التضخم العالمي يُنعش تجارة الملابس المستعملة

لندن - دفعت موجة التضخم الجامح في أسواق العالم جراء الأزمة في شرق أوروبا الكثير من المستهلكين إلى سوق الملابس المستعملة التي أعطت هذه التجارة حركية غير مسبوقة.
ومع تزايد عدد الأشخاص الذين يشترون الملابس والأحذية والإكسسوارات من البالة (بسطة البضائع المستعملة)، وصل حجم مبيعات هذه السلع في العالم إلى 177 مليار دولار خلال العام الماضي.
وبحسب تقرير حديث أصدره متجر البضائع المستعملة عبر الإنترنت ثريد أب إنك، يمثل ذلك الرقم زيادة بنسبة 28 في المئة مقارنةً بالعام السابق.
وعزا معدو التقرير هذه الطفرة إلى ارتفاع أسعار المنتجات من المصانع بسبب التكاليف الباهظة، الأمر الذي ساهم في قيام المزيد من تجار التجزئة بتطوير عروض للسلع المستعملة أو عروض إعادة البيع، بالإضافة إلى زيادة الوعي بعادات التسوق المستدامة.
وتمثل هذه المعطيات مؤشرا على أن ثمة نموا إضافيا يلوح في الأفق، إذ تتوقع ثريد أب، التي تعتمد على الأبحاث والبيانات من شركة تحليلات البيع بالتجزئة غلوبال داتا، أن تتضاعف مبيعات السلع المستعملة العالمية عملياً إلى 351 مليار دولار بحلول عام 2027.
وقال جيمس راينهارت، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة ثريد أب في مقابلة مع بلومبرغ غرين “من الواضح أن إعادة البيع ليست مجرد موضة”.
وفي الوقت الذي يرى المستهلكون أن في تسوّق السلع المستعملة قيمة، يقول راينهارت إن العلامات التجارية تنظر أيضاً إلى "إعادة البيع" على وجه الخصوص باعتبارها أمراً مهما بشكل متزايد لأجندة الاستدامة الخاصة بها.
ويضيف "عندما أتحدث إلى العلامات التجارية اليوم، لا يتم التساؤل عما إذا كانت ستشارك في إعادة البيع، بل عن كيفية القيام بذلك".
ويمكن لشركات الأزياء التي تتطلع إلى تقليل انبعاثاتها وآثارها الناجمة عن البلاستيك وتلك الضارة بالمياه أيضا، محاولة معالجة هذه المشكلات في وقت واحد بدعم الاستخدام المستمر لمنتجاتها الحالية عبر إعادة البيع، ما يضمن تدفقاً إضافياً للإيرادات.
لكن محللين يسلطون الضوء على ما إذا كان ظهور نماذج الأعمال المتعلقة بالسلع المستعملة، وغيرها من نماذج الأعمال الدائرية التي تراعي تقليل التكاليف البيئية والاجتماعية، سيُخفّض أيضاً عدد العناصر الجديدة التي يجري إنتاجها أو طلب المستهلكين على السلع الجديدة.
ووفقا لمسح غلوبال داتا لما يقرب من ثلاثة آلاف شخص في الولايات المتحدة، فإن المتسوقين الأكثر انجذابا لإعادة البيع هم أفراد الأجيال الأصغر سنا.
ولاحظ المسح اهتمام الجيل زد، الذي يتكون من المواليد خلال فترة ما بين منتصف تسعينات القرن الماضي ومنتصف العقد الأول من الألفية الثانية، بهذه السوق.
وأكد 83 في المئة من المشاركين في المسح من الجيل زد أنهم تسوقوا بالفعل لشراء الملابس المستعملة، أو كانوا منفتحين على هذا الأمر، ما جعل راينهارت يقول إن “هذا نشاط بالتأكيد يحظى بشعبية لدى فئة الشباب”.
ودعمت مجموعة المستهلكين هذه إلى حد كبير صعود الأزياء السريعة والفائقة السرعة، أي تلك التي تنتقل بسرعة من التصميم إلى متاجر البيع، ما يساعد على تفسير سبب تبني حتى الشركات الكبرى الآن بيع السلع المستعملة في المتاجر وعبر الإنترنت.
وشرعت شركة شيين، وهي شركة صينية للبيع بالتجزئة ساعدت على زيادة فاعلية نموذج الأزياء السريعة، في إعادة البيع العام الماضي من خلال منصتها الإلكترونية الخاصة بها شيين إكستشينج.
وفي مارس الماضي أعلنت أتش آند أم أنها ستُطلق منصة إعادة البيع عبر الإنترنت مع ثريد أب، وقالت الشركة في التقارير السنوية الأخيرة إنها تتوقع أن يفضل المستهلكون المهتمون بالمناخ منتجات أكثر استدامة في المستقبل.
◙ 177 مليار دولار مبيعات القطاع في 2022 بنمو 28 في المئة بمقارنة سنوية وفق ثريد أب إنك
ويعتقد خبراء أنه يمكن أن يكون هذا التحول المحتمل في تفضيلات المستهلكين، بالنسبة إلى كل شركة، إما ضربة كبيرة للمبيعات المستقبلية، وإما على الأرجح فرصة قد يجني منها المستفيدون وأصحاب المصلحة المزيد من الإيرادات والنمو.
ومن بين أكبر المصدرين للملابس المستعملة العديد من الدول الأوروبية، وإن كانت الصين لا تزال تهيمن على هذه السوق الآخذة في النمو.
وبحسب منصة سويس أنفو تقوم تكس إيد السويسرية، التي تعد أحد رواد العالم في تدوير الملابس في أوروبا، بنقل الملابس وفرزها في مصانع موجودة في ألمانيا وبلغاريا والمجر.
وتتم إعادة تدوير الأقمشة، التي تعرّضت للتلف الشديد بحيث لا يمكن بيعها، إلى خرق أو العزل. أما باقي المنسوجات فيتم إحراقها في البلدان التي تجري فيها عمليات فرزها. وبمجرد انتهاء هذه المرحلة تتم إعادة بيع جزء كبير منها في الخارج.
ووفقا لمارتن بوشين، مدير شركة تكس إيد، يتم تصدير 50 في المئة من ملابس هذه الشركة الأوروبية بشكل أساسي إلى آسيا وأفريقيا. وعلى سبيل المثال تستورد كينيا، التي تعد أحد أكبر مستوردي السلع المستعملة في أفريقيا، كل عام 185 ألف طن.