليو الماضي.
واقترحت الحكومة على صندوق النقد خطة إصلاح تنص على تجميد رواتب موظفي القطاع العام وخفض دعم سلع أساسية وإعادة هيكلة شركات عامة.
لكن الاتحاد العام التونسي للشغل النافذ، وهو أكبر نقابة عمالية بالبلاد، رفض خطة الإصلاحات الحكومية التي طالب بها الصندوق.
وكان سعيّد قد أشار عند استقباله مدير قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بالصندوق جهاد أزعور الشهر الماضي إلى “ضرورة إدخال إصلاحات كبرى” لكنه أكد وجوب “مراعاة الأبعاد الاجتماعية”.
وأشار فريق الصندوق الذي زار تونس في مارس الماضي إلى “التحديات البنيوية الكبرى” التي تواجه البلد في ظل “اختلالات عميقة في الاقتصاد، ونمو ضعيف للغاية رغم إمكاناتها القوية، ومعدل بطالة مرتفع للغاية، واستثمار ضعيف للغاية، وتفاوتات اجتماعية”.
ويضاف إلى هذه الصعوبات تأثير الحرب في أوكرانيا التي تسببت في ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية.